ما دور الشركات الناشئة في حل مشاكل تسرب المياه في مصر؟
ما دور الشركات الناشئة في حل مشاكل تسرب المياه في مصر؟ تناولنا الأسبوع الماضي دور الشركات المصرية الناشئة في حل مشكلات إدارة المخلفات والطاقة الشمسية. ونستمر هذا الأسبوع في تناول دور الشركات المصرية الناشئة في مجال البيئة في حل مشكلة ناقشتها إنتربرايز مرارا، وهي تسرب مياه الشرب والري وكيفية حلها.
نتناول هذا الأسبوع الشركة الناشئة في مجال الزراعة "بلاج إن جرو"، والشركة الناشئة في مجال تكنولوجيا المياه "واي تكنولوجيز"، واللتان تساهمان في حل هذه المشكلة المنتشرة في أنحاء البلاد والتي قد تسوء بسبب أزمة سد النهضة الإثيوبي، والتي تبدو هي الأخرى أنها بعيدة عن الحل.
وتتفاقم مشكلة ندرة المياه في مصر، حسبما أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أمام اجتماع بالأمم المتحدة، مشيرا إلى أن حصة الفرد في البلاد سنويا من المياه تصل إلى 560 متر مكعب، فيما يبلغ حد ندرة المياه العالمي ألف متر مكعب للفرد سنويا.
تؤدي الزراعة التي تستهلك 80% من المياه في مصر، إلى فقد كميات هائلة من المياه في البلاد جراء أساليب الري التقليدية والشبكات المتقادمة. ورغم عدم وجود أرقام دقيقة لحجم الفاقد من المياه، تشير التقديرات إلى أن الرقم سجل 9.5 مليار متر مكعب، في العام المالي 2019/2018، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (بي دي إف). وخسرت دلتا نهر النيل 7 مليارات متر مكعب من المياه خلال العام المالي ذاته بسبب تسريب المياه في القنوات، وفق ما قالته مصادر لإنتربرايز. لمزيد من المعلومات في هذا الصدد، يمكنكم الاطلاع على عددنا السابق من هاردهات حول تسريبات وفاقد الري في مصر.
لكن إلى جانب مشكلة التسريب هناك مشكلة عدم كفاءة استخدام مياه الري، فنتيجة لاستخدام أساليب الري التقليدية تستهلك زراعة كيلوجرام من الخس ما يصل إلى 250 لتر من المياه، وفق ما ذكره مصطفى حسانين، الرئيس التنفيذي لشركة "بلاج إن جرو" لإنتربرايز، فيما يستهلك القمح والأرز الآلاف.
وتقوم "بلاج إن جرو" بتوفير تكنولوجيات لزراعة الخضروات وتربية الأسماك بتكلفة معقولة، وذلك للمزارعين الجدد والقدامى على حد سواء، باستخدام الهيدروبونيك والأكوابونيكس. وتعتمد الهيدروبونيك على زراعة النباتات التي لا تحتاج لتربة داخل المياه فيما تقوم الأكوابونيكس على استخدام المياه التي تربى فيها الأحياء البحرية كالأسماك لزراعة النباتات، والتي تتميز بغناها بالعناصر الغذائية. ويعتمد النظامين على الصوب الزراعية.
وتوفر أنظمة الهيدروبونيك ما بين 85-90% من المياه مقارنة بالري التقليدي وتوفر محاصيل جاهزة للتصدير، طبقا لحسانين. ويمكن لاستخدام الأكوابونيكس أن يوفر ما يصل إلى 99% من المياه مقارنة بأساليب الري التقليدية. ويحقق استخدام الصوب في نظام الهيدروبونيك إنتاج محصول من فدان واحد يعادل إنتاج 26 فدانا بأساليب الري التقليدي، وهو ما يوفر مساحات شاسعة. ويقول مؤسس الشركة إن استخدام نظام الهيدروبونيك للزراعة يوفر المياه اللازمة لزراعة المحاصيل الأكثر استهلاكا للمياه مثل القمح والأرز.
وتساعد الشركة الشركات العاملة على تحويل المزارع التقليدية لاستخدام نظام الهيدروبونيك. كما توفر الإرشادات والتصميمات وتقوم بإنشاء النظام لمالكي المزارع الجديدة، إضافة لتوفير الدعم التقني وبرامج الكمبيوتر اللازمة لإدارة المزارع والعمليات.
وخلال جائحة "كوفيد-19" ازداد الإقبال على الاستثمار في المزارع الصغيرة، بحسب حسانين. ويرجع ذلك إلى توقف إنتاج السوق الأوروبية وانخفاض أسعار الفائدة محليا، وهو ما شجع المصريين على اقتحام سوق التصدير. ويتضمن عملاء "بلاج إن جرو" شركات كبرى ومستثمرين أفراد مهتمين بالمزارع الصغيرة وعملاء يسعون لبناء مزراع صغيرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي لأنفسهم، وذلك لضمان أن يكون الطعام الذي يستهلكونه صحيا.
تسرب مياه الشرب: فقدت مصر نحو 29% أو ما يعادل 3.1 مليار متر مكعب من إجمالي مياه الشرب البالغة 10.7 مليار متر مكعب في العام المالي 2019/2018 بسبب شبكة الأنابيب المتهالكة والمنشآت غير المرخصة، وهو ما ذكره مسؤولون في عدد سابق آخر من هاردهات.
وتقوم شركة واي تكنولوجيز بسد الثغرات في شبكات المياه، من خلال حلول الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات التي تحدد مواقع المشكلات في الشبكات مثل تسرب المياه. وتقدم الشركة منصة ذكية يجري ربطها بأدوات القياس في أي شركة مياه لتتمكن من الكشف عن تدفق المياه وضغطها في المناطق المختلفة. ومن ثم، يمكن تحليل نقاط البيانات عبر خوارزميات للكشف عن موقع وزمن التسريب إضافة لتحديثات وقتية والأماكن المناسبة لتثبيت الحساسات. وأطلقت الشركة مؤخرا مشروعا تجريبيا في الغردقة، كما تقدم الشركة خدماتها للمجمعات السكنية والأحياء التي تعتمد على شبكات مياه داخلية.
وفيما يتركز الاهتمام على توفير مياه الري عبر الحلول التكنولوجية، فإن توفير مياه الشرب يساعد أيضا على تقليل استهلاك الطاقة، بحسب محمد عبد القادر، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة واي تكنولوجيز. وتمر مياه الشرب عبر عمليات تنقية كثيفة الاستهلاك للطاقة لجعلها آمنة للاستهلاك. وتزداد العملية صعوبة في منطقة البحر الأحمر بسبب انتشار المياه المالحة، وهو ما يجعلها أكثر تكلفة.
ولكن لن تستطيع الشركات الناشئة إنجاز الكثير دون سياسات وسلوكيات داعمة. وتسعى مصر لتخفيض كمية المياه المفقودة إلى 5% بحلول 2030، بحسب رؤية مصر 2030. ويصف عبد القادر الهدف بالطموح للغاية، موضحا أن هناك فجوة بين القرارات العليا التي يضعها كبار مسؤولي الدولة وعلى مستوى الشركات ولكنها لا تترجم إلى تغيير حقيقي على الأرض. ويدعو عبد القادر لسياسات تساعد الأشخاص العاديين على اتخاذ قرارات أكثر ملائمة للبيئة.
جاري اتخاذ الخطوات اللازمة لمعالجة ذلك: جعلت حكومة مدبولي تحديث شبكات المياه المتقادمة وتوصيلها وتوسيعها أولوية وطنية. وتعتزم الحكومة تخصيص جزء من التمويل لهذا الغرض من حصيلة التسويات في مخالفات البناء. وبدأت الحكومة في طرح أجهزة استشعار لتوفير المياه لقياس تسريب مياه الري، وفق ما ذكرته رويترز في فبراير الماضي نقلا عن مصادر حكومية.
وقد يتحقق إصلاح السياسات من خلال قانون الموارد المائية قيد المناقشة في مجلس النواب. وجرى الموافقة على القانون مبدئيا في مارس الجاري بعد سنوات من مناقشته. ويفرض القانون عقوبات أكثر صرامة على إهدار المياه، ويعالج قضايا زيادة معدلات التلوث وإدارة الموارد المائية وتغير المناخ. وكانت إنتربرايز تناولت القانون بالتفصيل في عدد سابق من هاردهات حول تشريعات المياه في البلاد.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
- المبادرات الخضراء: شهدت وزيرة البيئة ياسمين فؤاد توقيع اتفاق شركاء العمل البيئى ممثلا فى تحالف عدد 8 من كبرى الشركات العاملة فى مصر فى عدد من المنتجات التى تستخدم العبوات البلاستيكية أحادية الاستخدام لدعم العمل البيئي بالتخلص الآمن من المنتجات البلاستيكية بإعادة التدوير.
- التصنيع: حصلت شركة برايت سكايز الناشئة والمتخصصة في مجال التكنولوجيا ودعم التحول الرقمي وجامعة الإسكندرية على تمويل بقيمة 5 ملايين جنيه من هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا) لتنفيذ نظام تحكم ودفع لأتوبيس النقل العام الكهربائي.
- الاستثمار في تحويل المخلفات إلى طاقة: تستعد وزارة الإنتاج الحربى لضخ استثمارات تقدر بنحو 4.8 مليار جنيه على مدار 4 سنوات، فى مشروع تحويل المخلفات إلى طاقة، بالتعاون مع شركة جرين تك إيجيبت، ومجموعة أوك القابضة، والهيئة العربية للتصنيع. ومن المقرر إقامة المشروع على مساحة 10 أفدنة بمنطقة أبو رواش.
- البنوك تتجاهل تعهدات الحوكمة البيئية: قدمت البنوك والمؤسسات العالمية تمويلات بقيمة 750 مليار دولار لشركات الفحم والنفط والغاز في عام 2020، رغم تعهد الكثير منها بدعم اتفاق باريس للمناخ.