كيف تأثرت إيجارات المكاتب في مصر بـ "كوفيد-19"؟ تسارع نمو عدد مساحات العمل والمكاتب المشتركة في مصر بقوة منذ ظهورها للمرة الأولى عام 2010. وعلى الرغم من أنها بدأت كخدمة رخيصة الثمن للشركات الناشئة والعاملين بالقطعة، إلا أنها أصبحت أكبر وأكثر تنوعا لتشمل الآن العديد من الشركات متعددة الجنسيات وكبرى الشركات المحلية. وساعدت تلك المساحات أيضا الشركات الصغيرة والمتوسطة على التغلب على ارتفاع أسعار إيجارات المكاتب حسبما تناولنا في عددي هاردهات السابقين (الجزء الأول والجزء الثاني).
كيف تعامل ذلك القطاع في ظل إجراءات التباعد الاجتماعي والمصاعب الاقتصادية المصاحبة لـ "كوفيد-19"؟ قد يكون قد تلقى ضربة اقتصادية ولكن تمكن معظم العاملين في القطاع من التأقلم من أجل التعافي. ويقول البعض إن على المدى الطويل سيصبح القطاع أكثر تنافسية وتوفيرا لخدمات أفضل.
وشهدت معظم المكاتب المشتركة انخفاضا في الإيرادات ما بين أبريل ويونيو في ذروة تفشي "كوفيد-19"، لتتلقى الكثير منها ضربات اقتصادية قوية. ويقول المؤسس المشارك لشركة "المقر"، شريف أشرف، "لم نتلق أي تجديدات أو عملاء أو أعضاء جدد وشهدنا انخفاضا بنسبة 80% قبل العودة للتعافي في يوليو. ويقول مؤسس شركة "مكانك"، محب زكي، إن شركته أيضا شهدت انخفاضا في الإيرادات بنسبة 50% خلال نفس الفترة.
وتتفاوت درجة التأثر بحسب عدة عوامل بينها طبيعة الشركات الموجودة. فالعديد من الشركات الناشئة واجهتها صعوبات في دفع الإيجار، ولكن كان تأثير رحيل شركة كبيرة كـ "أوبر إيتس" من مصر في مايو الماضي أكبر على "جريك كامبس" من خسارة شركات ناشئة أصغر، بحسب المدير المجتمعي للـ "جريك كامبس" محمد الأمير. وأدى ارتفاع الطلب على المساحات المكتبية التي توفرها الشركة لإقبال العديد من الشركات الناشئة الصغيرة على ملء المساحات التي تركتها الشركات الكبيرة، بحسب الأمير. ويقول المدير العام لشركة "Hive"، سيف القاضي، إن التأثير كان ضعيفا على الإيرادات، لأن عملاءها من الشركات التي وصفها بالـ "ناضجة" قادرة على تحمل الصدمات المالية بشكل أكبر وتحمل فترات من عدم اليقين اقتصاديا. ويضيف القاضي "ومع ذلك فالشركات تهدف لجني الأرباح، وإذا لم تؤمن بقيمة الخدمات التي نقدمها، فلم تكن لتكمل معنا".
وتحملت بعض الشركات أعباء مالية إضافية حتى لا تغلق أبوابها. وخلال أحد الاجتماعات لمناقشة إجراءات "كوفيد-19" اقترح موظفو "مكانك" تقليل مرتباتهم لمدة 3 شهور بنسبة 40%، بحسب زكي. ويضيف "قمت بخصم 60% من مرتبي الشخصي وخفضنا من إيجارات العملاء بنسبة 33% خلال تلك الفترة كنوع من الدعم الإضافي". ومنحت بعض الشركات الأخرى تأجيلات لسداد الإيجارات أو خدمات إضافية بأسعار أقل، طبقا لمصادر.
كما تستمر الإجراءات الإضافية للحفاظ على الصحة والأمن، وتقول مصادر لإنتربرايز إن المستأجرين ملتزمين بقواعد السلامة وبينها ارتداء الكمامات وتقليل عدد الموظفين في المكان، كما تستمر أعمال التعقيم الدورية. وقامت "جريك كامبس" لافتتاح عيادة طبية مع تواجد ممارس عام لمدة 4 أيام أسبوعيا لتقديم الدعم الطبي مع التركيز على ما يتعلق بالوقاية من "كوفيد-19"، وفقا للأمير.
كان لا بد من خفض التكاليف وتنويع الخدمات لمواجهة العاصفة: أغلقت "مكانك" اثنين من مقارها في المعادي بشكل دائم لتقليل الخسائر الإجمالية، لكنها افتتحت مقرا جديدا في موقع رئيسي بالإسكندرية ونقلت إليه أصول فرعي المعادي مثل مكيفات الهواء والأثاث والمعدات الأخرى، وفقا لزكي، الذي يوضح أن الشركة تقدم الآن خدمات إدارة المرافق لشركات أخرى لتنويع مصادر إيراداتها. أما شركة المقر فأغلقت جزئيا (ومؤقتا) اثنين من فروعها الأربعة في ذروة الموجة الأولى للجائحة، حسبما يقول أشرف، مضيفا: "تركنا فرعين فقط مفتوحين لأعضائنا الذين يستأجرون مساحات مكتبية، وتوقفنا عن استضافة زائرين آخرين أو أي فعاليات". العامل الأساسي في اختيار الفرعين المفتوحين كان التهوية الجيدة، وهو ما يتضح في فرع البحر الأحمر الذي يضم الكثير من المساحات المفتوحة، بحسب أشرف.
الآثار قصيرة المدى للوباء تتضمن بعض التأخير في خطط التوسع: تأخرت خطط كل من "مكانك" و"المقر" لعدة أشهر، وفقا لزكي وأشرف. ويؤكد أشرف أن الوباء أثر على الجدول الزمني للشركة، ولكن ليس الخطط نفسها. أما "مكانك" فكانت تخطط للنمو من 12 إلى 20 فرعا في عام 2020، لكنه هدف طموح لم يكن من الممكن تحقيقه بحسب زكي. إلا أن الشركة تمكنت من فتح فروع جديدة في الإسكندرية والقاهرة الجديدة، بالإضافة إلى خطة افتتاح فرع في العاصمة الإدارية الجديدة في عام 2023.
لكن "كوفيد-19" سلط الضوء أيضا على قيمة المساحات المكتبية المشتركة: كان القطاع جذابا بالفعل بسبب المرونة التي يوفرها للشركات للتوسع وتقليص الحجم والعمل بسهولة من مواقع مختلفة، كما يقول القاضي، موضحا أن الوباء جاء ليرفع من قيمة القطاع: "اتضح أنه في أوقات الأزمات، تنخفض إنتاجية المكاتب الكبيرة للغاية وتصير عبئا من حيث تكاليف التشغيل، لذلك سيرغب العملاء في حلول أكثر مرونة (مثل المساحات المشتركة)".
بينما التغييرات في القطاع نفسه تعزز من قدرته التنافسية في مصر: الضربة الموجعة التي تلقاها الاقتصاد جراء "كوفيد-19" ألحقت أضرارا كبيرة بالعديد من مساحات العمل والمكاتب المشتركة، وهو ما سيؤدي إلى موجة من عمليات الدمج والاستحواذ، كما تخبرنا المصادر. ومن المنتظر أن ينخفض عدد الشركات على المدى الطويل، إلا أن المقار التي تتمكن من الاستمرار ستحصد الجائزة في النهاية، كما يقول القاضي. سيكون هناك تنوع أقل في السوق، لكن زكي يثق في أن الشركات المندمجة ستصير أقوى وأكثر قدرة على التنافس مع لاعبين راسخين في السوق مثل مكانك.
هل هناك احتمال أن تحتل الشركات الكبرى المكاتب المشتركة وتطرد الشركات الصغيرة والمتوسطة كما فعلت مع المكاتب العادية؟ لا، حسبما تقول المصادر، فالشركات الكبيرة ومتعددة الجنسيات تميل إلى استثمار الكثير من الأموال في مكاتبها الخاصة. لذا ففي حين أنه من الممكن أن يدخل العمل عن بعد في نظام العمل بعد الجائحة ولو بنسبة قليلة، فإنه من غير المرجح أن يؤدي الوباء إلى نزوح جماعي للمساحات المكتبية أو تقليص حجم المكاتب الكبيرة، كما يقول الأمير.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).