من الرابحون من تيسير السياسات النقدية؟
من الرابحون من تيسير السياسات النقدية؟ كانت سياسة التيسير النقدي التي انتهجها البنك المركزي المصري وخفضه لأسعار الفائدة أربع مرات هذا العام وثلاث مرات على التوالي مجرد البداية لسلسلة من القرارات والسياسات التي تهدف لتوسيع نطاق الإقراض. وكان آخر تلك القرارات قرار البنك المركزي في وقت سابق من هذا الأسبوع رفع الحد الأقصى لقروض الأفراد إلى 50% من الدخل الشهري بدلا من 35%. وقال البنك المركزي إن الحد الأقصى الجديد سيطبق على القروض لأغراض استهلاكية بما في ذلك القروض الشخصية وبطاقات الائتمان وقروض السيارات للاستخدام الشخصي. وفي حين أن هذا القرار سيحفز الإنفاق الاستهلاكي في مختلف القطاعات، فهناك صناعات رئيسية من المتوقع أن تستفيد بشكل خاص.
قروض التجزئة: من المتوقع أن يؤثر القرار بشكل إيجابي على نمو محافظ الائتمان لدى البنوك المحلية التي تركز على قروض الأفراد، مثل البنك التجاري الدولي وبنك قطر الوطني الأهلي وبنك كريدي أجريكول مصر، حسبما قالت شركة بلتون المالية في مذكرة بحثية. ومن المتوقع أيضا أن يفيد القرار وبشكل كبير شركات التمويل الاستهلاكي مثل جي بي كابيتال التابعة لجي بي أوتو وشركة المجموعة المالية هيرميس فاينانس، وشركة سي آي كابيتال. إلا أن بلتون حذرت من أن رفع الحد الأقصى للقروض الاستهلاكية من شأنه أن يزيد من مخاطر الائتمان لدى البنوك التي لديها قاعدة كبيرة من عملاء التجزئة. وقالت بلتون إنه قد يصبح من الأكثر صعوبة على عمليات التجزئة لدى البنوك أن تحافظ على جودة الأصول والقروض كما كانت عليه في السابق إذا ما نمت الأصول الصافية بوتيرة أبطأ.
من المتوقع أيضا أن تستفيد صناعة السيارات من قرار رفع الحد الأقصى للقروض الاستهلاكية: ونقلت جريدة المصري اليوم عن رئيس رابطة تجار السيارات أسامة أبو المجد، قوله إن قرار المركزي يسهم في زيادة المبيعات بنسبة تصل إلى 30%. وأضاف أبو المجد أن حوالي 80% من مبيعات السيارات في مصر تعتمد على التقسيط، مشيرا إلى أن مرونة الدفع وزيادة الحد الأقصى للقروض الاستهلاكية التي توفرها البنوك تيسران قرار الشراء على المستهلك.
ولكن عصر سهولة الحصول على القروض الاستهلاكية يصاحبه أيضا المزيد من اللوائح، إذ تسعى هيئة الرقابة المالية لتمرير قانون تنظيم التمويل الاستهلاكي بمجلس النواب. وفي هذا السياق قالت جريدة المال إن لجنة الشؤون الاقتصادية بالمجلس انتهت من مناقشة مشروع القانون عقب حسم المواد الخلافية به. ويتضمن مشروع القانون وضع حد أدنى بـ 25 مليون جنيه لحجم عمليات التمويل الاستهلاكي للشركات الخاضعة للقانون والتي ستحصل على رخصة مزاولة النشاط. وأشارت الصحيفة أن هذا الأمر قوبل باعتراضات من جانب بعض النواب الممثلين في اللجنة الاقتصادية، والذين رأوا ضرورة أن يغطي قانون التمويل الاستهلاكي مساحة أوسع من عمليات التمويل الاستهلاكي عبر تعديل أو إلغاء الحد الأدنى لحجم الأعمال، ولكنهم أبقوا على شرط حجم التمويل كما جاء في النص المقدم من جانب الهيئة. وقامت اللجنة أيضا بتخفيض العقوبات الواردة بمشروع القانون.
الأمور أيضا تشهد تحسنا على مستوى إصدارات سندات الشركات والتوريق، إذ أسهم التيسير النقدي خلال العام في تعزيز سوق سندات التوريق في مصر، كما هو الأمر في إصدار سندات التوريق بقيمة 370.5 مليون جنيه، الذي أعلن عنه مؤخرا والذي قادته المجموعة المالية للتوريق التابعة لهيرميس، لصالح شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير. كما أعلنت شركة هيرميس للوساطة في الأوراق المالية، التابعة للمجموعة المالية هيرميس، عن حصولها على موافقة هيئة الرقابة العامة للرقابة المالية على أول برنامج لطرح سندات قصيرة الأجل، فيما قالت مصادر إن هيرميس ستطرح برنامج سندات شركات قصيرة الأجل بقيمة إجمالية ملياري جنيه بأجل 12 شهرا خلال الفترة المقبلة، وأوضحت أنه من المقرر طرح شريحة أولى قيمتها 400 مليون جنيه قبل نهاية العام الجاري، على أن تطرح الـ 1.6 مليار جنيه الأخرى خلال الأشهر المقبلة.
والسؤال المهم هو هل وصلت أسعار الفائدة للمستوى الذي تبدأ فيه الشركات في الحصول على تمويلات رأسمالية من البنوك؟ لقد عادت أرباح الشركات بالدولار إلى مستويات ما قبل التعويم، كما أن أسعار الفائدة تراجعت ضمن دورة تيسيرية، وهذه الأمور تمنح الشركات في مصر "اتجاها" تستدل به، فمعظم الشركات تقترض بأسعار فائدة متغيرة وهي تدرك الآن، في ظل التخفيضات المتتالية لأسعار الفائدة، الاتجاه الذي يمكن أن تسير فيه. ولن نكون بحاجة إلى الانتظار طويلا لكي نعرف ما إذا كانت الشركات قد عاودت الطلب على الاقتراض، إذ أن النصف الأول من العام المالي الحالي يعد "موسما رائجا" للاقتراض متوسط الأجل الذي يهدف لدعم الإنفاق الرأسمالي.