لماذا تتزايد استثمارات القطاع الخاص في دور الحضانة؟
تزايد اهتمام المستثمرين مؤخرا بالاستثمار في دور الحضانة وسط الطلب المتزايد على خدمات التعليم الخاص في البلاد. أسست العديد من منصات إدارة التعليم دور الحضانة مع الطلب الكبير والنمو القوي للقطاع، وفقا لمصادر في قطاع التعليم تحدثت إلى إنتربرايز. استغرق هذا النمو سنوات، لا سيما وأن دور الحضانة ومرحلة ما قبل المدرسة غالبا ما تعمل كبوابة مؤسسية (باهظة الثمن في أغلب الأحيان) لأفضل المدارس الخاصة والدولية في البلاد، كما ذكرنا سابقا.
الموقف الحالي: يتألف مشهد مرحلة رياض الأطفال في مصر غالبا من دور حضانة غير رسمية ذات معايير ونهج ورسوم متباينة – والتي قد تتراوح بين نحو 500 جنيه وحتى 10 آلاف جنيه شهريا، وفق ما قاله رئيس قطاع الطفولة المبكرة بوزارة التضامن الاجتماعي محسن محمد لإنتربرايز. وأضاف أنه في الوقت الحالي يوجد 16 ألف حضانة في مصر، يحتاج 10 آلاف منها إلى الحصول على تراخيص بعد "توفيق أوضاعها"، مما يعني الالتزام بمتطلبات الترخيص للمواصفات القياسية للمنشأة، مثل نوع المبنى، ودرجة التهوية ومؤهلات العاملين.
لكن هذا لا يكفي لمواكبة الطلب.. ما يخلق فرصة كبيرة أمام لاعبي القطاع الخاص: "إذا كان لدينا نقص في المدارس بمرحلة التعليم الأساسي، فاضرب هذا في ثلاثة لمرحلة رياض الأطفال"، وفق ما قاله الرئيس التنفيذي لشركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية (سيرا) محمد القلا لإنتربرايز.
"قطاع رياض الأطفال مجزأ للغاية، مع فرصة هائلة لتقديم عروض قوية ومستدامة وعالية الجودة"، على حد قول أحمد وهبي الرئيس التنفيذي لمنصة مصر للتعليم لإنتربرايز. وأوضح وهبي أن السوق محرومة من الخدمات الخاصة برياض الأطفال التي تقدم الجودة المناسبة للمستهلك المصري، مضيفا: "إنها سوق متنامية بشكل افتراضي، بحكم النمو السكاني".
إنه توقيت ممتاز لدخول السوق لأن المنافسة على التعليم الجيد ضئيلة للغاية، وفق ما قالته دينا عبد الوهاب، مؤسسة شركة التعليم الناشئة إينوفيت ورائدة والخبيرة في تعليم الطفولة المبكرة، مضيفة: "هناك الكثير من الفرص في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا".
بالنظر إلى ندرة خيارات بالقطاع، فإن نهج الاستثمار حاليا هو الاستحواذ: استحوذت سيرا العام الماضي على حصة قدرها 51% في إينوفيت، المتخصصة في إنشاء وإدارة الحضانات، وتخطط لاستثمار 50 مليون جنيه لتوسيع تواجد المؤسسة في هذا القطاع، حيث تتطلع إلى إطلاق 25 حضانة في غضون خمس سنوات. "لا نعتقد أن القطاع في مصر يحتاج إلى عمليات استحواذ فقط، لأنه يعاني بالفعل من نقص في الخدمات"، وفق ما قاله القلا لإنتربرايز. وقال القلا إن نهج سيرا يركز على "إثراء القطاع وإضافة المزيد من دور الحضانة لأن الأماكن الشاغرة محدودة للغاية حاليا".
كان هذا أيضا نهج منصة مصر للتعليم: استحوذت منصة مصر للتعليم على حصة أغلبية في حضانتي تريليوم وبيتالز اللتين تتبعان منهج مونتيسوري العام الماضي. قال وهبي: "نعتقد أنه يتعين علينا استكمال محفظتنا ليس فقط بالمدارس، ولكن أيضا مع دور الحضانة لضمان تواجدنا في أي نقطة من نقاط دخول السوق". "التوسع في قطاع رياض الأطفال يمنح الشركات فرصة كي تكون جزءا من دورة التحاق الطلاب بالتعليم من البداية إلى النهاية"، وفقا لوهبي.
لكن العثور على الشريك المناسب أمر أساسي: أكدت كل من سيرا ومنصة مصر على أهمية العثور على الشريك المناسب للتعاون معه. "أعتقد حقا أن مرحلة رياض الأطفال على وجه التحديد تدور حول المؤسس. يجب أن يعطي المؤسس كل تركيزه، لأن المسؤولية ضخمة"، حسبما يرى القلا، قائلا إنهم وجدوا الصفات التي كانوا يبحثون عنها في دينا عبد الوهاب مؤسسة شركة إينوفيت. بالنسبة إلى منصة مصر للتعليم، كان التوجه إلى قطاع ما قبل المدرسة مزيجا من الخيار استراتيجي، والعلامة التجارية المناسبة، والشريك الأفضل للعمل معه، وفق ما قاله وهبي. وأضاف أن "شيرين إبراهيم، مؤسِسة تريليوم وبيتالز هي واحدة من أكثر الأشخاص شهرة في مجال تعليم ما قبل المدارس في مصر، لذا فإن الشراكة معها كانت بالتأكيد القرار الصحيح".
بالإضافة إلى جاذبية الاستثمار، فإن تعليم ما قبل المدارس له تأثير اجتماعي واقتصادي. تنتج الجودة في مرحلة رياض الأطفال جيلا واثقا ومعبرا يمكنه التفكير خارج الصندوق، حسبما ترى عبد الوهاب، مشيرة إلى أن "السنوات الأولى هي مفتاح تطور الشخصية والعقل". وتضيف أنه قد يكون لها تأثير مفيد للغاية على تنمية البلاد ومستقبلها. يرى القلا "طلبا في جميع القطاعات، وتحديدا في الظروف الاقتصادية الحالية حيث تحتاج المرأة إلى دخول سوق العمل"، مشيرا إلى أن هناك عددا كبيرا من المكاسب الأكاديمية أيضا، إذ تسهل مرحلة ما قبل المدرسة على الأطفال دخول المدارس، وتساعدهم على الأداء بشكل أفضل في المقابلات المدرسية.
تعمل الحكومة جاهدة كي يكون القطاع أكثر جاذبية للاستثمارات الخاصة للفئة العمرية أقل من أربع سنوات، وهي مرحلة حرجة، وفق ما قاله محمد. وأضاف أن الحكومة تتطلع إلى دعم الشركات التي ستنشئ دور حضانة كبيرة الحجم، وستخصص حزمة تمويلية بقيمة 50 مليون جنيه لإنشاء حضانات مرخصة.
ويكمن جزء من هذه الخطة في إنشاء نظام أكثر تنظيما: تتطلع الحكومة إلى إدخال منهج معمم خاص لجميع دور رياض الأطفال، حيث وقعت وزارة التربية والتعليم العام الماضي اتفاقية مع ديسكوفري إديوكيشن لإعداد منهج يتوافق مع المعايير الدولية لمدة 4-6 سنوات، وفق ما قاله محمد. وأوضح أنه سيتم تقديم المنهج الجديد في جميع دور الحضانة، بما في ذلك دور الحضانة الدولية والخاصة والحكومية في النصف الأول من عام 2023. وأضاف محمد أنه يشمل مؤسسات دولية لضمان حصول الأطفال على أسس سلوكية وتعليمهم لغات ومهارات مختلفة، فضلا عن أسس للحفاظ على الهوية وتعزيز الانتماء. ويتضمن النظام الجديد أيضا رفع قدرات معلمي رياض الأطفال ليكونوا مؤهلين للاعتماد، بحسب محمد.
الضوابط تحظى بقبول لاعبي القطاع الخاص: "تكمن المشكلة في وجود خدمة مناسبة ومستوى محدد من المعايير ونهج مؤسسي"، وفق ما قاله القلا. هذه الفجوة هي بالضبط ما يتطلع النظام الموحد إلى معالجته، حسبما أوضح محمد.
وهناك مجال للنمو خارج القاهرة: قررت سيرا وإينوفيت التطلع إلى خارج العاصمة، وإنشاء حضانات إضافية في السويس والفيوم، بالإضافة إلى مناطق أخرى، وكان الطلب مزدهرا. ويقول عبد الوهاب: "وصلنا بالفعل إلى 70% من طاقتنا في الفيوم. قد لا نحقق أعلى عائد استثماري هناك، لكن لا بأس بذلك، نظرا لأننا لدينا فروع أخرى تحقق عوائد".
أبرز أخبار قطاع التعليم في أسبوع:
- أتمت شركة إيمونوفو الناشئة في مجال تكنولوجيا التعليم جولة تمويل ثانوية لم يكشف عن قيمتها بقيادة عدد من المستثمرين الملائكيين الإقليميين والدوليين وفلات 6 لابز.
- أطلقت وزارة التعليم العالي مشروع "الشهادات الدولية المهنية في التدريس"، بالتعاون مع منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) ومؤسسة صالح كامل الإنسانية وجامعة الملك سعود. ويقدم البرنامج شهادات دولية للمدرسين، ويهدف إلى تأهيلهم وإكسابهم المهارات المطلوبة في تخصصاتهم. (بيان)
- سلطت ذا ناشيونال الضوء على استعدادات أولياء الأمور للعام الدراسي الجديد في تقرير مصور يبرز إقبالهم على شراء المستلزمات في معرض "العودة إلى المدارس". (ذا ناشيونال)