رائد الأسبوع: وليد صادق مؤسس ورئيس باي سكاي
رائد الأسبوع – رائد الأسبوع فقرة أسبوعية كل ثلاثاء، نتحاور خلالها مع أحد المؤسسين حول كيفية النجاح في مجتمع الشركات الناشئة المصري، كما نعرف المزيد عن تجربتهم في إدارة الأعمال التجارية، ونصائحهم لرواد الأعمال الناشئين. يتحدث إلينا هذا الأسبوع وليد صادق (لينكد إن)، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة باي سكاي.
اسمي وليد صادق، وأنا المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة باي سكاي. أعمل في مجال المدفوعات الإلكترونية منذ 17 عاما. تخصصي الأصلي هو الطب الذي درسته وتدربت على ممارسته، لكن منذ بداية الدراسة في كلية الطب وأنا مهتم بالتكنولوجيا. بدأت في تعلم البرمجة وتطوير المنتجات بالتوازي مع الدراسة، ومع انتهائي منها كنت أشغل بالفعل منصبا إداريا في إحدى الشركات، وفي النهاية قررت الاستمرار في العمل بالبرمجة.
عملت في العديد من الشركات متعددة الجنسيات قبل إطلاق شركتي الخاصة، ثم وجدت شركة فيزا تطرق بابنا. كنا نحقق الأهداف التي يطلبونها بكفاءة، لذلك عرضوا علي العمل معهم. كنت في أوائل العشرينات من عمري، لذلك قررت مغادرة عالم الشركات الناشئة لبعض الوقت والانضمام إليهم، لأنها كانت فرصة رائعة للتجول داخل أروقة مجال الخدمات المالية. وصلت إلى منصب رئيس الابتكارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قبل الانتقال إلى لندن لقيادة استراتيجية أوروبا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا. الوقت الذي قضيته في فيزا فتح عيني على الكثير من الأمور، لكن سرعان ما عدت لتلبية نداء عالم الشركات الناشئة.
البداية كانت باستخدام الخبرات التي اكتسبتها في فيزا من أجل البحث عن الخدمات التي لا توجد لها حلول متوفرة. ونظرا لأن السوق لم تكن تتحرك في الاتجاه الذي توقعته، فقد فكرت في دفعها إلى هذا الاتجاه بنفسي. تركت فيزا وشكلت فريقا لتأسيس باي سكاي، وهي شركة ذات حلول مبتكرة وغير تقليدية أحدثت تغييرات كبيرة في المنطقة.
كل من يؤمن بعمله يجد نفسه يبذل كل ما يملكه من أجل إنجاحه، وأنا لم أكن استثناء أبدا، إذ وضعت جميع استثماراتي ومدخراتي في باي سكاي. كانت هذه مغامرة ضخمة، لكن كان لدي إيمان كامل بما كنا نفعله، وهو ما ثبت أنه ناجح ومثمر للغاية.
الجانب الأكثر إمتاعا في عملي هو التوصل للحلول، بدءا بوضع استراتيجيات جديدة ثم تنفيذها وتقديمها للسوق والشركات العاملة فيها. العمل في مؤسسة ضخمة يقدم العديد من الامتيازات، لكنك تظل في النهاية جزءا صغيرا من عمل ضخم، وتكون مسؤوليتك هي تحقيق أهداف الشركة. أما حين تبدأ مشروعك الخاص، فيكون عليك أن تصنع رؤيتك الخاصة وتقدمها للسوق.
يعجبني النمو السريع في مشهد الشركات الناشئة، وكذلك ذكاء الشركات ونشاطها، وقدرتها على الاستجابة لتغيرات السوق في ساعات بدلا من أيام وشهور كما تفعل معظم المؤسسات. لكن بيئة الشركات الناشئة تظل مليئة بالقلق. فمع تصاعد المسؤوليات وتزايد الضغط الملازم لنمو الشركة، تجد نفسك توظف المزيد من الأشخاص وتشعر بالمسؤولية تجاه عائلاتهم.
النصيحة الوحيدة التي يمكن أن أقدمها لمن يفكر في تأسيس شركته الخاصة هي التمكن من كل تفاصيل المجال الخاص به أولا، قبل محاولة تغييره أو استبداله. عليكم أن تكتسبوا المعرفة الكافية والأرضية الصلبة من خلال العمل في هذا المجال لبعض الوقت، وعليكم أن تفهموا المشاكل قبل التفكير في الحلول.
نعمل في باي سكاي على تطوير حلول الدفع الإلكتروني، ثم نأخذ هذه الحلول والخدمات المالية الرقمية ونقدمها للمؤسسات المالية حتى تتمكن من تقديمها للعملاء، أو ننقلها مباشرة إلى المستهلكين عبر تطبيق يلا. يمتد وجودنا في الوقت الحالي إلى أكثر من 10 أسواق، ونخدم البنوك المركزية وبنوك التجزئة ومشغلي الاتصالات ومؤسسات البريد. لدينا بنية تحتية للمدفوعات على مستوى عالمي، ساعدت في تعزيز المدفوعات الإلكترونية والشمول المالي في أكثر من 10 دول. ونتأكد دوما من معالجة مسألة الوصول إلى الخدمات المالية بطرق فعالة ومبتكرة.
نؤمن بأن وجود خدمات مالية فعالة شيء ضروري من أجل قيام اقتصاد على أسس سليمة. ما نفعله هو توفير الخدمات المالية لمن هم خارج الشبكة أو من يعانون من قلة الخدمات المتاحة، ولذا نؤمن بأن عملنا اليومي مرتبط بهدف أسمى نعمل جميعا من أجل تحقيقه.
مؤشر الأداء الرئيسي بالنسبة لي هو التزامنا بأهدافنا. مع كل قرار نتخذه نسأل أنفسنا: "هل يتماشى مع أهدافنا؟". بالطبع هناك مقاييس مالية ومقاييس للإيرادات والربحية وكل هذا، لكن سبب وجودنا هو تحقيق أهدافنا.
أعتقد أن فكرة جمع التمويلات تحوز اهتماما أكبر من اللازم. كثيرون يتجاهلون أهمية خلق القيمة وتوليد الإيرادات لصالح التركيز على جمع التمويل، وهي فكرة مخادعة. أصبح معيار النجاح هو مقدار التمويلات التي جمعتها، وهذا ليس مقياسا دقيقا. إذا تمكنت من إدارة عملك دون الحصول على تمويل فهذا أفضل، لأنك ستحتفظ بملكية شركتك ومكاسبها كلها لنفسك.
تجربة المستهلك وتجربة المستخدم من المجالات التي أهتم بها. المثير في الأمر أن الشركات تبني منتجاتها عبر منظورها الخاص، ثم يأتي المستهلك برد فعل مختلف تماما. العمل على وجهة نظرك وحدها يجعلك أسيرا داخل عقلك، وهو أحد الأسباب الرئيسية لفشل الشركات الناشئة، أنها تبتكر حلولا لمشاكل غير موجودة. أرشح هنا كتابا رائعا عن هذا الموضوع قرأته مؤخرا، هو Don't Make Me Think للكاتب ستيف كروج.
دائما ما أراجع البيانات للحصول على بعض الإلهام. عندما تراقب أداء عملائك ومعاملاتهم، تعمل تلك البيانات الأولية على توسيع مداركك. البيانات لا تكذب أبدا. أود كذلك أن ألقي نظرة على السوق نفسها، فحين تدخل منطقة جديدة لا بد من تعلم ثقافتها وتجاربها وتطبيقاتها وإعلاناتها، وأين يروجون لعروضهم الخاصة، وهو ما يكشف لك كيفية إدراك الناس للقيمة.
"نقلة" تعد واحدة من الشركات المصرية الناشئة التي أثارت إعجابي، إذ يسعون إلى "أوبرة" عملية النقل بالشاحنات، إذا صح التعبير. هذا القطاع الاقتصادي محروم بشكل كبير، ويواجه تحديات تتراوح بين البنية التحتية والخدمات اللوجستية والتنظيم. أعتقد أن ما يفعلونه سيكون له تأثير إيجابي للغاية على الأداء الاقتصادي والإنتاج للعديد من المجالات الأخرى.