ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة يثير القلق لدى الأسواق الناشئة
من المرجح أن يسبب ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة مشاكل للاقتصادات الناشئة، فارتفاع العائدات يضغط على الدول التي تعاني من ديون ضخمة وأوضاع مالية عامة غير مستقرة، حسبما نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن محللين. وقالت تاتيانا ليسينكو، كبيرة الخبراء الاقتصاديين بالأسواق الناشئة لدى وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني، إنه "ينبغي أن تشعر الاقتصادات الناشئة بالقلق حيال التضخم في الولايات المتحدة أكثر من قلقها بشأن التضخم لديها".
لكن لماذا؟ ارتفاع الأسعار يعني زيادة احتمالات أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم. وتعد أسعار الفائدة المرتفعة أخبارا سيئة للأسواق الناشئة، التي يعاني الكثير منها من وطأة الديون المقومة بالدولار. ومع زيادة عائدات الديون الأمريكية، يبدأ المستثمرون في المطالبة بعائدات أعلى على أصول الأسواق الناشئة ذات المخاطر الأعلى، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض. وعادة ما يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى هروب رأس المال من الاقتصادات الناشئة ويقوي العملة الأمريكية، مما يضعف عملات الدول النامية ويضر بالمالية العامة للدول التي لديها الكثير من الديون الدولارية.
حدث هذا في وقت سابق من العام، حين بدأت العوائد على سندات الخزانة الأمريكية في الارتفاع. ومع توقع المزيد من المستثمرين رفع الفيدرالي أسعار الفائدة، تعرضت أصول الأسواق الناشئة لصدمة نتيجة عمليات البيع في سوق الديون السيادية الأمريكية، وشهدت العملات والأسهم تدفقات خارجة في نهاية فبراير.
إشارة خاصة لمصر في التقرير: تعتبر تكاليف إعادة التمويل في مصر من بين الأعلى في العالم، إذ تحتاج البلاد هذا العام إلى إعادة تمويل ديون تعادل 38% من الناتج المحلي الإجمالي. وأعادت مصر تمويل ديونها بمعدلات أعلى، إذ دفعت متوسط سعر فائدة يصل إلى 12.1% على ديونها، وهو معدل أعلى بقليل من متوسط تكلفتها البالغة 11.8%، وفق ستاندرد أند بورز.
التضخم ليس الخطر الوحيد على الأسواق الناشئة، بحسب ليسينكو، التي أكدت لفايننشال تايمز أنه إذا تعافي الاقتصاد الأمريكي بشكل سريع ومفاجئ قبل الاقتصادات الناشئة، فربما يستجيب المستثمرون ببيع أسهم وسندات الأسواق الناشئة.
بعض البنوك المركزية في الأسواق الناشئة لديها مجال محدود للمناورة: البرازيل مثلا رفعت أسعار الفائدة مرتين هذا العام ردا على ارتفاع التضخم، ومن المتوقع أن ترفعها مجددا هذا الشهر. تكمن المشكلة في أن البنوك المركزية فقط حتى الآن هي التي بإمكانها رفع أسعار الفائدة دون زعزعة استقرار المالية العامة، لكن لو ثبت أن الارتفاع الأخير في الأسعار لم يكن مجرد موجة عابرة، فقد تجد نفسها بين المطرقة والسندان.
لا داع للقلق: لحسن الحظ، يواجه البنك المركزي المصري وضعا مختلفا إلى حد ما، فالتضخم منخفض ومعدلات الفائدة تعد من بين الأعلى في العالم. ولا يتعرض المركزي لأي ضغوط، بل إن لديه مجال لخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل دون أن يقلق بشأن ارتفاع التضخم.