ما هي أسباب عدم توسع المدارس الخاصة خارج القاهرة؟
التوسع في المدارس الخاصة خارج القاهرة الكبرى – التحدي الذي لا يخوضه سوى قليلين: يشهد الطلب على التعليم الخاص بجميع مراحل التعليم الأساسي في مصر زيادة كبيرة، إذ تضاعف عدد الطلاب في مدارس القطاع الخاص تقريبا خلال السنوات الخمس الماضية، وفقا لتقرير نشرته مؤسسة كوليرز حول التعليم الأساسي في السوق المصرية (بي دي إف).
إلا أن إنشاء المدارس الخاصة لا يزال مقصورا بشكل كبير على القاهرة: من المتوقع أن يكون هناك من بين الـ 2.1 مليون مقعد جديد مطلوب في مدارس القطاع الخاص بمصر بحلول عام 2030، ما يقرب من مليون مقعد في القاهرة الكبرى، بحسب تقديرات كوليرز. لذا قمنا بالنظر في الأسباب وراء عدم محاولة معظم مشغلي المدارس سد هذه الفجوة على الرغم من أن الطلب على المدارس الخاصة يكون في جميع أنحاء البلاد.
قد يكون السبب الأهم هو أن مستويات الدخل خارج القاهرة لا تستحق عناء المحاولة: يتطلب بناء مدرسة رأس مال كبير، ومن الواضح أنه في المحافظات الأخرى بخلاف القاهرة، نجد أن عدد الأسر التي يمكن أن تنفق 60 ألف جنيه سنويا على تعليم أطفالهم أقل بكثير، وفقا لما قاله مدير المدرسة الأمريكية الدولية كابونو سيوتي. وأضاف، "من الواضح أن المدارس الخاصة لديها مستويات مختلفة من الأسعار، إذ تتراوح أعلى تلك المستويات بين 150 و220 ألف جنيه سنويا. وأنا لا أرى الكثير من الخيارات الجذابة التي تقل عن 60 ألف جنيه سنويا ".
يمكنك أن ترى ذلك في الرسوم الدراسية المنخفضة التي تفرضها المدارس الخاصة خارج القاهرة والإسكندرية: تستهدف شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية (سيرا) وشركتها التابعة إديوهايف التوسع في المحافظات على نحو استراتيجي، وفقا لما قاله ممثلو الشركتين لإنتربرايز. وقال كريم مصطفى الرئيس التنفيذي لشركة إديوهايف إن العلامات التجارية المختلفة التابعة للشركة تستهدف نقاطا سعرية ومواقع معينة. وأضاف أنه يجري تطوير مدارس من المستوى "أ" مثل مدارس بريتش كولومبيا الكندية الدولية والتي تصل فيها الرسوم الدراسية إلى ما بين 8 و12 ألف دولار سنويا في القاهرة وحولها، ويجري التوسع في بناء مدارس ريجنت البريطانية – والتي تتراوح الرسوم الدراسية بها بين 4 و8 آلاف دولار – في المحافظات الأخرى.
إن مجرد تحديد الرسوم الدراسية يمثل تحديا، حيث أن قياس الطلب أمر مكلف: تقوم سيرا وإديوهايف بإنفاق مئات الآلاف من الجنيهات سنويا على أبحاث السوق لتقييم الطلب على خدمات التعليم في المدارس الخاصة بالمحافظات، وفقا لما قاله مصطفى. وأضاف أن قسم الأبحاث بكلا الشركتين يقوم بزيارات ميدانية للمدارس في مختلف المحافظات، وتحليل معدلات الإنفاق في المجالات الرئيسية مثل العقارات والسيارات، كما يتتبع رسوم الاشتراك في النوادي الخاصة، ويجمع البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ووزارة التربية والتعليم. وقال، "نحن بحاجة إلى القيام بذلك، لأنه لا توجد مؤسسة أبحاث سوق في مصر توفر ما نقوم به."
ثم هناك تكلفة الأرض: يقول محمد القلا الرئيس التنفيذي لـ "سيرا" إن أسعار الأراضي تعد أحد أكبر العقبات أمام توسع الشركة، لأنه حتى المناطق التي بها مجتمعات فقيرة يمكن أن تكون أسعار الأراضي بها مرتفعة. وأضاف أن المناطق ذات الطلب المرتفع على التعليم في المدارس الخاصة عادة ما تكون مكتظة بالسكان، مما يعني على الفور ارتفاع قيمة الأرض بها. وتابع: "سيكون عليك حينها أن تتأكد من أن عملائك المستهدفين لديهم مستوى دخل محدد لأن ارتفاع تكاليف الأرض يعني على الفور ارتفاع النفقات الرأسمالية. إن 40% على الأقل من النفقات الرأسمالية تذهب إلى الأراضي ".
وعملية الحصول عليها: أشار القلا إلى أنه تكون هناك حاجة إلى العديد من الشراكات المختلفة للحصول على الأراضي، بما في ذلك شراء الأراضي من الحكومة أو القطاع الخاص، والدخول في اتفاقيات شراكة أو مشاريع مشتركة. وتابع: "في كل مرة، يجري ذلك على أساس كل حالة على حدة – والتي يمكن أن تكون مع الأفراد، أو مع الحكومة أو مع المؤسسات. إنه جزء صعب للغاية من ممارسة الأعمال".
في نهاية المطاف، يعد الحصول على الأراضي هو البند الأكثر صعوبة في حساب التكلفة والعائد عند التوسع في بناء المدارس بالمحافظات، بحسب القلا. وقال أيضا، "تتمثل المشكلة الأكبر في إيجاد الأرض منخفضة التكلفة لإنشاء مدارس تخدم الطبقة الوسطى. فعندما تبني على قطع أراضي باهظة الثمن، ينتهي بك الأمر بخدمة سوق متخصصة للغاية ".
ماذا عن تكاليف بناء المدارس وتوظيف المعلمين؟ تستثمر سيرا ما يزيد عن 450 مليون جنيه في مدرستين بمجمع "O West"، وفقا لما قاله مصطفى. وقد يستغرق الأمر من 4 إلى 7 أعوام حتى تحقق المدرسة نقطة التعادل المالي – وقد يستغرق ذلك فترة أطول، إذا ما كانت هناك ضربة اقتصادية مثل تعويم الجنيه، وفقا لعدة مصادر. ويرى سيوتي أن نفقات الموظفين – أي تكلفة تعيين ودفع رواتب المعلمين والإداريين – تمثل حوالي 50% من إجمالي التكاليف.
سيكون عليك بعد ذلك أن تضع لنفسك علامة تجارية بشكل صحيح: يقول القلا إن العلامة التجارية مهمة جدا لأن العلامة التجارية الجيدة تغرس الثقة. وتقوم إديوهايف بإنفاق ما يقرب من 500 إلى 600 ألف جنيه سنويا على التسويق في المحافظات، بحسب تقديرات مصطفى. ويتكون هذا بشكل أساسي من الإعلانات المستهدفة على فيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، والاجتماعات وجها لوجه في النوادي الاجتماعية. ويعقد مصطفى وأعضاء طاقم التدريس في إديوهايف اجتماعات دورية في النوادي الاجتماعية لمقابلة أولياء الأمور وتوزيع الكتيبات والإجابة على الأسئلة، كما تضع إديوهايف أحيانا لوحات إعلانية في الأماكن العامة.
فأين يمكن للمدارس الخاصة أن تتوسع إن لم يكن في المحافظات؟ يتطلع العديد من أصحاب مدارس القطاع الخاص إلى التوسع في العاصمة الجديدة. وتتطلع المدرسة الأمريكية الدولية بشكل نشط إلى التوسع، لكنها تشعر أن هدفها الديموغرافي هو الأرجح في القاهرة – ربما في العاصمة الإدارية الجديدة، وفقا لما قاله سيوتي. وتدرس مدرسة كايرو أميركان كوليدج إمكانية التوسع في العاصمة الجديدة والضواحي الشرقية للقاهرة، بحسب مدير المدرسة جاريد هاريس. وتقوم مدرسة بريتيش إنترناشيونال كوليدج حاليا باستكمال عملية افتتاح فرع جديد في العاصمة الإدارية بتكلفة 450 مليون جنيه، وفقا لما صرح به الرئيس التنفيذي احمد سمير.
مما لا يثير الدهشة، أن الكثير من التوسعات تكون جنبا إلى جنب مع التطوير العقاري: تعزز المدارس من الشعور بالراحة عند العيش داخل المجمعات السكنية، كما تساعد في بناء المجتمعات، لذلك يرغب المطورون على نحو متزايد في بيع الأراضي للمدارس المرموقة دون تحقيق ربح إذا كانت علاماتها التجارية ستزيد على الأرجح من مبيعات المجمع السكني، وفقا لما قاله مصطفى. وقال، "المدارس في شرق وغرب القاهرة، وفي العاصمة الجديدة، ستجني الأموال وسيلتحق بها أعداد جيدة جدا – إنه أمر لا يحتاج إلى تفكير."
ومع ذلك، يرى البعض أن نهاية عصر الهجرة إلى العاصمة قد اقتربت: يقول القلا إن سيرا تهدف لأن تلبي الطلب على التعليم بالمدارس الخاصة من جانب الطبقة الوسطى المصرية خارج القاهرة، مضيفا أنه يعتقد أن عصر الهجرة إلى العاصمة قد ينتهي تقريبا. وتابع، "لهذا السبب نقوم بأخذ المبادرة في دخول تلك السوق وأن نحاول حقا خدمة هؤلاء الأشخاص ".
لذا فإن سيرا وإديوهايف تخالفان اتجاه التوسع الذي يركز على القاهرة وحدها، وتجعلان المحافظات ذات أولوية استراتيجية لها، وفقا لما قاله القلا ومصطفى لإنتربرايز. وجرى افتتاح فرع لمدرسة ريجنت البريطانية في المنصورة الجديدة في أكتوبر 2020. وأكد مصطفى أن إلى جانب افتتاح مدرستين جديدتين في القاهرة في سبتمبر المقبل، وربما مدرستين أخرتين في سبتمبر الذي يليه، تستهدف إديوهايف إطلاق مدارس أخرى في مواقع جديدة – بما في ذلك في الدلتا والإسكندرية – ربما في 2023 أو 2024. وأكدت مصادر مؤخرا أن سيرا بصدد بناء مدرسة دولية جديدة في مدينة سوهاج الجديدة ومدرسة لغات في مدينة رشيد الجديدة.
أبرز أخبار قطاع التعليم في أسبوع:
بداية العام الدراسي الجديد في أكتوبر: تبدأ المدارس الخاضعة لإشراف لوزارة التعليم عامها الدراسي في 9 أكتوبر المقبل ويستمر حتى يونيو 2022.
- مصر تدرس إمكانية إطلاق جامعة جديدة في السودان: بحثت مصر والسودان فرص إطلاق فرع جديد لجامعة الإسكندرية في جنوب السودان.
- الجامعة الأمريكية تطلق برنامج تابع لـ "إم أي تي" في مصر: وقع مركز ريادة الأعمال والابتكار بكلية إدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، اتفاقية مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي، حيث تقدم المؤسسة الدعم للمركز في الـ 18 شهرا المقبلة، لتنفيذ برنامج مراقبة المشروعات التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في السوق المصرية.
- هل تستفيد مصر من تحول السياسات الصينية في قطاع التعليم؟ خطة الصين للإصلاح الشامل لقطاع التعليم الخاص المقدر قيمته بنحو 100 مليار دولار قد تدفع المستثمرين نحو أسواق أخرى مثل مصر.
- شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية (سيرا) تنضم لمؤشر EGX30: تعود الشركة المتخصصة في خدمات التعليم "سيرا" لمؤشر "ًEGX30" بعد المراجعة النصف سنوية لقوائم الشركات المدرجة والتي بدأ تطبيقها أمس.