لماذا يمكن أن تكون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – وتحديدا مصر – أرضا خصبة للتطبيقات الفائقة؟ أصبحت التطبيقات الفائقة هي السائدة هذه الأيام، خاصة في آسيا. وتعني التطبيقات الفائقة بالأساس وجود تطبيق واحد يجمع بين مجموعة من الخدمات، والتي يتضمن معظمها طرق للدفع. لذا فبدلا من استخدام تطبيقات مختلفة لطلب الطعام، ومراسلة الأصدقاء، ودفع فاتورة الهاتف، وتحويل الأموال وطلب وسيلة نقل، تتيح التطبيقات الفائقة للمستخدمين القيام بكل ذلك من منصة واحدة.
وهي تطبيقات ضخمة: تختلف الخدمات المحددة المقدمة من تطبيق فائق إلى آخر، إلا أن المحصلة النهائية هي أنه يمثل مكانا واحدا لجميع احتياجاتك اليومية. وتشمل الأمثلة العالمية الشهيرة تطبيق وي تشات الصيني بعدد 1.2 مليار مستخدم، وجراب المدرج في بورصة ناسداك بعدد 670 مليون مستخدم، وجوجيك الإندونيسي بعدد 125 مليون مرة تنزيل.
نستعرض اليوم أسباب انتشار التطبيقات الفائقة، وعلاقتها بالشمول المالي، ولماذا تعد منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ومصر على وجه التحديد أرضا خصبة لها. بينما يبدو أن التطبيقات الفائقة تلبي احتياجاتنا الأساسية فقط، إلا أنها عادة ما تكون لها جانب أساسي مرتبط بالتكنولوجيا المالية. وتعد منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ولا سيما مصر، أرضا خصبة للغاية لذلك.
التطبيقات الفائقة هي في الواقع مساحة كبيرة لخدمات التكنولوجيا المالية. عالميا، لدى التطبيقات الفائقة أساس يركز على التكنولوجيا المالية بشكل كبير. وأطلقت باي بال تطبيقا فائقا خاصا بها في سبتمبر، حيث قدمت محفظة رقمية وخدمات الإيداع المباشر ودفع الفواتير والمدفوعات ما بين العملاء والتسوق، وخدمات استرداد النقود وخدمات العملات المشفرة، وفقا لبيان صحفي. ويشمل أيضا حساب PayPal Savings، وهو حساب توفير مرتفع العائد مقدم من سينكروني بنك.
بالنسبة للمستخدمين، هذا يعني راحة البال. أما بالنسبة للمؤسسين، فهذا يعني بيانات. في حين أنه من الأسهل على المستخدمين الوصول إلى الخدمات عبر نافذة (أو شاشة) واحدة، يمكن أن تكون التطبيقات الفائقة "منصات فائقة" لجمع البيانات وتتبع السلوك، ما قد يؤدي أيضا إلى المزيد من الفرص للتطبيق لكسب المال. وتستخدم تطبيقات الفائقة بياناتها "لتحسين العمليات التشغيلية – مثل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبيانات المعاملات لتقييم المخاطر لمقدمي طلبات القروض، و[..] لتوجيه المنتجات المالية للعملاء بشكل أفضل، في الوقت المحدد الذي يحتاجون إليه"، وفقا لما جاء في تقرير لشركة كي بي إم جي إحدى أكبر أربع شركات للمحاسبة عالميا. فعلى سبيل المثال، يستخدم تطبيق وي تشات أكثر من 1.2 مليار شخص، معظمهم في الصين من خلال علامتها التجارية Weixin، وفقا لبيان، ما ينتج عنه كمية هائلة من البيانات. (Weixin هو النسخة المحلية من وي تشات في الصين، بينما العلامة التجارية وي تشات هي الإصدار العالمي.) ويتيح التطبيق للمستخدمين القيام بكل شيء بدءا من المراسلة ودفع فواتير المطاعم وتحويل الأموال، إلى حجز تذاكر وسائل النقل.
بينما نشأت فكرة التطبيقات الفائقة في آسيا، فقد شهدت منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نصيبها العادل منها على مدار السنوات الماضية. وتحول تطبيق كريم الذي يقع مقره في دبي، والذي استحوذت عليه أوبر في عام 2020، من تطبيق للنقل التشاركي إلى تقديم خدمات توصيل البقالة والدفع الإلكتروني. ويقدم تطبيق رزق الإماراتي، والذي أطلق في مصر العام الماضي، خدمات التدبير المنزلي والحلاقة للرجال والنقل الأثاث والعناية بالحيوانات الأليفة وخدمات التجميل والصحة والرعاية الصحية، وخدمات السيارات والصيانة.
تعد منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بشكل عام "أرضا خصبة" لظهور المزيد من التطبيقات الفائقة. "انتشار الهواتف المحمولة منخفضة التكلفة، فضلا عن ارتفاع تكاليف الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، يجعل التطبيقات الفائقة منتجا جذابا"، وفقا لما ورد بتقرير عن صعود التطبيقات الفائقة في المنطقة نشرته إيكونوميست إمباكت وماستركارد. وتشمل الأسباب الأخرى العدد الهائل من السكان في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، والذي من المتوقع أن يصل إلى 3.4 مليار نسمة بحلول عام 2050، والحاجة إلى تعزيز الشمول المالي.
كل ما سبق ينطبق على مصر. تبلغ نسبة انتشار الهواتف الذكية أكثر من 53% بين الفئات العمرية بين 15-74 عاما، وفقا للتقرير السنوي لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الصادر في سبتمبر 2021. ومع وجود أكثر من 100 مليون نسمة بمصر، لا يزال هناك نحو 67% من سكان البلاد ليست لديهم حسابات بنكية، وفقا لما ذكرناه العام الماضي، في حين أن 45% فقط من المدفوعات التي تتم في مصر تكون على هيئة معاملات غير نقدية، ما يجعلها ضمن أكثر دول العالم اعتمادا على العملات الورقية.
السوق المصرية بها حاليا ثلاثة تطبيقات فائقة هي، إم إن تي حالا، وتطبيق يلا الفائق، وتطبيق ماي فوري، والتي نستعرضها بالتفصيل قبل أن نلقي نظرة معمقة على الوضع في السوق المحلية الأسبوع المقبل.
#-1 إم إن تي حالا. تحول إم إن تي حالا، الذي بدأ كتطبيق لطلب مركبات التوك توك والدراجات النارية، إلى مركز لمختلف خدمات التكنولوجيا المالية والخدمات المالية. اليوم، يقدم التطبيق خدمات اشتري الآن وادفع لاحقا، والمحفظة الرقمية، وتطبيقات القروض ودفع الفواتير وطلب تسليم الطرود أو الرحلات التشاركية. وتخطط الشركة أيضا لإطلاق بطاقة الدفع الخاصة بها قريبا، بحسب تصريحات المؤسس والرئيس التنفيذي منير نخلة لإنتربرايز. وجمعت إم إن تي حالا تمويلا بقيمة 120 مليون دولار في سبتمبر الماضي من مستثمرين عالميين، بما في ذلك شركة الخدمات المالية البريطانية أبيس، التي شاركت في الجولة إلى جوار مجموعة ديفيلوبمنت بارتنرز إنترناشونال البريطانية وشركة لوراكس كابيتال بارتنرز، التي تعد أكبر جولة استثمار في مجال التكنولوجيا المالية في المنطقة حتى الآن.
#-2 تطبيق يلا الفائق. قال مؤسس باي سكاي وليد صادق إن التعاون بين شركة باي سكاي الناشئة للتكنولوجيا المالية والبريد المصري وفيزا أثمر عن إطلاق تطبيق يلا الفائق في ديسمبر، بهدف بناء نظام بيئي للخدمات الرقمية المتكاملة، بدعم من الخدمات المالية. وتعد باي سكاي في المقام الأول مزودا لحلول الدفع للمؤسسات المالية والتجار والشركات والمستهلكين، ويهدف التطبيق الذي أطلق حديثا إلى تقديم خدماته إلى مليار مستهلك ومليون من الشركات والتجار على مدار السنوات العشر المقبلة، وفقا لبيان صحفي سابق.
#-3 ماي فوري. تعمل شركة فوري للمدفوعات الإلكترونية على تحويل تطبيق ماي فوري إلى تطبيق فائق. وسيتضمن ذلك القدرة على إصدار بطاقات ماي فوري المدفوعة مسبقا، واستضافة الحسابات الرقمية، وذلك بهدف التوسع في التطبيق الفائق في ظل الاحتياجات المالية للعملاء في وقتنا الحالي، والتي تتمثل في القدرة على السداد والاستثمار والتوفير وأيضا الإدارة والاقتراض والتسوق، وفقا لما قاله وائل وهبي الرئيس التنفيذي لقطاع التسويق بشركة فوري لإنتربرايز. ويقدم ماي فوري حتى الآن مئات خدمات الدفع والاشتراك، إلى جانب مزايا الخصومات، والقدرة على شراء بطاقات الهدايا من مختلف العلامات التجارية في مصر.
الأسبوع المقبل، سنتناول بالتفصيل أداء تلك التطبيقات، وكيف يراها المستثمرون، والتحديات التي تواجهها في السوق.
أبرز أخبار الشركات الناشئة في أسبوع: