إلى متى سيظل الإنترنت فائق السرعة حلما؟ منذ عام 2012 شرعت الحكومة في تنفيذ إصلاحات كبيرة للبنية التحتية الرقمية من خلال استبدال كابلات الإنترنت النحاسية التقليدية بشبكة ألياف ضوئية عالية السرعة وأكثر شمولا. تولت المصرية للاتصالات زمام هذه المبادرة لتحديث البنية التحتية الرقمية، والتي تضمنت توسعات في أنحاء البلاد بما في ذلك المناطق الريفية. في هذا العدد من هاردهات، نسلط الضوء على ما تقوم به المصرية للاتصالات في هذا الصدد، ولماذا على الرغم من الانتهاء تقريبا من تنفيذ الخطة، تظل سرعات الإنترنت الثابت بطيئة في مصر.
ما سبب استبدال شبكة الكابلات النحاسية بالألياف الضوئية؟ تنتقل البيانات عبر كابلات الألياف الضوئية بسرعة تصل إلى 20 ضعف سرعتها عبر النحاس العادي لتصل إلى جيجابت في الثانية، مقارنة بمتوسط سرعة قدره 50 إلى 100 ميجابت عبر الكابلات النحاسية وفق إتش بي. السبب في أن الألياف الضوئية تفوق في سرعتها وموثوقيتها شبكتنا التقليدية لأن الكابل النحاس ترتفع حرارته وتصل إلى تداخل أثناء نقل إشارات الإنترنت، بينما يقوم الفايبر بتقسيم الملفات إلى حزم بيانات يتم نقلها في أطياف من الضوء فوق زجاج رقيق أو ألياف بلاستيكية موجودة داخل غلاف واقي، وهذا بجعل هذا الألياف الضوئية أقل عرضة لهبوط السرعة من قبل مزودي الخدمة أثناء ذروة الاستخدام.
بدأت خطة إحلال الفايبر محل النحاس في نحو 34 مليون منزل في 2012 والتي بلغت استثماراتها حتى الآن 37 مليار جنيه بوتيرة بطيئة في السنوات الأولى، ثم اكتسبت زخما وتسارعت وتيرتها فيما بعد. تظهر البيانات الشركة المصرية للاتصالات أنها قامت بتوصيل الفايبر إلى 9.7 مليون حتى عام 2016، ثم ارتفع الرقم إلى 12.6 مليون في 2017 و 17.6 مليون في 2018، وبعدها حققت الشركة قفزة في معدل الإحلال بإضافة 10 ملايين في 2019 ليصل الرقم الإجمالي إلى 27.7 مليون منزل، وفق ما ذكرته مدير علاقات المستثمرين بالشركة سارة شبايك لإنتربرايز. وخلال 2020، وصلت المصرية للاتصالات الفايبر إلى 3 ملايين منزل إضافية رغم الجائحة وفترة الإغلاق، ليصل الرقم الإجمالي إلى 30.8 مليون منزل.
إلى أين وصل المشروع اليوم؟ انتهت الشركة المصرية للاتصالات من توصيل 90% تقريبا من المستهدف، وهو ما ترتب عليه توصيل نحو 30.8 مليون منزل لأقرب نقطة بشبكة الألياف الضوئية الجديدة، طبقا لما ذكرته شبايك. وتابعت "يمكن القول إن المصرية الاتصالات انتهت من الخطة، قمنا بتغطية نحو 90% من المناطق التي يجب توصيل الفايبر إليها بدلا من النحاس.. النسبة المتبقية ليست ذات جدوى اقتصادية في الوقت الراهن لأنها تقع في مناطق نائية وكثافتها السكانية منخفضة، لكن يمكن إحلال الفايبر بها محل النحاس في وقت لاحق مع زيادة الكثافة السكانية في تلك المناطق". ووفق حساباتنا في إنتربرايز يتبقى نحو 4.22 منزل في انتظار توصيلها بشبكة الألياف الضوئية الجديدة.
ربما يكون صندوق الخدمة الشاملة بجهاز تنظيم الاتصالات أحد مصادر تمويل توصيل الفايبر للمنازل المتبقية. يحصل الصندوق إيراداته من رسوم سنوية يلتزم بدفعها جميع مشغلي خدمات الاتصالات في البلاد بموجب التراخيص، وفق ما أوضحته شبايك. يهدف الصندوق إلى إتاحة خدمات الاتصالات الأساسية العامة لجميع أفراد المجتمع، لا سيما في المناطق التي لا تتحقق فيها جدوى اقتصادية من تقديم هذه الخدمات. وتسهم الموازنة العامة للدولة في تمويل بعض المبادرات التي تهدف لتوصيل تلك الخدمات للمناطق النائية.
وهناك مبادرة أخرى لإنشاء شبكة الفايبر في الريف ستخدم نحو 65 مليون مواطن: ستقدم مبادرة الدولة "حياة كريمة" التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية في الريف المصري، دعما من ميزانية الدولة قيمته 5.6 مليار جنيه لتوصيل الفايبر إلى نحو مليون مبنى سكني و14 ألف مبنى حكومي في 1400 قرية في أنحاء البلاد، وفق بيان لوزارة الاتصالات. سيستفيد نحو 65 مليون شخص من خدمات الإنترنت فائق السرعة بعد إنشاء شبكة الفايبر الريف المصري، وهو ما سيسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة، وستمكن المواطن من التمتع بخدمات الإنترنت فائق السرعة، وفق ما ذكره إيهاب سعيد، رئيس الشعبة العامة للاتصالات والمدفوعات الإلكترونية والخدمات المالية بالاتحاد العام للغرف التجارية لجريدة الدستور.
لكن مؤشر Ookla Speedtest العالمي لقياس متوسط سرعات الإنترنت الأرضي يظهر تراجع السرعات في البلاد: انخفض متوسط سرعات الإنترنت الثابت في مصر إلى 41.45 ميجابت في الثانية في يوليو، نزولا من 42.42 ميجابت في الثانية في يونيو، وفق المصري اليوم. كما تراجع ترتيب مصر العالمي مركزا واحدا في يوليو لتحتل المرتبة الـ 92 عالميا مقارنة بالمركز 91 في يونيو حينما تجاوز متوسط السرعات في البلاد المتوسط العالمي البالغ 40 ميجابت في الثانية.
قفزت مصر إلى المركز الثالث في متوسط سرعات الإنترنت في القارة الأفريقية خلال يونيو الماضي، مقارنة بالمركز الرابع بمتوسط سرعة إنترنت 38.63 ميجابت في الثانية خلال مايو الماضي. وقالت وزارة الاتصالات في العام قبل الماضي إنها تستهدف زيادة متوسط سرعات الإنترنت الأرضي إلى 40 ميجابت في الثانية بنهاية 2020، وحينها بلغ متوسط سرعة التحميل نحو 31.4 ميجابت في الثانية.
إذا لماذا لا يشعر ملايين المستخدمين بتحسن الخدمات؟ لا يقتصر الأمر على توصيل كابلات الفايبر وحسب. وتقول شبايك "يجب الفصل بين أسلاك الكهرباء وأسلاك الإنترنت الأرضي بحيث يكون كل منها في سلك بلاستيك لتفادي التداخل الكهربائي مع سرعات الإنترنت"، وهو ما يهدر مكاسب شبكة الألياف الضوئية.
وهناك أيضا مشكلة تقادم أجهزة الراوتر: يبلغ العمر الافتراضي لأجهزة الراوتر 5 سنوات كحد أقصى، ويجب استبدالها بعد انقضاء تلك الفترة كي تواكب أحدث تكنولوجيات الإنترنت. تحملت المصرية للاتصالات غالبية تكلفة إحلال الراوترات ونظمت حملات توعية على وسائل التواصل الاجتماعي لحث المستخدمين على استبدال الروترات المتقادمة الخاصة بهم بأخرى حديثة، طبقا لشبايك.
وما الحل؟ أن تصبح كافة المباني الجديدة مؤهلة لشبكة الفايبر الجديدة. اعتبارا من أبريل الماضي، أصبح قيام العميل بإنشاء المسارات الداخلية في المبنى والتي تمكن مقدم الخدمة من مد شبكة الألياف الضوئية الخاصة بالاتصالات مطلبا للحصول على التراخيص الخاصة ببناء العقارات الجديدة كسائر المرافق الأخرى. لم يتم توضيح المطلب بشكل صريح في قانون البناء الموحد الجديد للحكومة، لكن من المتوقع أن يكون كود البناء الجديد أوسع نطاقا وأن يخرج إلى النور في المستقبل القريب، ما يرجح أن متطلبات البنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ستدرج في اللوائح الجديدة.
تحسين خدمات الإنترنت أصبح أكثر إلحاحا من أي وقت مضى: منذ بداية تفشي الجائحة، تحول العديد من مناحي الحياة اليومية إلى الإنترنت، وقفز الطلب على الإنترنت فائق السرعة في البلاد. ومع تنامي الاهتمام بالخدمات الرقمية سواء التعليم أو الصحة أو التجارة الإلكترونية أو التوصيل وحتى الترفيه، والتي أصبحت بمثابة الواقع الجديد الذي فرضته الجائحة، أصبح إصلاح البنية التحتية للإنترنت وتعزيز وصول تلك الخدمات إلى المناطق الريفية أمرا طال انتظاره.
التحدي الذي يواجه الشركة المصرية للاتصالات في الفترة المقبلة يتمثل في نشر شبكات تعتمد على تكنولوجيا يمكنها أن تستمر لفترة أطول ويمكنها تلبية احتياجات العملاء المتنامية لضمان عدم إرهاق الشركة على الصعيد الاستثماري في تحديث الشبكات فترات متقاربة.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).