أسبوع انقلبت فيه أسواق النفط رأسا على عقب
أسبوع انقلبت فيه أسواق النفط رأسا على عقب: مع كل الاضطرابات التي أحدثها فيروس كورونا بالاقتصاد العالمي على مدى الستة أسابيع الماضية، ظلت أسواق النفط العالمية صامدة على نحو جيد نسبيا، وكان الانخفاض في أسعار خام غرب تكساس منذ بداية العام وحتى بداية هذا الأسبوع يصل إلى أكثر من 61%. وحتى أيام قليلة من الآن، حافظت الأسعار على مستوايتها في نطاق 20 دولار للبرميل منذ نهاية مارس الماضي بالرغم من أن كافة الدلائل المتاحة كانت تشير إلى أزمة إمدادات آخذة في التفاقم. وجاءت التخفيضات الكبيرة التي أجرتها شركة أرامكو في أسعار النفط ضمن حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا، إلى جانب إغلاق جزء كبير من الاقتصاد العالمي للحد من انتشار الفيروس، لتشير كلها إلى اتجاه واحد فقط. وفي يوم الاثنين الماضي، انهارت أسعار الخام الأمريكي لتتراجع بنحو 306% من مستوى 55.90 دولار للبرميل لتصل إلى مستوى 37.63 دولار للبرميل. وقبل يومين فقط من انتهاء صلاحية العقود الآجلة لشهر مايو، بدأ تجار النفط لأول مرة على الإطلاق في عرض الأموال على أي مشترين قد يجدونهم في محاولة محمومة لتجنب استلام شحنات النفط في ظل تراجع الطلب العالمي ونظرا للتكلفة المرتفعة للاحتفاظ بتلك الشحنات النفطية.
فما الذي حدث؟ أدى إغلاق مساحات كبيرة من الاقتصاد العالمي إلى جانب اشتعال الصراع بين السعودية وروسيا والولايات المتحدة للسيطرة على الأسواق إلى حالة من زيادة المعروض من الإنتاج النفطي مع تراجع غير مسبوق في الطلب العالمي مع تعليق نشاط شركات الطيران وتراجع حركة السفر وتعطل قطاعات اقتصادية بالكامل من قبل الحكومات ضمن جهودها للحد من انتشار فيروس "كوفيد-19". أضف إلى ذلك حرب الأسعار التي بدأت بين السعودية وروسيا وقيام شركة أرامكو بزيادة إنتاجها من الخام بشكل كبير، مما أدى إلى إغراق الأسواق العالمية بالنفط، ليصبح هناك ملايين البراميل من النفط التي تمكث حاليا على ظهر ناقلات عملاقة، إلى جانب مواقع تخزين النفط والتي أصبحت مملوءة بالكامل. وجعل هذا التجار، الذين أصبحوا غير قادرين على تسلم تلك الشحنات النفطية، يدفعون ما يصل إلى 37.63 دولار للبرميل لأي شخص يشتري منهم تلك الشحنات.
فهل ما حدث يعد أمرا عارضا أم مؤشرا على اختلال أكثر عمقا في الأسواق؟ يمكن القول أن تراجع خام غرب تكساس إلى المنطقة السالبة لا يعكس السوق الأوسع، حيث ظلت العقود الآجلة للفترات التالية على المنحنى في المنطقة الإيجابية، كما أن خام برنت الأكثر استخداما على نطاق واسع تراجع بنسبة 7.7% وهي نسبة تعد منخفضة مقارنة بالتراجع في أسعار خام غرب تكساس. بالإضافة إلى ذلك، فقد لعبت طبيعة عقود خام غرب تكساس دورا رئيسيا في عملية البيع المكثف، إذ لا تسمح عقود الخام الأمريكي، على عكس برنت، بإجراء تسويات نقدية، مما يجبر التجار على تسلم الشحنات في حال تم الاحتفاظ بالعقود الخاصة بها حتى انتهاء صلاحيتها. وفي اليوم التالي هبطت أسعار عقود تسليم شهر يونيو بنسبة 43% لتصل إلى 11.57 دولار للبرميل فقط، وهبطت أيضا عقود خام برنت لشهر يونيو بنسبة 24.4% ليستقر عند مستوى 19.33 دولار للبرميل. وكشف تواصل التقلبات في أسعار العقود طويلة الأجل عن حقيقة أكثر إثارة للقلق، وهي أنه طالما استمر الوضع الراهن كما هو، فإن الهبوط الذي حدث يوم الاثنين للمنطقة السلبية قد لا يكون مجرد أمر عابر، بل مؤشر على حدوث ما هو أسوأ. وقال أحد المحللين: "إذا لم نتعاف من الوباء في يوليو بحيث تعود حركة السفر بشكل كاف وأصبحت أماكن التخزين ممتلئة، فإن سعر النفط الخام سيكون صفرا".