السياحة البيئية تحظى باهتمام كبير الآن، ولكن ما حجم هذه الصناعة الناشئة في مصر؟ تتمتع مصر بثروة من عوامل الجذب الطبيعية المنتشرة عبر ثلاث صحارى وبحرين ودلتا النيل، ما يجعل مصر مليئة بوجهات سياحية أكثر استدامة. بدأت الحكومة في السنوات الأخيرة الحديث عن أهمية رعاية مناطق السياحة البيئية في مصر بشكل أفضل في استراتيجيتها لإنعاش صناعة السياحة بشكل عام. وبينما كانت هناك بعض الجهود المبذولة في هذا الصدد، يقول المشغلون إن بعض العقبات الأساسية لا تزال تقف في طريق الاستفادة من هذه الإمكانات بشكل كامل. إذًا، ما هي حالة السياحة البيئية في الوقت الحالي وما مقدار ما تفعله الحكومة لدعم الانتقال إلى السياحة المستدامة؟
من الصعب تحديد حجم صناعة السياحة البيئية في مصر، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى أن ما يعتبر "سياحة بيئية" غير واضح. هناك مبادئ عامة: التقليل من التأثير البيئي الضار، والحفاظ على المناطق الطبيعية، وحماية الثقافة الأصلية كلها مكونات أساسية لهذا النوع من السياحة. ولكن لا توجد قواعد ولوائح موحدة، ما يعني أن المشغلين هم من يحددون ويقررون أن ممارساتهم سليمة بيئيا.
في مصر، تشير السياحة البيئية عموما إلى أماكن الإقامة منخفضة الكربون مثل الفنادق البيئية و"الكامبات" التي تقع في العديد من المواقع السياحية ذات الطبيعة الخاصة. بالنسبة إلى بساطة – أحد أقدم أماكن الإقامة الصديقة للبيئة في سيناء – تعني السياحة البيئية استخدام المياه العذبة باعتدال، وفرز القمامة والمشاركة مع المجتمع المحلي. "نستخدم نظام سباكة مزدوج، إذ تستخدم المياه المالحة للمراحيض وأنشطة التنظيف والمياه العذبة للاستحمام"، حسبما أخبرنا شريف الغمراوي مؤسس كامب بساطة لانتربرايز. يذهب جزء من نفايات طعامهم إلى إطعام الماشية وأي بقايا تستخدم لتصنيع الطوب اللبن في المكان، الذي يستخدمونه لبناء مبان جديدة.
في سيوة، الفلسفة متشابهة. يقول الدكتور منير نعمة الله، مؤسس الفندق البيئي الفاخر أدرير آملال وشركة استشارات التنمية المستدامة إي كيو آي: "إنشاء وجهة سفر مستدامة يستند على ثلاث ركائز رئيسية: احترام التراث الطبيعي، واحترام التراث المحلي والمشاركة مع المجتمع المحلي".
يؤكد المشغلون أن الاهتمام موجود: "أعتقد أن الناس يريدون تجربة الطبيعة والإقامة في فندق بيئي ولكن لا يوجد الكثير منها حاليا"، كما يقول الغمراوي. وأوضح الغمراوي أن الفنادق البيئية و"السكن شبه البيئي"، حسبما وصف بعض الكامبات في نويبع وطابا، تجتذب في الواقع عددا أكبر من الزائرين مقارنة بالفنادق في المنطقة.
وتشير الأرقام الرسمية إلى تقدير متزايد لجمال الطبيعة المصرية: فقد زار نحو 1.1 مليون سائح المحميات الطبيعية بين عامي 2018 و2021، وهو أكبر بأكثر من 5 أضعاف ما توقعته وزارة البيئة. في العام المالي 2020/2019 بلغت إيرادات رسوم زيارة المحميات الطبيعية 30 مليون جنيه، بزيادة ثلاث أضعاف في الإيرادات خلال أربع سنوات.
هذا جزء من اتجاه عالمي: قدرت صناعة السياحة البيئية العالمية في عام 2019 بقيمة 181.1 مليار دولار في عام 2019، ومن المتوقع أن تصل إلى 333.8 مليار دولار بحلول عام 2027. وتبلغ قيمة السياحة البيئية في أفريقيا وحدها نحو 29 مليار دولار سنويا وتوظف 3.6 مليون شخص، وهو قطاع شديد الأهمية في جهود الحفاظ على البيئة والتنمية الاقتصادية في الأجزاء النائية من القارة.
ماذا فعلت الحكومة حتى الآن لدعم السياحة البيئية؟ على مدار العامين الماضيين، بدأت الحكومة في التحدث علنا عن أهمية استخدام مواردنا الطبيعية بشكل أفضل في الأنشطة السياحية. أطلقت وزارة البيئة في وقت سابق من هذا العام حملة للسياحة البيئية، أطلق عليها اسم إيكو إيجيبت، للترويج لـ 13 محمية طبيعية من بين 30 محمية طبيعية في البلاد. وأخبرنا تامر كمال الدين، مدير عام محميات البحر الأحمر بوزارة البيئة، إن الحفاظ على سلامة المحميات الطبيعية من أهم أولويات الوزارة في الوقت الحالي. وبشكل أكثر تحديدا، تعمل الوزارة على تطوير نظام جديد لتسجيل ودراسة صحة النظم البيئية بدقة، وبناء السدود في مناطق الفيضانات مثل وادي دجلة، وتجهيز مواقع الغوص لحماية الشعاب المرجانية، وبناء أبراج لمراقبة الطيور في شرم الشيخ.
ما الذي يمكن فعله أكثر لدعم الصناعة؟ يقول الغمراوي إن وضع قواعد واضحة تحكم على وجه التحديد أنشطة الشركات في مجال السياحة البيئية سيكون بداية جيدة. وتشمل هذه اللوائح المتعلقة بأشياء مثل مدى قرب المباني من السواحل، والمواد التي يجب استخدامها وكيفية تنظيم الرحلات للزبائن. ويضيف أنه يعمل حاليا جنبا إلى جنب مع عدد من المشغلين على صياغة مجموعة من المبادئ التوجيهية لكيفية إدارة أعمال السياحة السليمة بيئيا.
القليل من المساعدة للشركات الصغيرة والمتوسطة: يقول الغمراوي إن تسهيل تسجيل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تركز على السياحة البيئية من شأنه أن يشجع تنشيط السياحة البيئية. بالنسبة لبعض المجموعات التي تدير عمليات برأسمال منخفض مثل الجولات المصحوبة بمرشدين في الجبال والوديان في جنوب سيناء، يكون من الصعب عليها الاستمرار دون تسهيلات حكومية. يقول الغمراوي: "ليس من المنطقي أن تخضع لنفس القواعد التي تلتزم بها عمليات السياحة الكبيرة". وهذا يتوافق تماما مع سياسة الحكومة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
الانطلاق في الصحراء: سهولة التنقل بين المعالم الطبيعية سيحدث قفزة كبيرة في دعم الصناعة، كما أخبرنا وائل عابد، صاحب محمية الطرفة الصحراوية في واحة الداخلة في الوادي الجديد. غالبا ما يكون دخول الوديان والمواقع الخارجية غير المصنفة كمحميات مقيدا بسبب الإجراءات الأمنية المتزايدة في المناطق النائية. يتفق كل من الغمراوي وعابد على أن تسهيل وصول الزائرين إلى هذه المواقع سيكون بمثابة دعم كبير لهذه الصناعة.
ويرى نعمة الله أن أهم شيء هو حملات التوعية حول الاستدامة والتنمية السليمة بيئيا.
المزيد من مشاركة القطاع الخاص في المحميات الطبيعية في الطريق. المحميات هي من الناحية الفنية أراض مملوكة للدولة لا يمكن بيعها لكيانات خاصة، ولكن منح حقوق التشغيل لفترات زمنية محدودة هو حاليا قيد الدراسة، وفقا لكمال الدين. لطالما دفعت مقترحات وزارة البيئة إلى تشريع يسمح للشركات الخاصة بإدارة المحميات، مثلما فازت بها شركة أوراسكوم للتنمية بحقوق إدارة هضبة الأهرامات. لكن حتى الآن لم يحدث الكثير على تلك الجبهة. اتخذت الخطوات الأولى نحو مشاركة القطاع الخاص في المحميات الطبيعية في وقت سابق من هذا العام بافتتاح مشروع "الخيمة البدوية" المملوك للقطاع الخاص في محمية الغابة المتحجرة في القاهرة الجديدة.
وتلك المشروعات ليست بالضرورة مدفوعة بالمساعي الخيرية. يقول نعمة الله "أي منتج جديد ينفذ جيدا لديه فرصة كبيرة للنجاح. الالتزام بالاستدامة هو شكل من أشكال العلامات التجارية لشركة بأكملها".
بينما لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لدعم السياحة البيئية بشكل أفضل، سيعتمد إنشاء صناعة مزدهرة ومستدامة في الغالب على الاتجاهات العالمية الأكبر مثل استئناف السفر الجوي العالمي والمزيد من الزوار الذين يدخلون البلاد. لكن الأكيد أن الطريقة الأفضل لضمان التزام الزائرين والمشغلين بالسفر المستدام يتطلب على الأرجح أكثر من مجرد حملات ترويجية.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).