كيف يؤثر ارتفاع التضخم على التعليم الخاص في مصر؟ تشهد المدارس الخاصة زيادة في نفقاتها على مدار الأشهر الماضية، مع تسارع التضخم وسط ارتفاع أسعار الشحن وتكلفة الإنشاءات. ومع صعود التضخم في المدن المصرية إلى أعلى مستوياته منذ عامين ونصف العام، يتأثر الإنفاق في جميع المجالات، في ضوء ارتفاع تكاليف النفقات الرأسمالية والتي تضغط على الشركات المشغلة للمدارس، حسبما يقول عدد من مسؤولي تلك الشركات. ننظر اليوم في أثر التضخم الأخير على المدارس في مصر، وماذا يفعل مشغلو المدارس لتخفيف حدته.
العديد من المدارس الخاصة أكدت ارتفاع نفقاتها الإجمالية بسبب التضخم، وفق ما ذكره مشغلو المدارس لإنتربرايز. ارتفعت النفقات التشغيلية لمدارس الألسن بنسبة 12-15% مقارنة بشهر أبريل الماضي عند وضع الميزانية السنوية للمدارس، وفق ما ذكره كريم روجرز المدير التنفيذي لمدارس الألسن. وارتفعت النفقات الإجمالية لشركة إديوهايف لإدارة المدارس بنسبة 25% في العام الماضي، بحسب تقديرات كريم مصطفى الرئيس التنفيذي للشركة، مضيفا "أسعار كل شيء تضخمت، سعر الكهرباء، والمرافق، والمشتريات، وأدوات التطهير والتعقيم، وحتى سكن المعلمين وتذاكر الطيران".
الأسر تتضرر أيضا: اتجاه الأسر لنقل أطفالها لمدارس ذات مصروفات أقل شهدناه خلال السنوات الخمس الماضية، ويتزايد مؤخرا، حسبما قال مصطفى. "الأسر التي تدفع مصروفات بنحو 100 ألف جنيه سنويا تبحث حاليا عن مدارس في نطاق 60-70 ألف جنيه. هذه إشارة على تأثر الجميع بالتضخم". يؤثر هذا الاتجاه على معدل الالتحاق بالمدارس الخاصة، إذ تشهد المدارس الخاصة من أدنى الشريحة المتوسطة معدل تسجيل للالتحاق بها بنحو ضعفين إلى ثلاثة أضعاف معدل المدارس من الشريحة الأعلى، وفق ما ذكره محمد الشريف نائب رئيس مجلس إدارة منصة لايتهاوس إديوكيشن للاستثمار في التعليم. وتظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (بي دي إف) ارتفاع نفقات التعليم بنسبة 13.9% على أساس سنوي خلال يناير، فيما ارتفعت نفقات التعليم الابتدائي والأساسي بنسبة 19.5%، والتعليم الثانوي العام والفني بنسبة 5.3%.
لكن المدارس التي لديها نفقات رأسمالية ضخمة – خاصة شراء الأراضي – ربما تكون أكثر المتضررين: أثر التضخم بشكل كبير على أسعار الأراضي وتكاليف الإنشاءات، وأصبحت إنشاء المدارس الجديدة تحديدا أمرا باهظ التكلفة، وفق ما قاله الشريف لإنتربرايز، مضيفا "إنه أمر مكلف أن تشتري أرض وتنشئ عليها مدرسة بمعايير جودة مرتفعة". أسعار الأراضي مرتفعة بالفعل، كما أشرنا العام الماضي. والآن، الأسعار تزيد بواسطة السماسرة، حسبما يقول الشريف. ويؤكد مصطفى الأمر نفسه، قائلا إن أسعار الأراضي لم تعد إلى حد كبير في المتناول. وتتسارع تكاليف الإنشاءات بشدة، في ظل قفزة واضحة في أسعار الحديد والأسمنت منذ الصيف الماضي، وفقا لروجرز.
وفي النهاية، يعني ذلك تباطؤ الاستثمار في إنشاء مدارس جديدة، حسبما يتوقع الشريف. حاليا نشهد الكثير من المستثمرين الذين اشتروا أراض بنية إنشاء مدارس. ولكن الأسعار ارتفعت، لذلك قرروا أن يبيعوا الأراضي بعدما وجدوا أن البيع مربح أكثر من إنشاء مدارس جديدة. وهذا يوضح لك أن هناك شيء خطأ". ويضيف الشريف أن النمو محصور فعليا بين المستثمرين أصحاب الخبرة في قطاع التعليم.
التأثير لن يظهر فورا: من الصعب توقع إلى أي مدى سيتباطأ الاستثمار في المدارس الخاصة، إذ يعتمد الأمر على اقتصاديات كل مشروع على حدة، وهو الأمر الذي قد يتأثر بعوامل عديدة، وفقا للشريف. إلا أنه عادة يستغرق الأمر عامين منذ شراء الأرض وحتى يبدأ تشغيل المدرسة، حسبما يضيف.
المدارس التي لا تنتظرها نفقات استثمارية كبيرة أكثر تفاؤلا: تأخذ مدرسة شدس في اعتبارها دائما التضخم عند وضع الميزانية السنوية، لكنها لا تشعر بقلق خاص بشأن التضخم، حسبما يقول مساعد مدير المدرسة ماسيمو لاتيرزا. ويضيف "نحن لسنا مرتبطين حاليا بأي نفقات رأسمالية كبرى، لسنا في منتصف مشاريع تكبدنا أي ديون، وليس لدينا ما يجعلنا نتأثر بالزيادة السريعة في أسعار الحديد والأسمنت".
لكن لم يؤد ارتفاع النفقات التشغيلية إلى خسائر كما يبدو: يشير روجرز إلى أن زيادة النفقات التشغيلية قد يكون مصدر إزعاج، لكن الألسن لم تتعرض إلى أي ضربات مالية كبيرة نتيجة لذلك.
لكن التضخم قد يؤدي إلى تفاقم خسائر فروق العملة بالنسبة للمدارس الدولية: تنفق المدارس الدولية نحو 70-75% من ميزانياتها بالعملات الأجنبية لدفع رواتب المدرسين الأجانب، بينما تجمع إيراداتها بالجنيه المصري، حسبما يقول مصطفى، مشيرا إلى أن ذلك يجعل المدارس عرضة بشكل كبير لأي تقلبات في أسعار الصرف، لذا فإن زيادة التكلفة التضخمية تصبح تحديا أكبر لتلك المدارس.
وهناك المزيد من الرسوم على المدارس: يشير روجرز إلى نسبة الـ 1 إلى 3% الإلزامية من الإيرادات السنوية التي يتعين على المدارس حاليا دفعها لصندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية، لم تكن مدرجة في ميزانيات المدارس، فقد جرى فرضها بعد شهور من وضع ميزانيات هذا العام.
والحد الأقصى الذي وضعته وزارة التعليم عند 7% على زيادة مصاريف المدارس لا يمنح المدارس مجالا للحركة، لأنه لا يضع في اعتباره ارتفاع التضخم الحالي كجزء من المعادلة، حسبما يرى مصطفى، مشيرا إلى أن المصروفات الدراسية هي المصدر الوحيد لإيرادات المدارس.
ما هي الخطوات التي تتخذها المدارس للتخفيف من تأثيرات التضخم؟ خفض التكاليف هو أحد الخطوات الواضحة. تقوم المدارس بخفض التكاليف كلما أمكنها للحد من الضغوط المالية، وفق ما تقوله المصادر. يقول روجرز ومصطفى إن المدارس لن تخفض هيكل رواتبها، والذي يحدد بعناية وفقا لأبحاث السوق. لكنهم قد يفكرون في خفض بعض حزم المزايا، حسبما يقول مصطفى، مضيفا "في بعض الأحيان يتعين عليك وضع حد أقصى لبدل السكن أو الانتقالات، لأن تلك الأمور تكلف الكثير".
يأمل بعض مشغلي المدارس أن تقوم وزارة التعليم بمراجعة الحد الأقصى للزيادة السنوية للمصروفات، وفق ما ذكره مسؤول بإحدى المدارس الخاصة فضل عدم ذكر اسمه. وأضاف المصدر "نحن نعقد اجتماعات، ونتقدم بطلبات، ونجري حوارات مفتوحة. أعتقد أن الوزارة تتقبل أفكارنا، وأنا متفائل بإمكانية حل هذه المشكلة". ويأمل المصدر أن يعاد النظر في سقف الزيادة السنوية في غضون عام أو عامين، ليرتفع إلى 10%، أو حتى يلغى تماما.
والبعض يأمل أن يكون التضخم أمرا "مؤقتا": تشير التوقعات إلى أن التضخم سيكون مستقرا إلى حد ما خلال الاثني عشر شهرا المقبلة، وهو ما قد يكون سببا للتفاؤل، حسبما يقول لاتيرزا. وحتى مع تسارع التضخم، يتوقع البنك المركزي المصري استقرار الأسعار على المدى المتوسط، وفق ما جاء في بيان البنك عقب الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية.
والأثر الكامل للتضخم قد يظهر عندما يضع مشغلو المدارس ميزانيات العام الدراسي المقبل خلال الأشهر القليلة المقبلة. عادة ما تضع مدارس الألسن ميزانيتها في شهر مارس، وحتى الآن، الاحتياطيات الموضوعة في الموازنة امتصت كل الزيادات في التكاليف، وفقا لروجرز، مضيفا "لكن لا أتوقع ما سيحدث في الأسبوعين أو الشهرين المقبلين. نحن مستقرون، ولكن مستعدون لأي أمر غير متوقع". عادة ما تبدأ مدرسة شدس وضع الميزانية في أبريل أو مايو، وفق ما قاله لاتيرزا، وحينها تقيس المدرسة التكاليف الداخلية لتحدد إلى أي مدى ستؤثر زيادة النفقات على ميزانية العام المقبل.
أبرز أخبار قطاع التعليم في أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).