ما مشكلة مستثمري الحوكمة مع الأسواق الناشئة بالضبط؟
لماذا يدير مستثمرو الحوكمة ظهورهم للأسواق الناشئة؟ يجد مستثمرو الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية أنفسهم مضطرين إلى تجنب الأسواق الناشئة في ظل المخاوف المتعلقة بمخاطر الاستثمار فيها، وفق فايننشال تايمز. من الناحية النظرية، الواجب على مستثمري الحوكمة أن يهتموا بتحسين المعايير البيئية والأخلاقية في ممارسات الأعمال وخطوط الإنتاج بالأسواق الناشئة. لكن على أرض الواقع، يختار كثير منهم تجنب خوض هذا الطريق الوعر ويقللون تعرضهم لتلك الأسواق، حسبما يذكر التقرير.
الاقتصادات الناشئة بحاجة ماسة للاستثمار: تقدر الفجوة التمويلية التي تحتاج إليها الدول النامية (باستثناء الصين) من أجل تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بنحو 4.3 تريليون دولار سنويا، إضافة إلى تريليوني دولار أخرى كل عام لمساعدتها على مواجهة تغير المناخ، وهو ما ينقله التقرير عن نايجل توبينج، رائد المناخ في المملكة المتحدة، مضيفا أن "أكثر من 70% من هذه الاحتياجات لا بد أن توفره تمويلات القطاع الخاص".
بعض صناديق المعاشات وصناديق الثروة السيادية تحاول الظهور بمظهر الداعم للبيئة، لكنها تختفي حين يتعلق الأمر بالأسواق الناشئة. العديد من الصناديق الكبيرة تتخذ موقفا مفاده أن الاستحواذ على حصص أقلية في الشركات غير المتوافقة مع الحوكمة (العاملة في النفط والغاز مثلا) يوفر لها فرصة لدفع عجلة التغيير من الداخل. لكن هذا المنطق لا يمتد ليشمل الأسواق الناشئة، التي يقول مديرو الصناديق إنها لا توفر سوى أقل قدر من الحماية لأصحاب حصص الأقلية والمؤسسات الصغيرة فيها، وهو ما يعد عائقا أمام نهج "الاستثمار المؤثر" هذا.
الصندوق السيادي النرويجي (الأضخم في العالم) لم يضف إلى محفظته خلال العام الماضي أي أصول جديدة في الأسواق الناشئة، مشيرا إلى نيته تطبيق معايير أخلاقية وبيئية موحدة على استثماراته كافة. يقول الشريك المؤسس لشركة إنتليدكس للاستشارات البحثية ستيوارت ثيوبالد إن "بعض صناديق المعاشات والصناديق السيادية تهتم للغاية بألا تصل أخبارها إلى عناوين الأخبار، سواء بسبب ممارسات العمل السيئة أو الفساد الحكومي".
نقص البيانات عائق مهم: أكثر من نصف المستثمرين الذين استطلعت فايننشال تايمز آراءهم أكدوا أن الافتقار إلى البيانات كان عقبة أمام الاستثمار في حوكمة الأسواق الناشئة، وكلهم أعربوا عن عدم رضاهم عن إفصاحات الشركات بشأن مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في الدول الناشئة. لكن على الجانب الآخر، تعاني شركات الاقتصادات الناشئة في سبيل الالتزام بمعايير الحوكمة محليا ودوليا، كما أنه من المستبعد الاتفاق على معايير عالمية للإفصاح عن الحوكمة قريبا. وحتى عندما تلتزم هذه الشركات بتقديم جميع البيانات المطلوبة، تتدخل عوامل أخرى مثل أخطاء التنسيق أو قلة الخبرة في التعامل مع إفصاحات الحوكمة أو عدم تطابق الاعتبارات السياقية، مما يؤدي إلى تقييم الشركة بشكل غير عادل.
لو لم تغتنموا هذه الفرص، غيركم سيفعل: في حالة عدم تمكن الأسواق الناشئة من العثور على مستثمرين في مجال الحوكمة البيئية والمجتمعية والمؤسسية، فإن شركاتها ومشروعاتها ستجد مستثمرين آخرين أقل اهتماما بالاستدامة. يقول كولين ماير، الأستاذ في كلية سعيد لإدارة الأعمال بجامعة أكسفورد لفايننشال تايمز: "ما يحدث هو تغيير الشركات وجهتها من المستثمرين الذين لديهم مخاوف بشأن هذه القضايا، إلى آخرين لا يبالون بها على الإطلاق".
النتيجة قد تؤثر بشكل خطير على مصادر تمويل بعض الدول النامية، حسبما يحذر أليسون تايلور، المتخصص في الأعمال الأخلاقية في كلية ستيرن للأعمال بجامعة نيويورك، مشيرا إلى أن "هذا أسوأ من سحب الاستثمارات من النفط والغاز، لأنك إذا سحبت الاستثمارات من بلد ما، ستتركه فريسة للجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب والعنف".