مصر في الأولمبياد: لمحة تاريخية موجزة
تشارك مصر بانتظام في الألعاب الأولمبية الصيفية منذ عام 1912، عقب عامين من إنشاء اللجنة الأولمبية المصرية على يد العداء المصري اليوناني المولد أنجلو بولاناكي الذي كان أول رياضي مصري ينافس خارج البلاد في أواخر القرن التاسع عشر، وكان في وقت من الأوقات أسرع عداء في العالم، وحامل الرقم العالمي لسباق 100 متر عدو في مطلع القرن العشرين، وعُين في اللجنة الأولمبية الدولية في عام 1910.
وخلال مشاركاتها، حصدت مصر 32 ميدالية من بينها سبع ميداليات ذهبية، لتحتل المرتبة 53 في قائمة ترتيب الميداليات بجوار جورجيا وإندونيسيا. ليس هذا سيئا بالنظر إلى وجود 65 دولة لم تفز بميداليات أبدا في تاريخها، لكنه ليس رائعا أيضا، إذ فازت الولايات المتحدة بـ 121 ميدالية في أولمبياد ريو 2016 وحده، أي ما يقرب من خمسة أضعاف الميداليات التي جمعناها خلال القرن الماضي.
لربما فزنا بالمزيد لولا المقاطعة: لم تتوان مصر أبدا عن مقاطعة الأولمبياد بسبب الأحداث السياسية. فمن أصل 24 دورة أقيمت منذ عام 1912، خاضت مصر 20 دورة، وامتنعت عن المشاركة في 1956 احتجاجا على حرب السويس، وفي 1976 بعد رفض اللجنة الأولمبية الدولية حظر نيوزيلندا لارتباطها بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى المشاركة في المقاطعة التي قادتها الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفييتي عام 1980.
استغرق الأمر 4 محاولات للفوز بأولى الميداليات المصرية في دورة الألعاب الأولمبية 1928 في أمستردام، حيث حصل ثلاثة رياضيين على أربع ميداليات، ذهبيتان في رفع الأثقال وفضية وبرونزية في الغوص. الذهبية الأولى كانت من نصيب الرباع المصري السيد نصير، الذي حطم الرقم القياسي العالمي في مجموع الخطف والنطر (355 كجم) في فئة الوزن خفيف الثقيل، كما حصد المصارع إبراهيم مصطفى ميدالية ذهبية في المصارعة الرومانية للوزن خفيف الثقيل، وفاز فريد سميكة بفضية وبرونزية في الغطس. وبعد ثماني سنوات في أولمبياد برلين 1936، استطاع خضر التوني تحقيق إنجاز أكبر بالحصول على الميدالية الذهبية متفوقا على منافسه الألماني. ورفع التوني 387.5 كجم في مجموع الرفعتين، متفوقا على صاحب الميدالية الفضية الذي رفع 352.5 كجم فقط، ليحقق رقما قياسيا عالميا سيبقى صامدا لمدة 13 سنة. ومن بين 32 ميدالية حققتها مصر، كان 14 منها في رفع الأثقال، و7 ميداليات في المصارعة الرومانية.
الأفضل؟ يعتبر محمود فياض واحدا من أفضل الرباعين في الألعاب الأولمبية في القرن العشرين. وتهيأت الساحة لانتصار رافع وزن الريشة في المنافسة وإرساء دعائم إرثه بين الأبطال العظماء بعد أن صعود الحائز على الميدالية الذهبية في وزن الريشة إبراهيم شمس، واختفى الرباع المصري صالح سليمان من الساحة الرياضية. وبعد الحصول على ميدالية فضية في دورة الألعاب الصيفية عام 1948، حقق فياض فوزه الأولمبي عام 1948 في لندن، وحصد الميدالية الذهبية وحقق أيضا أرقاما قياسية عالمية في كل من الخطف والنطر. ولإثبات أن نجاحه لم يكن وليد الصدفة، احتل فياض الصدارة أيضا في النسختين التاليتين من بطولات العالم.
ولا تزال مصر قوة كبيرة في عالم رفع الأثقال والمصارعة حتى يومنا هذا. ومن بين 12 ميدالية فازت بها مصر منذ بداية القرن الحالي، هناك 6 في رفع الأثقال والمصارعة.
انتظرنا 56 عاما حتى حصلنا على ذهبية جديدة، وها نحن ننتظر 16 سنة أخرى: منذ ذهبيتي إبراهيم شمس ومحمود فياض في 1948، لم تفز مصر بأي ميدالية ذهبية في الألعاب الأولمبية حتى جاء كرم جابر ليفوز بذهبية المصارعة الرومانية في وزن 96 كجم في أولمبياد أثينا 2004، بعد اكتساح كل من قابله في طريقه لمنصة التتويج.
حاولت مصر استضافة الألعاب الأولمبية عدة مرات، مرتين في الإسكندرية عامي 1916 و1936، قبل دخول القاهرة في سباق أولمبياد 2008 التي فازت بها بكين.
لكننا لا نقبل الخسارة بسهولة: في عام 2018، أعلن وزير الرياضة أشرف صبحي أن مصر تخطط لاستضافة أولمبياد 2032، وهو ما سيجعلها أول دولة أفريقية تستضيف الألعاب. لكن لا يبدو أننا سنرى الشعلة الأولمبية في القاهرة قريبا، فبصرف النظر عن حقيقة أننا لا نعرف هل قدمت الحكومة طلبا رسميا أم لا، فإن اللجنة الأولمبية الدولية تميل إلى تنظيم الحدث في مدينة بريزبان الأسترالية، بالإضافة إلى أن قطر ستواصل جهودها لاستضافة أولمبياد 2031 في الدوحة.