لماذا لا تحظى خريجات كليات العلوم والتكنولوجيا بالتمثيل المناسب في سوق العمل؟ يشهد تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في مصر نهضة كبيرة. فمنذ عام 2011 ، أنشئ ما لا يقل عن 15 مدرسة ثانوية في العلوم والتكنولوجيا تابعة لوزارة التعليم. كما تركز العديد من الدرجات العلمية التي تقدمها فروع الجامعات الدولية على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وتدرك مصر أن تمثيل المرأة عالميا في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات منقوص، بحسب وزيرة التعاون الدولي، رانيا المشاط، التي دعت بشكل خاص إلى زيادة مشاركة الإناث في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
والخبر السار هو تقدم أداء مصر عن المتوسط فيما يتعلق بدراسة الفتيات للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وبلغت نسبة الفتيات 43% من طلاب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في مصر عام 2017 ، مقارنة بـ 35% فقط في بريطانيا وعلى مستوى العالم.
ونحو 50% من خريجي كليات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في مصر هم من الفتيات: شكلت الفتيات 47.2% من مجموع طلاب كلية العلوم بالجامعة المصرية في 2019/2018، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (بي دي إف). وشكلت الفتيات 48% من خريجي كليات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في مصر عام 2015، وفقا لتقرير البنك الدولي لعام 2018 (بي دي إف). ويظهر تقرير اليونسكو للعلوم لعام 2021 النسبة المئوية للخريجات حسب التخصص باستخدام بيانات 2018 وهي كالتالي: الزراعة 49.4%، الهندسة 20.9%، الصحة والرعاية 56%، العلوم الطبيعية 64.2%، والعلوم الاجتماعية والصحافة 41.3%، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات 36.8%.
والخبر السيئ هو أن هذا لا ينعكس على سوق العمل. فعلى الرغم من أن أعدادا متساوية تقريبا من النساء والرجال يتخرجون بشهادات العلوم والتكنولوجيا، إلا أن عددا أقل من النساء يعملن في وظائف متعلقة بتلك المجالات، وفقا لدراسة أجرتها بيفوت جلوبال إديوكيشن البريطانية في أبريل 2020 (بي دي إف) بتكليف من المجلس الثقافي البريطاني في مصر في مايو .2021 واستخدمت الدراسة بيانات نوعية من 22 امرأة يدرسن أو يعملن في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وإجابات استقصائية كمية عبر الإنترنت من 63 أخرى، تدعمها تقارير وبيانات محلية ودولية.
لماذا هذا التناقض؟ تقول الدراسة إن ذلك يعود لعدم إمكانية الوصول إلى سوق العمل والتحيز الجندري. ومن غير المرجح أن تشغل النساء مناصب في قطاعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في القطاع الخاص، خاصة أن ساعات العمل الطويلة لا تتوافق مع التوقعات الاجتماعية الأخرى التي يواجهنها. كما تميل النساء لشغل مناصب أكاديمية، عندما تكون ظروف العمل أكثر توافقا مع الحياة الأسرية. وتقول الدراسة إن دعم النساء لشغل مهن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات يتطلب تنفيذ سياسة أفضل، وتمويلا وظروف عمل أكثر مرونة. ويجب اتخاذ خطوات ملموسة للنهوض بالقيادة النسائية، بما في ذلك مسارات أوضح للترقية ومقاومة المعايير الجندرية الجامدة التي تثني النساء عن متابعة تخصصات مثل الهندسة.
لكن التمثيل في سوق العمل أقل بكثير: تمثل النساء الحاصلات على درجات علمية في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات 35.3% فقط من العاملين في المجالات العلمية في مصر، وفقا لنشرة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2017. وقال 67% من الطلاب المشاركين في دراسة المجلس الثقافي البريطاني في مصر إن أكثر من نصف نظرائهم من الإناث، مقارنة بـ 45% فقط من العاملين. ويشير التقرير إلى أن العاملات بدوام كامل في العلوم الطبيعية والرياضيات والهندسة يشكلن 18.44% فقط من القوى العاملة في القطاع العام.
حال النساء أفضل قليلا في العلوم، وأكثر من المتوسطات العالمية: نسبة 46% من إجمالي عدد الباحثين في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في مصر من النساء، وفقا لبيانات اليونسكو لعام 2018. ويبلغ متوسط النسبة المئوية العالمية للباحثات 33.3%، وفي العالم العربي 42.6%، وفي الاتحاد الأوروبي 33.8%.
لكن الباحثات ما زلن يفتقرن إلى دعم الدولة: شكلت النساء ما يقدر بنحو 54% من الباحثين في مراكز البحث العلمي في مصر عام 2018، لكن 15% منهن فقط حصلن على جوائز حكومية، و13% فقط سجلن براءات اختراع، بحسب ما أخبرنا به رئيس مجلس إدارة أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا محمود صقر.
كثير من النساء الراغبات في العمل بوظائف في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ينتهي بهن الأمر إلى المجال الأكاديمي. في تشير الدراسة التي أجراها المجلس الثقافي البريطاني إلى أن معظم المتخصصات في تلك المجالات يعملن كأساتذة ومحاضرات، بينما ينجح أقل من 10% منهن فقط في دخول مجال العمل. وقال من أجريت معهن المقابلات إن الطب والهندسة والبحث بالتحديد مجالات تنافسية، ويصعب الحصول على وظائف دائمة فيها. وتقول الدراسة إنه حتى الأوساط الأكاديمية، وهي أكثر قابلية للدخول من مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، يصعب على النساء العثور على وظائف دائمة وذات أجر جيد فيها.
نعم، تشغل النساء مناصب قيادية في مجال البحث، لكن الرجال لا يزالوا على القمة: يقسّم تقرير اليونسكو نسبة باحثات العلوم المصريات حسب الأقدمية باستخدام بيانات عام 2018، مشيرا إلى أن 51.2% منهن طالبات دكتوراه أو باحثات مبتدئات، و46.2% أساتذة مساعدون أو زملاء ما بعد الدكتوراه، و39.4% كبار باحثين أو أساتذة مشاركين، و35.5% مديرات بحوث أو أساتذة.
من الواضح أن التحيز بين الجنسين، وليس الأداء الأكاديمي، هو ما يمنع النساء من دخول الوظائف العلمية والترقي فيها. وتوضح دراسة المجلس الثقافي البريطاني أن عددا أقل من النساء يمارسن وظائف في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، مقارنة بحاملات الشهادات الدراسية في تلك المجالات، ويرجع هذا إلى حد كبير للأعراف الاجتماعية والتحيز في القطاع العلمي. ويعد التحيز الجندري سمة أساسية للحياة المهنية لمن شملتهم الدراسات، وهو ما يشمل الملاحظات التي يلقيها الزملاء، وتجاهل الترقية، وعدم مرونة ساعات العمل، والاستبعاد المتعمد.
المعايير الجندرية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات صارمة بشكل خاص: غالبا ما تثبط النساء في تلك المجالات عن المضي قدما في تخصصات معينة، مثل الهندسة أو بعض التخصصات في الطب والبحث. وتشير الدراسة إلى أن هذا ينطبق بشكل خاص على علم الأحياء وهندسة البترول وبعض المجالات الطبية، حيث تكون النساء على اتصال بأشخاص خارج أفراد الأسرة المباشرة.
ينعكس هذا على المؤشرات العالمية للمساواة بين الجنسين، حيث حصلت مصر على تصنيفات في التعليم أعلى من المشاركة الاقتصادية: جاءت مصر في المرتبة 129 في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين – 2021 (بي دي إف)، الذي يقيس الفجوات بين الجنسين في 156 دولة وفقا لأربعة معايير. تحتل مصر المرتبة 105 في مستوى التحصيل العلمي، بينما تحتل المرتبة 146 في المشاركة الاقتصادية.
إذا، كيف يمكن أن يترجم تمثيل النساء الأكاديمي في المجالات العلمية إلى مكان العمل بشكل أفضل؟ من خلال سياسات أكثر شمولا وأفضل تنفيذا. تعتقد 60% من النساء اللواتي شاركن في الاستطلاع أن السياسات المؤسسية التي تدعم المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات يجب أن تُنفذ بشكل أفضل وأكثر شمولا. تريد النساء ساعات عمل أكثر مرونة، وسياسات تتماشى مع رعاية الأطفال، والمزيد من السبل للترقية.
دعم النساء للترقي إلى مناصب قيادية عليا: يمكن أن يشمل ذلك ورش عمل التطوير المهني وبرامج الدعم الوظيفي للنساء، بحسب المشاركات. بالإضافة إلى تخصيص التمويل لبرامج الإرشاد التي تساعد النساء على التقدم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والبحوث التي تقيم دور الموقع الجغرافي والخلفية الاقتصادية للنساء اللاتي يتابعن الدراسة الأكاديمية في المجالات العلمية.
نحن بحاجة إلى المزيد من البيانات: تصف منظمة اليونسكو عدم وجود بيانات شاملة عن الاتجاهات الجندرية بأنها "مشكلة مزمنة" تؤثر على البلدان في جميع أنحاء العالم. ويشير التقرير إلى أن قياس حجم التفاوت بين الجنسين في العلم هو الخطوة الأولى لتغييره.
المحصلة النهائية: تمثل الأعداد الكبيرة نسبيا من النساء المصريات اللائي يدرسن مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات فرصة لزيادة التكافؤ بين الجنسين في تلك المجالات. ولكن هناك حاجة إلى دعم ملموس لترجمة المشاركة الأكاديمية للمرأة إلى مشاركة في مكان العمل.
أبرز أخبار قطاع التعليم في أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).