مخاطر الركود الأمريكي تتزايد وتراجع الإنتاج الصناعي بالصين وألمانيا يدفع أسواق المال للهبوط
مخاطر الركود الأمريكي تتزايد وتراجع الإنتاج الصناعي بالصين وألمانيا يدفع أسواق المال للهبوط: سجلت أسواق المال العالمية تراجعا أمس مع صدور بيانات ضعيفة للإنتاج الصناعي بالصين وألمانيا، بما يزيد من المخاوف بإمكانية حدوث تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي.
ألمانيا على حافة الركود: أظهرت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات الفيدرالي الألماني أمس انكماش الاقتصاد الألماني في الربع الثاني من 2019، مع محاولة المصنعين المحليين التعامل مع تراجع النمو العالمي. وسجل الاقتصاد الألماني انكماشا بنسبة 0.1% في الربع الثاني مقارنة بنمو بلغ 0.4% في الربع الأول من العام الجاري. وأثار هذا الأداء الضعيف مخاوف من أن تنزلق الدولة المعتمدة على الصادرات الصناعية وقطاعات التصنيع نحو الركود، مع استمرار تأزم النزاع التجاري العالمي بين الصين والولايات المتحدة. وهبط مؤشر مديري المشتريات الألماني الشهر الماضي إلى أدنى مستوى له منذ 7 سنوات، وسجل الإنتاج الصناعي انكماشا غير متوقع بنسبة 1.5% في يونيو. وقال كارستين برزيسكي المحلل لدى شركة آي إن جي في تصريحات لرويترز إن تقرير الناتج المحلي الإجمالي الصادر أمس "يعلن بالتأكيد نهاية عصر ذهبي للاقتصاد الألماني"، مضيفا أن "الخلافات التجارية، وحالة عدم اليقين العالمية، وقطاع السيارات المتعثر" قادت الاقتصاد الألماني أخيرا لنهاية عصر الازدهار.
والإنتاج الصناعي الصيني يتراجع لأدنى مستوى منذ 17 عاما: وكشفت بيانات رسمية صينية أمس تدهور مستوى الإنتاج الصناعي إلى معدلات لم تشهدها الصين منذ عام 2002. وأظهرت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطني أن نمو الناتج الصناعي تراجع إلى 4.8% على أساس سنوي في يوليو، نزولا من 6.3% في يونيو. وقال محللون إن تلك البيانات الضعيفة تشير إلى تراجع الطلب في الاقتصاد الصيني بشكل عام، والبعض يتوقع حاليا تجديد إجراءات تحفيز النمو. وقال لاري هو رئيس قسم اقتصاديات الصين لدى مجموعة ماكواري لرويترز إن "الاقتصاد الصيني يحتاج إلى المزيد من المحفزات لأن الظروف المعاكسة قوية للغاية". ويرى هو "أن الاقتصاد الصيني سيواصل التباطؤ. وعند نقطة معينة سيكون من الواجب على صناع السياسة تعزيز المحفزات لدعم البنية التحتية والعقارات. أعتقد أن ذلك قد يحدث بنهاية هذا العام".
الأسهم الأمريكية والأوروبية في المنطقة الحمراء: تراجعت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية بنحو 3% مع إغلاق التداول أمس، إذ انخفض كل من ناسداك وداو جونز بنسبة 3%، وخسر داو جونز نحو 800 نقطة، في حين هبط مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 2.9%. وسجلت المؤشرات الأوروبية تراجعا أيضا وإن كان أقل حدا، إذ فقد مؤشر داكس الألماني 2.2% من قيمته، في حين تراجع كل من مؤشر يورو ستوكس 50 ومؤشر كاك 40 الفرنسي بنسبة 2%. وامتد الموجة البيعية إلى آسيا في الساعات الأولى من صباح اليوم، حيث سجلت كل المؤشرات الرئيسية انخفاضا بـ 1.3% على الأقل حتى الساعة الرابعة صباحا بتوقيت القاهرة. وقال أليك يانج العضو المنتدب لبحوث الأسواق العالمية لدى فوتسي راسل في تصريحات لبلومبرج إن المستثمرين أصبحوا وبشكل متزايد يبيعون أولا ثم بعد ذلك يسألون ماذا يحدث. وأضاف يانج أن "الشيء الوحيد الذي يمكن أن يقلب حالة التذبذب هو وجود دليل قوي على أن تباطؤ النمو العالمي لن يصل إلى مستو أدنى. ويبدو هذا إفراطا في الأمل في الوقت الحالي.
سوق السندات بالولايات المتحدة ينذر بالركود: منحنى العائد المقلوب أطل برأسه في الولايات المتحدة أمس بعد أن أدى هروب المستثمرين إلى الأصول الآمنة إلى تراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات لتصبح أقل من العائد للسندات لأجل سنتين، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2007. وسجل العائد على السندات لأجل 10 سنوات 1.623% في بداية اليوم، مقارنة بـ 1.634% للسندات لأجل سنتين، قبل أن يرتفع لاحقا، وفقا لسي إن بي سي. وتراجع العائد للسندات لأجل 30 عاما إلى مستوى قياسي بلغ 2.02%. ويعد المنحنى البياني للعائد على السندات لأجل عامين و10 أعوام وسيلة تنبؤ دقيقة بفترات الركود في التاريخ الحديث، وينقلب المنحنى تقريبا قبل كل فترة ركود حدثت في آخر 50 سنة.
جانيت يلين، الرئيسة السابقة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، حاولت تهدئة مخاوف المستثمرين بالسوق بشأن احتمالية حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة. وقالت يلين في تصريحات لشبكة فوكس بيزنس إن منحنى العائد المقلوب لا يعني بالضرورة حدوث فترة من الانكماش. وقالت "من الناحية التاريخية، كانت هناك إشارة قوية بشأن حدوث ركود، وأعتقد أن هذا يكون عندما تهتم الأسواق بالأمر، لكنني أود القول إنه في هذه المرة قد لا تكون إشارة بمثل هذه القوة". وأرجعت يلين ذلك إلى وجود عدد من العوامل الأخرى، بخلاف توقعات السوق حول المسار المستقبلي لأسعار الفائدة، تدفع عائدات السندات طويلة الأجل للتراجع.
والبنوك العالمية تتلقى ضربات قوية، إذ انخفض مؤشر العائد الكلي التابع لمؤسسة مورجان ستانلي والخاص بأسهم البنوك بالأسواق المتقدمة إلى ما يقرب من أدنى مستوياته المسجلة أمام المؤشر الأوسع نطاقا خلال تداولات أمس، إذ أدت منحنيات العائد المقلوبة في الولايات المتحدة وبريطانيا إلى زيادة المخاوف لدى المستثمرين من أن البنوك ستبدأ في الحد من منح الائتمان، وفقا لما جاء في تقرير لبلومبرج. وقال رويلوف سالومونز، كبير المحللين الاستراتيجيين بشركة كيمبين كابيتال مانجمنت إن المخاوف تتمثل في أن أسعار الفائدة المنخفضة ستبقي بالفعل مديونية الاقتصادات والشركات تحت السيطرة ولكن تلك السياسة ستضر بربحية البنوك.
وكما هو متوقع، لجأ الرئيس الأمريكي إلى تويتر ليشن هجوما على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول. وقال ترامب في تغريدة له إن مجلس الاحتياطي الفيدرالي تحرك بمنتهى السرعة عندما رفع أسعار الفائدة بشكل كبير لكنه الآن متأخر جدا في خفضها.