عطلة نهاية أسبوع حافلة: تعويم ثالث ورفع أسعار الفائدة وقرض من صندوق النقد الدولي
ماذا حدث يوم الخميس؟ اتخذ البنك المركزي المصري في نهاية الأسبوع الماضي سلسلة من الإجراءات لاستعادة السيولة في الأسواق وإنعاش ثقة المستثمرين في اقتصاد البلاد ومواجهة أزمة نقص العملات الأجنبية، كما أعلن التوصل لاتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار. وكانت لدينا القصة الكاملة إلى جانب تعليق من المحللين والخبراء في عدد الخميس الماضي من نشرة إنتربرايز المسائية. إليكم ملخص لما حدث:
1# – انتقل البنك المركزي إلى "نظام سعر صرف مرن بشكل دائم" يسمح لقوى السوق بتحديد قيمة الجنيه، وفقا لبيان (بي دي إف). وقد انخفض الجنيه بنحو 16.3% ليستقر عند أدنى مستوى له على الإطلاق 22.9986 مقابل الدولار بنهاية تعاملات الخميس.
2#- كما رفع المركزي أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، ليصل سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 13.25% و14.25% و13.75% على الترتيب. تبع قرار المركزي، طرح البنوك المملوكة للدولة شهادات ادخار مرتفعة العائد مدتها ثلاث سنوات: طرح كل من بنك مصر (بي دي إف)، والبنك الأهلي المصري (بي دي إف)، وبنك القاهرة المملوكة للدولة شهادات ادخار لمدة ثلاث سنوات بعائد 17.25%، إلى جانب شهادات ادخار أخرى ذات عائد متغير.
3#- عمليات صرف آجلة، ومبادلة أسعار الصرف، وعمليات صرف آجلة غير قابلة للتسليم: عدل البنك المركزي بعض تعليماته للسماح للبنوك بتنفيذ عمليات صرف آجلة وعمليات مبادلة أسعار الصرف وعمليات صرف آجلة غير قابلة للتسليم، وكل هذا للشركات والبنوك المحلية فقط، بحسب خطاب منفصل (بي دي إف). واشترط الخطاب استخدام عمليات الصرف الآجلة ومبادلة أسعار الصرف لتغطية الاعتمادات المستندية ومستندات التحصيل وتسهيلات الموردين وتحويلات أرباح المساهمين الأجانب للخارج وعائدات تصدير السلع والخدمات. لمزيد من المعلومات نوصيكم بالرجوع إلى شرح إنتربرايز للعقود الآجلة، وهي نوع من المشتقات المالية.
4#- يستهدف البنك المركزي مضاعفة احتياطي النقد الأجنبي خلال السنوات الأربع المقبلة، حسبما قال عبد الله خلال المؤتمر. واستقر احتياطي النقد الأجنبي عند نحو 33.2 مليار دولار في سبتمبر، حيث كان المصدر الأساسي للعملات الأجنبية هي إيرادات السياحة والصادرات والتحويلات وإيرادات قناة السويس.
يفتح هذا الباب أمام العديد من التساؤلات الآن:
1#- إلى أين يتجه الجنيه، وما هو سعر المتوازن؟ يقدر المحللون سعر الصرف بين 22-25 جنيها بحلول نهاية العام المقبل. وعلى المدى القريب، يتوقع الخبير الاقتصادي هاني جنينة أن يبلغ سعر الجنيه بين 25-27 للدولار على أن يستقر في النهاية عند 25 جنيها للدولار الواحد بنهاية عام 2022، بينما يتوقع آخرون – بما في ذلك جولدمان ساكس – أن يشهد الجنيه المزيد من الضعف على المدى القريب. يوم الخميس، تجاوزت التداولات الدولارية في الإنتربنك 10 أضعاف المتوسط اليومي خلال الشهرين الماضيين، وهو مؤشر قوي على أن سعر صرف الدولار المتوازن يتراوح بين 22.5 و23.5 جنيه.
2#- هل يمكن أن نشهد المزيد من التحرك في سعر الصرف فيما بعد؟ يشير استخدام البنك المركزي لكلمة "دائم" قبل "سعر الصرف المرن" إلى عزمه الحفاظ على مرونة سعر الصرف، على الأقل لفترة من الوقت. وكانت مرونة سعر الصرف شرطا رئيسيا من صندوق النقد الدولي لإبرام الاتفاق الجديد – وكانت سببا جزئيا لامتداد المباحثات مع الصندوق لأشهر. "كان لسعر الصرف المستقر آثار سلبية على احتياطيات مصر والاقتصاد ككل، لا سيما في ضوء الصدمات الاقتصادية العالمية الخارجية"، وفقا لما قاله وزير المالية محمد معيط في الأسابيع الأخيرة، موضحا أنه لهذا السبب يرى صندوق النقد أن سعر الصرف المرن أمر بالغ الأهمية بالنسبة للاقتصاد المصري.
3#- إلى أي مدى سيرتفع التضخم بعد التعويم؟ يرى بنك جولدمان ساكس أن التضخم سيبلغ ذروته بالقرب من 19% في يناير، بينما توقعت نعيم للوساطة في الأوراق المالية أنه سيبلغ ذروته عند 20% بنهاية ديسمبر، "الأمر الذي قد يتطلب زيادة أخرى بمقدار 100 نقطة أساس". ومع ذلك، من المرجح أن يكون الارتفاع "عابرا"، وفقا لمحللي بنك جولدمان ساكس. وكان التضخم قد بلغ أعلى مستوى له في أربع سنوات بنسبة 15% في سبتمبر وسط ارتفاع مستمر في تكاليف المعيشة بسبب الحرب في أوكرانيا وضعف الجنيه.
3#- هل كان رفع الفائدة ضروريا؟ بينما يتفق معظم المحللين الذين تحدثت إليهم إنتربرايز، إن لم يكن جميعهم، على أن رفع سعر الفائدة كان متوقعا وضروريا للسيطرة على التضخم، إلا أننا على الحياد حيال ذلك. نظرا لأن معظم الأسواق المتقدمة لم تنته بعد من دورات التشديد النقدي الخاصة بها، فإن احتمالية أن تصبح عائداتنا أكثر جاذبية تقف بين ضئيلة إلى معدومة. بالإضافة إلى ذلك، أشار كل من البنك المركزي المصري والحكومة إلى أنه من الأفضل بناء اقتصاد يعتمد على الاستثمار الأجنبي المباشر والصادرات بدلا من الأموال الساخنة. كما أن رفع الأسعار ليس جيدا لموازنة الدولة أو للشركات، وينتهي بنا الأمر إلى تقييد الوصول إلى التمويل، وربما وقف نشاط التصنيع الذي يتسم بالبطء ويمر بالعديد من التحديات بالفعل.
حول قرض صندوق النقد الدولي –
أخيرا.. صندوق النقد يمنح الاقتصاد المصري طوق النجاة: يستهدف إتفاق إطار تسهيل الصندوق الممدد البالغة مدته 46 شهرا "دعم ميزان المدفوعات في مصر والموازنة العامة، وتحفيز فرص التمويل الإضافي من الشركاء الدوليين والإقليمين لمصر، للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ومعالجة الاضطرابات في الاقتصاد الكلي وآثار الحرب في أوكرانيا، وحماية سبل المعيشة، ودفع جهود الإصلاح الهيكلي والحوكمة العميقة للأمام لتحفيز نمو يقوده القطاع الخاص وخلق فرص عمل"، حسبما قال صندوق النقد في بيان.
وقد نحصل على ما يصل إلى 9 مليارات دولار: يمكن لمصر الحصول على تمويل إضافي بنحو 5 مليارات دولار من مجموعة غير محددة من "شركاء التنمية" ومؤسسات دولية أخرى خلال العام المالي 2023/2022، وذلك بهدف "المساعدة في تعزيز موقف مصر الخارجي"، وفق ما ذكره صندوق النقد الدولي، الذي أشار إلى عزمه الدخول في محادثات مع الحكومة خلال الأشهر المقبلة بشأن مبلغ إضافي قدره مليار دولار من صندوق المرونة والاستدامة التابع له.
لكن هل تكون حزمة الدعم كافية لعودة مصر مجددا إلى أسواق الدين الدولية؟ المحللون منقسمون حول ما إذا كان البرنامج صغير الحجم سيكون كافيا لعودة المستثمرين الأجانب للديون المصرية، لا سيما بالنظر إلى الأوضاع المالية المشددة على الصعيد العالمي. وقالت نعيم للوساطة في الأوراق المالية إن الاتفاق من شأنه أن يجذب "تدفقات هائلة من الأموال الساخنة"، كما يمكن أن يسمح للحكومة بطرح إصدارات جديدة من السندات الدولية في غضون الثلاثة إلى الخمسة أشهر المقبلة. وأضافت أنه من المتوقع سد فجوة التمويل الإجمالية (التي تقدر بنحو 20 مليار دولار خلال العام المقبل) بحلول النصف الأول من عام 2023". إلا أن جولدمان ساكس ليس متأكدا من ذلك، حيث أوضح الاقتصادي في جولدمان ساكس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فاروق سوسة "من غير المرجح أن يؤدي التمويل الذي سيكون متاحا من خلال البرنامج، من وجهة نظرنا، إلى تهدئة المخاوف فورا لدى المستثمرين حيال التوقعات الخاصة بالتمويل الخارجي لمصر على المدى المتوسط. لذلك لا نتوقع العودة إلى أسواق [الدين] خلال المدى القريب".
ستزيد الحزمة الضغط على الحكومة من أجل المضي قدما في خطط الإصلاح الاقتصادي: ستواصل الحزمة الضغط لدفع الإصلاحات الداخلية ومواصلة المسار نحو بناء اقتصاد مصري جديد مع برنامج يركز على بناء صناعات تصديرية وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر الهادف. وقال سوسة: "الحجم المحدود للبرنامج سيساعد في مواصلة الضغط على الحكومة من أجل المضي قدما في التعديلات وأجندتها الإصلاحية، لذا يمكن أن يكون هذا أمرا إيجابيا للائتمان على المدى الطويل".
الخطوة التالية – لا تزال حزمة التمويل تتطلب الموافقة النهائية من المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، والذي من المقرر أن يجتمع لمناقشة الاتفاقية في ديسمبر، وفقا للبيان.
وحصلت القصة على تغطية من الصحف الأجنبية: رويترز | أسوشيتد برس | فايننشال تايمز l بلومبرج l نيويورك تايمز l وول ستريت جورنال.
تصحيح – ذكرنا بالخطأ يوم الخميس أن مصر توصلت إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار لمدة ستة أشهر. لكن الصحيح أن التسهيل الممدد مدته 46 شهرا. وقمنا بتصحيح ذلك على موقعنا الإلكتروني.