استطلاع إنتربرايز يرجح رفع الفائدة الخميس المقبل
استطلاع إنتربرايز – من المرجح أن يستأنف البنك المركزي المصري دورة التشديد النقدي الخميس المقبل، في محاولة لكبح التضخم ودعم العملة المحلية. وتوقع ستة من سبعة محللين وخبراء اقتصاديين شملهم استطلاع إنتربرايز الدوري أن ترفع لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا العام، لترتد تكاليف الاقتراض إلى معدلاتها ما قبل جائحة "كوفيد-19".
المعدلات الحالية: يبلغ سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة الآن 11.25% و12.25%، على الترتيب، في حين يبلغ سعر العملية الرئيسية وسعر الخصم 11.75%. رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس منذ مارس الماضي سعيا للسيطرة على التضخم وجذب المستثمرين الأجانب إلى سوق الدين المحلية، إلا أنه قرر الإبقاء عليها دون تغيير في الاجتماعين الأخيرين للجنة السياسة النقدية في يونيو وأغسطس.
ضعف الجنيه وتفاقم التضخم ستجبر المركزي على رفع الفائدة: "بالنظر إلى أن الفيدرالي الأمريكي يخطط أيضا لرفع الفائدة بمعدل أكبر في سبتمبر، فلن يكون أمام المركزي خيارا سوى رفع الفائدة لمواجهة كل من التضخم والمخاطر الخارجية المتفاقمة"، وفق ما ذكرته الخبيرة الاقتصادية مني بدير لإنتربرايز. وتتوقع بدير "زيادة بمعدل 100 نقطة أساس في الاجتماع المقبل، ولكن لن نتفاجئ إذا رفعها أكثر من ذلك".
لم تبلغ الضغوط التضخمية ذروتها بعد: واصل معدل التضخم السنوي في المدن المصرية مساره الصعودي في أغسطس ليصل إلى أعلى مستوى له في أربع سنوات تقريبا، مسجلا 14.6% على أساس سنوي، وذلك على خلفية ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات. تتوقع بدير أن تتزايد الضغوط خلال الفترة المتبقية من عام 2022. "ما زلنا نتوقع تراجعا أكبر في قيمة العملة المحلية، وهو ما سيغذي التضخم بصورة أكبر، على الرغم من انحسار التضخم العالمي جراء التراجع الأخير في أسعار المواد الغذائية".
خطوة استباقية: قال عمرو الألفي رئيس قطاع البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية إن المركزي ربما يستأنف تشديد السياسة النقدية في اجتماع الخميس المقبل، في خطوة استباقية لكبح جماح التضخم الآخذ في الزيادة، والذي تشير التوقعات إلى استمرار مساره الصعودي خلال الفترة المقبلة، في ضوء اتجاه المركزي للسماح للجنيه بمواصلة التراجع تدريجيا أمام الدولار وهو ما سيؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية لا سيما التضخم المستورد، إلى جانب التوقعات بمواصلة الفيدرالي الأمريكي رفع الفائدة بما يصل إلى 75 نقطة أساس هذا الشهر.
تثبيت الفائدة في الاجتماعين السابقين كان الهدف منه تحجيم استخدام الأداة النقدية أو بمعنى آخر "عدم حرق هذا الكارت" حتى يأتي الوقت المناسب لاستخدامه، حسبما يري نعمان خالد، المدير المساعد لدى أرقام كابيتال. وأوضح أنه لم يكن هناك داع لرفع الفائدة إلى أن تكون لدى المركزي رؤية واضحة بشأن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وشروطه المتعلقة بتحرير سعر الصرف وخلافه. وأكد خالد أن عدم ضبط توقيت استخدام تلك الأداة مع تحريك سعر الصرف وتوافر سيولة دولارية من دول الخليج وصندوق النقد، يجعلها مكلفة للغاية وغير مجدية. ويرى نعمان أنه "في ضوء ما نشهده من تحريك تدريجي في سعر الصرف، والتصريحات الرسمية بشأن قرب إبرام الاتفاق مع الصندوق، وهو ما سيصاحبه زيادة في الضغوط التضخمية جراء تحرير سعر الصرف بوتيرة أكبر، نتوقع أن يرفع المركزي أسعار الفائدة بواقع 100-200 نقطة هذا الأسبوع، من إجمالي 300 نقطة متوقعة قبل نهاية العام مع توقعنا أن يصل التضخم إلى 17-18% بحلول نهاية 2022".
سيناريو الرفع المحدود ربما يكون الأكثر ترجيحا: تخفيض الجنيه بشكل تدريجي، وليس بنسبة كبيرة على غرار ما حدث في مارس الماضي، هو ما يعزز التوقعات بأن المركزي سيقدم على زيادة محدودة للفائدة بواقع 100 نقطة أساس، بدلا من رفعها بشكل عنيف، بحسب الألفي. وتابع: "الوضع لا يستدعي تشديدا عنيفا للسياسة النقدية، نظرا للتأثير السلبي لذلك على تكلفة خدمة الدين والاستثمار بصفة عامة". يرجح الألفي رفعا بمقدار 200 نقطة أساس حتى نهاية العام، منها 100 نقطة نهاية الأسبوع الجاري، و100 نقطة أخرى في نوفمبر المقبل. ويتوقع جيمس سوانستون، اقتصادي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في كابيتال إيكونوميكس، أن يستأنف المركزي دورة التشديد النقدي هذا الأسبوع برفع الفائدة بواقع 50 نقطة أساس. وترجح المؤسسة البحثية التي تتخذ من لندن مقرا لها، زيادة أخرى في الفائدة بمعدل 100 نقطة قبل نهاية العام، حسبما ذكر سوانستون في مذكرة بحثية تلقت إنتربرايز نسخة منها.
لكن البعض يتوقع زيادة كبيرة: يرجح هاني جنينة، الخبير الاقتصادي والمدرس المساعد لعلوم إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، رفع الفائدة 2% على الأقل الخميس المقبل، مع إعادة طرح شهادات ذات العائد 18% لكبح التضخم الأساسي الذي يتوقع إن يقفز إلى 20% قرب نهاية العام، ومنع الدولرة التي تصاحب تحرير سعر الصرف. يتوقع أيضا الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح رفع الفائدة بواقع 100-150 نقطة أساس هذا الأسبوع، رغبة من المركزي في تحجيم ظاهرة الدولرة التي عادت للظهور بعد انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار. ويرجح أبو الفتوح أيضا أن تقوم البنوك بتقديم شهادات تمنح عائد مرتفع يغري حائزي الدولار للتخلي عنه، وتحفز المصريين العاملين في الخارج على تحويل مدخراتهم إلى الجنيه المصري.
وثمة من يغرد خارج السرب: "بالرغم من أن سعر الفائدة الحقيقي لا يزال سالبا وبمعدل مرتفع، إلا أننا نرى أن الأفضل هو تثبيت أسعار الفائدة خلال الفترة الحالية"، وفق ما ذكرته إسراء أحمد، المحللة الاقتصادية لدى بنك الاستثمار الأهلي فاروس. وأردفت: "من المرجح ألا تشهد معدلات التضخم ارتفاعا كبيرا خلال الفترة المقبلة، لا سيما أن معظم الصدمة التي سببتها المعطيات الخارجية قد جرى امتصاصها بالفعل، بالإضافة أن أثر الأساس قد يكون عاملا مواتيا مطلع 2023. والأهم، أن المتغيرات الخارجية فيما يخص أسعار النفط وكذلك مؤشر أسعار الغذاء قد تشير إلى أن الأسوأ فيما يخص استيراد التضخم قد مضى، بما قد يكون مؤشرا إيجابيا لنمط التضخم خلال الفترة المقبلة".