كيف نتعامل مع موجات تسريح العمالة: أدت عمليات التسريح الهائلة للعمال في شركات التكنولوجيا الكبرى في الأشهر الأخيرة إلى تسليط الضوء على عمليات التسريح الجماعية وكيف يمكن أن تكون قاسية. فقد ما يقرب من 130 ألف موظف تكنولوجي في نحو 814 شركة وظائفهم هذا العام، وغادر العديد منهم بعض أكبر الأسماء في مجال التكنولوجيا. أدى الانكماش الأول في صناعة التكنولوجيا – منذ انفجار فقاعة الدوت كوم في أوائل الألفية – إلى لجوء شركات مثل ميتا وأمازون وتويتر، إلى تسريح آلاف الموظفين. فقد أكثر من نصف موظفي تويتر وظائفهم منذ استحواذ إيلون ماسك على الشركة الشهر الماضي، وأخطر العديد منهم عبر اكتشاف حظرهم من البريد الإلكتروني وحسابات سلاك الخاصة بالشركة، في مثال واضح على الأسلوب الخاطئ في التعامل مع الموظفين .

يثير هذا مشكلة في عالم التكنولوجيا، إذ يتمسك العاملين في كثير من الأحيان بحقيقة أن التضحيات التي يقدمونها لأرباب عملهم ستعود عليهم بالنفع في وقت لاحق. ولذلك، هزت موجة التسريح الأخيرة هذا الاعتقاد الذي يفترض أنه راسخ منذ فترة طويلة، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز.

عمليات التسريح يمكن أن تؤذي الشركات أكثر مما يعتقد المديرين: منذ سبعينات القرن الماضي، لجأت العديد من الشركات إلى تسريح العاملين في أوقات الأزمات للبقاء واقفة على قدميها، لكن بعض الدراسات تشير إلى أن تسريح العاملين قد لا يكون أفضل الخيارات على المدى الطويل. وجدت دراسة أجرتها جامعة تكساس أرلينجتون عام 2012 أن "تسريح العمال كان له تأثير من محايد إلى سلبي على أسعار الأسهم في الأيام التي أعقبت الإعلان عنه". ووجدت دراسات منفصلة من جامعات أوبورن وبايلور وتينيسي أن الشركات التي تسلك طريق التسريح الجماعي من المرجح أن ينتهي بها الأمر إلى الإفلاس بمقدار الضعف مقارنة بالشركات التي لا تفعل ذلك.

تتمثل إحدى النتائج السلبية الكبيرة لعمليات التسريح واسعة النطاق في إلحاق الضرر بمعنويات أولئك الذين استمروا في عملهم. تبين أن تسريح 1% من القوى العاملة في الشركة خلال عام أدى إلى زيادة بنسبة 31% في ترك العمل بين الموظفين المتبقين في العام التالي، وفقا لباحثي جامعة ويسكونسن ماديسون وجامعة ساوث كارولينا. ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الشعور بالقلق يبدأ في الظهور بين أولئك الذين شهدوا التسريح. ومن المحتمل أيضا أن يكون ذلك بسبب حقيقة أن عددا أقل من الأشخاص يضطرون إلى القيام بنفس القدر من العمل.

ما هي بدائل التسريح من العمل للشركات المتعثرة؟ إذا كان هناك مشكلة، قد يكون ذلك لأن الموظفين يعملون في مناصب زائدة عن الحاجة، وليس أن هناك أشخاص كثيرين يعملون في الشركة. إعادة تدريب الموظفين داخليا ونقلهم إلى أدوار جديدة خيار متاح للشركات الكبرى. وإن لم ينجح ذلك، يمكن للشركات أن تتجه إلى الإجازات الإلزامية المؤقتة بدلا من التسريح عندما تواجه الإدارات ظروفا صعبة. وعندما يحين وقت الاستعانة بهؤلاء الأفراد، ستكون إعادة التوظيف أسهل أكثر من الشركات التي خفضت الوظائف بصورة قاسية.

وعندما لا يكون هناك خيار آخر؟ إذا أُجبرت شركة على إجراء تخفيضات في الوظائف حتى تتمكن من الحفاظ على استقرار أوضاعها المالية، فيجب على الرؤساء التنفيذيين المضي قدما في ذلك لكن بحذر، وألا يغيب عنهم أنه لا ينبغي "حرق الجسور". قد يكون موظف سابق لديك عميلا مستقبليا أو شريك عمل أو حتى يعود للشركة في منصب جديد. ويقول مدير مساعد لبرامج التدريب في مجال الأعمال بجامعة هارفارد لسي إن بي سي "إنك سترغب دائما في الحفاظ على علاقة جيدة مع من كانوا يعملون لديك في السابق".

وهذه بعض الطرق التي يقترحها خبراء في حديثهم لسي إن بي سي ويمكن أن تخفف من وقع التسريح من العمل بقدر الإمكان:

• التواصل بوضوح: اشرح للموظفين بلغة بسيطة لماذا يحدث ذلك وما هي الخطوات الأخرى التي اتخذت قبل اللجوء إلى هذا القرار.
• قُد المواجهة: لا تختبئ خلف مسؤولي الموارد البشرية، يحتاج الموظفون أن يعرفوا ما يحدث من رؤساء الشركات، ويفضل أن يجري ذلك عبر اجتماعات فردية وجها لوجه.
• أظهر التعاطف: التسريح من العمل من أصعب التجارب التي قد يمر بها أي شخص، ولذا إبداء التعاطف مهم.
• قدم الدعم في خطواتهم المقبلة: قد تكون مساعدة موظف سُرح من عمله مؤخرا في العثور على وظيفة أخرى من خلال تقديم الدعم في صياغة السيرة الذاتية أو الخطاب التعريفي أو الاستفادة من شبكة علاقات الشركة أكثر شيء فعال تقدمه لشخص تخليت عن خدماته.

التسريح من العمل قاسٍ للغاية.. هل هناك شيء يمكن أن يفعله الموظفون حتى يستعدوا له؟ إذا شعر الموظفون بحدوث شيء ما وأن شركتهم قد تستعد لإجراء تخفيضات في الوظائف، فهذا هو الوقت المناسب للموظفين لمراجعة حساباتهم المالية الشخصية. ويمكنهم أيضا، إذا استطاعوا، بناء مدخرات يمكن أن تساعدهم خلال فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر، وفقا لما قاله كريستوفر كيز، الأستاذ ورئيس قسم الإدارة بكلية إدارة الأعمال بجامعة جورج واشنطن لصحيفة واشنطن بوست. من الجيد كذلك أن يتحقق الموظفون من عقودهم لمعرفة ما تتضمنه فيما يتعلق بإخطارات إنهاء العمل أو الحصول على مكافأة نهاية الخدمة. وينبغي أن يُحدِّث الموظفون كذلك سيرهم الذاتية وحساباتهم على لينكد إن وشبكة علاقاتهم المهنية في حالة احتاجوا إلى الانتقال إلى مكان آخر.

الأسوأ حدث.. ماذا تفعل الآن؟ الشعور بالخسارة والاستياء الذي يصاحب فقدان وظيفتك يشبه فقدك لشخص تحبه، وفقا لما كشفته دراسة أجريت في عام 2019 ونشرت في دورية فرونتيرز إن سيكولوجي. قد يكون ضروريا أن تأخذ وقتك في "الحزن" على وظيفتك السابقة. لكن عند مرحلة ما، ينبغي على الموظفين الذين سُرحوا من وظائفهم تخطي ذلك والعودة لسوق العمل. الاحتفاظ بعلاقات ودودة مع شركتك السابقة متى كان ذلك متاحا، والاستمرار في بناء شبكة علاقات ورفض أن تؤثر هذه التجربة سلبا على ثقتك بنفسك جميعها خطوات جيدة لاتخاذها. ويقول أحد المسؤولين عن التوظيف لواشنطن بوست إن "فرصة جديدة قد تخرج من رحم الأزمة".