لماذا قد تصطدم شركتك بسقف الإنتاجية
كيف يؤثر عدم كفاءة الترقيات الوظيفية على إدارة الشركات؟ التسلسلات الهرمية موجودة في كل مكان حولنا وغالبا ما تعمل بطرق غريبة (وليست فعالة). في مكان العمل – حيث يكون الكثير منا أكثر دراية بالتسلسل الهرمي – تشير نظرية عمرها عقود تُعرف باسم "مبدأ بيتر" إلى أن الترقيات غير المقيدة داخل المنظمات مقدر لها أن تؤدي إلى ضياع الشركات وإدارتها بشكل سيئ على المدى الطويل.
أساسيات مبدأ بيتر: صيغ مبدأ بيتر لأول مرة في عام 1969 من قبل الأستاذ بجامعة جنوب كاليفورنيا لورانس بيتر. يشير مبدأ بيتر إلى أن جذور جميع حالات عدم الكفاءة الإدارية هو الاتجاه العام بين الشركات لترقية الموظفين ذوي الأداء العالي إلى أدوار غير مناسبة لهم أو غير مستعدين لتحملها. هذه الظاهرة، كما يقترح بيتر، قد تستمر حتى يرقى كل موظف في الهرم الوظيفي، إلى أن يصل كل منهم إلى دور لا يكون مؤهلا للوفاء به وإلى مستوى تنعدم فيه الكفاءة. "في أي تسلسل هرمي، يميل الموظف إلى الارتقاء إلى مستوى يزيد عن كفاءته ويظل فيه"، حسبما قال بيتر في مقابلة مسجلة تعود إلى عام 1974 (نشاهدها بفضل الحفاظ على أرشيف بي بي سي:شاهد 6:47 دقيقة).
ربما لم يؤخذ ذلك على محمل الجد من قبل، لكن مبدأ بيتر يثير القليل من الأسئلة الأساسية التي يمكن أن يستفيد منها المديرون والعاملون على حد سواء والتي تتضمن: من هو الشخص الأنسب فعلا لمتطلبات محددة لدور جديد؟ وإذا كانت الأمور تسير على نحو جيد وناجح في وضع ما، فما الداعي للتغيير أو الاستبدال؟
تكمن المشكلة في أن كونك ماهرا في وظيفة ما لا يعني أنك ستكون بالضرورة جيدا في درجة وظيفية أعلى: بالنسبة لبيتر، الذي شارك في تأليف كتاب حول هذا المبدأ مع ريموند هال في عام 1969، فإن المشكلة ليست أن عدم الكفاءة منتشر بين القوى العاملة، ولكنها تكمن في أن الناس ستستمر في الصعود الوظيفي طالما أنهم متفوقون في ما يفعلونه، لكنهم سيصلون حتما إلى سقف حيث لن يعد بإمكانهم صعود السلم المهني، وسيكافحون من أجل تلبية المتطلبات الأساسية لدورهم الجديد.
أداء مهام وظيفة ما ≠ إدارة شخص آخر يقوم بها: المهارات والسمات المطلوبة لإنجاز مهمة ما باحترافية ليست نفسها المطلوبة لإدارة الآخرين بفعالية (شاهد 7:09). وعلى الجانب الآخر، هناك أشخاص قد يحتلون مرتبة عالية في القدرة الإدارية ولكن منخفضة في إنجاز مهام معينة مقارنة بأقرانهم.
عدم كفاية التدريب سبب آخر. يمكن للشركات في بعض الأحيان إعداد الموظفين الذين تمت ترقيتهم حديثا بشكل أفضل من خلال تقديم تدريب أكثر شمولا، بدلا من افتراض أنهم لائقون بشكل طبيعي للوظيفة لأنهم كانوا قادرين على الأداء الجيد في وظيفة أخرى في الماضي.
هناك بالطبع بعض الثغرات في هذا النموذج: يرسم مبدأ بيتر صورة مبسطة للغاية وربما قديمة للأعمال التجارية الحديثة والقوى العاملة، كلاهما بات أكثر تكيفا وتعقيدا من معظم أماكن العمل في أواخر الستينيات عندما نشر بيتر نظريته. من المرجح أن يغير الناس وظائفهم أكثر مما كانوا عليه من قبل، وغالبا ما يحتاجون إلى مجموعة مهارات أوسع بكثير للحصول على وظيفة اليوم. والأهم من ذلك، أن بيتر قد أغفل قدرة الناس على اكتساب مهارات جديدة.
يغيب بشكل ملحوظ عن هذه النظرية ذكر أولئك المحرومين تاريخيا من الترقي في مكان العمل: بالنسبة للنساء وكذلك الأقليات، الذين واجهوا منذ فترة طويلة حرمانا غير عادل عندما يتعلق الأمر بالأجور واحتمالات الترقية إلى مناصب قيادية على الرغم من الكفاءة المثبتة، يمكن لمبدأ بيتر أن يكون غير معبر تماما عن ذلك.
للتغلب على ذلك، يمكن للشركات أن تبحث عن أنواع مختلفة من حوافز الأداء: بدلا من مجرد ترقية أصحاب الأداء المتميز، يمكن للشركات أن تختار تقديم حوافز أو رواتب إضافية لأولئك الذين يتفوقون في مسؤولياتهم. الشركات التي تعتمد أجرا إضافيا كوسيلة مفضلة لمكافأة الموظفين، هي التي على الأرجح سترقي المديرين الذين سيتميزون بأداء أفضل فيما بعد، وفق لدراسة نشرت عام 2018 (بي دي إف) حول تطبيق مبدأ بيتر في 214 شركة مبيعات.
هناك أيضا نظام السلم الوظيفي المزدوج: يمكن للشركات أيضا أن تحذو حذو مايكروسوفت في إنشاء آليتين منفصلتين للترقي الوظيفي، لفصل المسؤولية عن الأجور. في مايكروسوفت، يمكن للمبرمجين اتباع مسار مهني تقني والتمتع بمستوى متزايد من المكافآت المالية والمكانة الوظيفية، بينما يمكن للقادة اتباع مسار مختلف ولكنه مجزي بشكل متساو مصمم خصيصا لتقييم الأداء الإداري.