التضخم يعاود الارتفاع في يوليو
استأنف التضخم اتجاهه الصعودي في يوليو ليسجل أعلى مستوى له في ثلاث سنوات على خلفية ارتفاع أسعار الغذاء والوقود، وفقا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (بي دي إف). وارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 13.6% خلال الشهر، من 13.2% في يونيو عندما تراجعت الأسعار بشكل غير متوقع بعد شهور من ارتفاع التضخم الناجم عن الحرب في أوكرانيا وانخفاض قيمة الجنيه. وارتفع معدل التضخم الشهري بنسبة 1.3%، بعد انخفاضه بنسبة 0.1% في يونيو.
أسعار المواد الغذائية والوقود تقود التضخم للارتفاع: ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات، التي تشكل الوزن الأكبر في سلة السلع المستخدمة لقياس تضخم الأسعار، مرة أخرى في يوليو بعد أن تراجعت في الشهر السابق. وارتفعت الأسعار بنسبة 22.4% على أساس سنوي و0.5% عن يونيو بعد انخفاضها بنسبة 2% تقريبا على أساس شهري في يونيو. كما أدى قرار رفع أسعار الوقود الشهر الماضي إلى ارتفاع التضخم، مما دفع تكاليف النقل إلى الارتفاع بنسبة 17% على أساس سنوي وأكثر من 10% على أساس شهري. كما ارتفعت تكاليف السكن والمرافق بنسبة 5.2% على أساس سنوي و0.1% على أساس شهري.
معدل التضخم الأساسي يرتفع إلى أعلى مستوى له في أربعة أعوام ونصف العام: ارتفع معدل التضخم الأساسي السنوي – الذي يستبعد في حسابه أسعار المواد المتقلبة مثل الغذاء والوقود – بنسبة 15.6% على أساس سنوي في يوليو، من 14.6% في يونيو، وفقا لبيانات البنك المركزي (بي دي إف). وبلغ معدل التضخم الأساسي بذلك أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2017.
جاء ارتفاع التضخم أعلى من توقعات المحللين: كان متوسط التوقعات في استطلاع أجرته رويترز وشمل 14 اقتصاديا لارتفاع التضخم هو 13.2%.
وتوقع محللون آخرون الأسوأ: توقعت شركة الأهلي فاروس، في مذكرة لها أمس أن يصل التضخم إلى 15% في يوليو، وقالت إن النمو الأضعف من المتوقع في أسعار الغذاء والوقود كانت وراء البيانات الضعيفة.
الأخبار السارة: تراجعت العوامل على جانب العرض التي تغذي التضخم حول العالم في الأسابيع الأخيرة. وتراجعت أسعار المواد الغذائية العالمية لأربعة أشهر متتالية، وساعد في ذلك الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق تاريخي بين أوكرانيا وروسيا لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود. كما تراجعت أسعار النفط بشكل كبير وهي الآن عند أدنى مستوياتها قبل الحرب في أوكرانيا وتتجه نحو مستوى 90 دولار للبرميل.
لكننا لم نصل إلى الذروة بعد: “تواصل الضغوط التضخمية الارتفاع نتيجة الضغوط المتراكمة على العملة المحلية، والتي من المتوقع أن تشهد المزيد من الانخفاض”، بحسب منى بدير، كبيرة الاقتصاديين في بنك البركة، في تصريحات لإنتربرايز. وتتوقع بدير أيضا أن ترتفع أسعار الوقود مرة أخرى في وقت لاحق من هذا العام، وقالت إن استمرار حالة عدم اليقين بشأن أسعار الطاقة العالمية وسلاسل التوريد وتكاليف الشحن ستظل تشكل مخاطر في المستقبل. تتوقع سي آي كابيتال أيضا أن يستمر التضخم في الارتفاع على خلفية الزيادات في تذاكر القطارات والمترو والمتوقعة في وقت لاحق من هذا الشهر، والتأثير المستمر لارتفاع تكاليف الوقود. وتتوقع عالية ممدوح كبيرة الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار بلتون المالية أن يبلغ معدل التضخم ذروته عند 16.5% هذا الشهر وأن يبلغ في المتوسط 15.5% في الربع الثالث.
من المتوقع أن يكون الجنيه والطاقة بمثابة المحرك في الفترة المقبلة: “بالنظر إلى المستقبل، نعتقد أن التضخم الرئيسي سيتسارع خلال الأشهر المقبلة حيث يلتزم المسؤولون بسعر صرف أكثر مرونة، ما يسمح للجنيه بالتراجع، وأن ترتفع أسعار الوقود مرة أخرى لتعكس ارتفاع أسعار الطاقة العالمية”، حسبما قال جيمس سوانستون، الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في كابيتال إيكونوميكس، في مذكرة. وتتوقع كابيتال إيكونوميكس الآن أن يصل التضخم إلى ذروته عند 18% في الربع الرابع من 2022.
ماذا يعني هذا بالنسبة لأسعار الفائدة؟ يتوقع كل من الأهلي فاروس وبلتون أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الخميس المقبل. وقالت إسراء أحمد الخبيرة الاقتصادية في الأهلي فاروس إن تخفيف الضغوط على جانب العرض العالمي، وارتفاع فاتورة الفائدة الحكومية، واستمرار الاتجاه الهابط بين المستثمرين الأجانب تجاه الأسواق الناشئة، كلها أسباب تجعل صانعي السياسة يختارون إبقاء الأسعار عند مستوياتها الحالية.
من ناحية أخرى، تتوقع كابيتال إيكونوميكس أن يتخذ البنك المركزي إجراءات استباقية ضد المزيد من الارتفاع في التضخم ورفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل. وقال سوانستون: “لقد توقعنا ارتفاعات بمقدار 150 نقطة أساس، ليرفع سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة إلى 12.75%، بنهاية هذا العام”. وقال الخبير الاقتصادي هاني جنينة، في مداخلة هاتفية مع برنامج “صالة التحرير” (شاهد 10:50 دقيقة)، إنه يتوقع أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة الخميس المقبل تحسبا لرفع آخر لسعر الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في سبتمبر المقبل. وبدأ الاحتياطي الفيدرالي دورة تشديد هي الأعنف منذ عقود هذا العام، مما زاد من الضغط على تكاليف الاقتراض في مصر وزاد من تدفقات رأس المال الخارجة.
رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس منذ مارس في إطار جهوده للحد من التضخم وكبح التدفقات الخارجة. وأبقت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعها الأخير في يونيو. ويستهدف البنك المركزي حاليا تحقيق معدل تضخم قدره 7% (±2%) بنهاية عام 2022، لكنه قال إنه “سيتسامح مؤقتا” مع معدل التضخم الرئيسي السنوي المرتفع بالنسبة إلى هدفه حتى عام 2023.
وحاز خبر التضخم في مصر على اهتمام الصحافة العالمية: بلومبرج | رويترز.