الشركات الناشئة قد تواجه المزيد من التحديات في عام 2023: في آخر أعداد "ماذا بعد" العام الماضي ألقينا نظرة على كيف كان عام 2022 بالنسبة للشركات الناشئة، ولم يكن مفاجئا أن الموضوعات الأكثر شيوعا كانت تراجع تمويلات رأس المال المغامر عالميا، وما أعقب ذلك من انهيار لشركة كابتير وموجات التصحيح وتسريح العمالة الذي شهدته الشركات الناشئة في مختلف المجالات.
العديد من تلك التحديات ستستمر خلال 2023، إذ يستعد الاقتصاد العالمي لمزيد من الرياح المعاكسة والركود الذي يلوح في الأفق، ومع استمرار النظر إلى استثمارات رأس المال المغامر كأصول مخاطر، ستحتاج الشركات الناشئة في عام 2023 إلى إعادة النظر في نهجها للنمو وتوسيع خططها الزمنية والبحث عن طرق جديدة لتأمين التمويل من أجل الخروج بقوة، كما يقول المستثمرون، وهناك فرص حقيقية لنجاح أولئك الذين يلعبون بذكاء.
تراجع رأس المال المغامر مستمر.. لكن النصف الثاني من 2023 قد يشهد انفراجة صغيرة: اتفق المستثمرون الذين تحدثنا إليهم على أن ضغط رأس المال المغامر سيظل شوكة في خاصرة الشركات الناشئة لمعظم عام 2023. يتوقع سيمون تكاتشينكو، الشريك في مودوس كابيتال، أن تتراجع ضغوط نقص التمويل في النصف الثاني من العام، إذ يزيد الضغط على شركات رأس المال المغامر لاستثمار رأس المال المتاح لديها.
الجنيه سيظل ضعيفا: الكثير من الشركات الناشئة لديها التزامات يجب دفعها بالدولار، مثل شراء أنظمة سي أر إم أو دفع أجور موظفيها الأجانب، حسبما قال علي الشلقاني الشريك الإداري في شركة أكاسيا فينتشرز، ذراع رأس المال المغامر لمجموعة "أكاسيا" (شبكة الاستثمار الملائكي كايرو إنجلز سابقا). انخفاض قيمة الجنيه يمكن أن يؤثر أيضا على تقييمات الشركات الناشئة، لأن معظمها يقيم بالدولار ولكن تدفع قيمتها بالجنيه، مما جعل التقلبات الحادة في سعر الصرف مشكلة في السابق، حسبما قال تكاتشينكو.
من المحتمل أن يعني هذا المزيد من الجولات المستقرة والهبوطية على المدى القصير: "أعتقد أن الشركات الناشئة ستواجه صعوبة في إتمام جولة صعودية"، كما قال تكاتشينكو، مضيفا أن الوضع السائد في قطاع رأس المال المغامر الآن هو أن الجولة زاد حجمها ثلاث مرات". هذا صحيح بشكل خاص في مصر، بعد أن كانت التقييمات منذ عام 2020 مرتفعة للغاية وفي بعض الأحيان "غير منطقية"، كما أخبرنا الشلقاني. وأضاف: "أولئك الذين رفعوا التقييمات بشكل كبير العام الماضي سيضطرون إلى الاتجاه نحو جولات هبوطية أو مستقرة، في حين أن أولئك الذين رفعوا التقييمات بشكل معقول من غير المرجح أن يفعلوا ذلك".
هذا ليس بالضرورة أمرا سيئا: "في نهاية المطاف، سيؤدي هذا إلى إخراج الكثير من الشركات الضعيفة من المشهد، وسيجري تأسيس وتمويل الكثير من الشركات الجيدة مباشرة بتقييمات منطقية"، وفقا لتكاتشينكو. "تعني البيئة الأكثر رصانة التي نعيشها أن الشركات التي تعمل بشكل جيد ستتمكن من العثور على التمويل"، حسبما قال الشريك الإداري في ألجبرا فينتشرز طارق أسعد لانتربرايز. وأضاف: "ليس من الضروري أن يكون ذلك من خلال جولات ضخمة، لكنها ستكون كافية لدعم الشركات حتى المرحلة التالية".
هناك مزيج من الأنباء الجيدة والسيئة: البيئة الأقل تنافسية جيدة للشركات الناشئة في مراحلها المبكرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعثور على المواهب، حسبما أوضح أسعد. ومع ذلك، فإن الشركات التي تأمل في جمع جولتها الثانية والثالثة للبقاء في السوق ستخضع للاختبار، وفقا لما قاله الرئيس التنفيذي لشركة سيكونس فينتشرز كريم هلال لإنتربرايز. وأضاف هلال أن المستثمرين سيلقون نظرة فاحصة وأكثر انتقادا على خطط توسع الشركات الناشئة، ويسألون حول كيف يجري التخطيط لتمويلها، وما إذا كانت خطتهم هي التمويل عبر جولاتها الثانية أو الثالثة، فقد يمثل ذلك مصدر قلق.
وقد يؤدي ذلك إلى المزيد من عمليات الدمج: "نظرا لأن التمويل محدود، تحتاج الشركات إلى التفكير في البدائل"، وفقا لما قاله أسعد، مضيفا أن "هناك الكثير من الإمكانات لعمليات الدمج". يتفق تكاتشينكو مع الرأي السابق، على الرغم من ملاحظته أن غالبية عمليات الاستحواذ وخفض التكاليف من المحتمل أن تكون قد حدثت بالفعل في العام الماضي. وتمتد تلك التوقعات على نطاق أوسع لتشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب الشريكة العامة لشركة جلوبال فينتشرز نور سويد. "سيشهد عام 2023 زيادة عمليات الدمج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كنتيجة مباشرة للاتجاهات التي تغلغلت في عام 2022، والتي ستزداد حدة هذا العام"، حسبما ذكرت سويد في مذكرة تلقتها إنتربرايز عبر البريد الإلكتروني، مضيفة أن "هذه الاتجاهات هي أن المستثمرين أصبحوا أكثر تحفظا، والأرباح تحل محل فكرة النمو بأي ثمن، وانخفاض السيولة وجولات الهبوط".
والمزيد من الشركات الناشئة تعطي الأولوية لتمديد المسار + النمو المطرد: "تركز الشركات أكثر على الأساسيات، بالنظر إلى مسار الشركة وربحيتها"، حسبما يعتقد أسعد. وبدلا من تسريح العمالة، ينبغي أن تركز الشركات الآن على تحسين مقاييسها الأخرى، مثل كيفية زيادة القيمة العمرية للمنتج لصالح العملاء، وفقا لما اقترحه تكاتشينكو.
يتطلع الكثيرون أيضا إلى التوسع خارج مصر كوسيلة للتحوط ضد المخاطر: التوسع خارج مصر ينوع من مصادر التمويلات للشركات الناشئة، وربما قاعدة مستثمريها، وفقا لما قاله أسعد، مضيفا :"أرى العديد من الشركات تفكر في ذلك على أنه نوع من التحوط ضد بعض التحديات في عام 2023".
ويسعى آخرون لتنويع مصادر التمويل: المزيد من الشركات الناشئة بحاجة إلى التسهيلات الائتمانية للمساعدة في سد تكاليف رأس المال العامل، بحسب تكاتشينكو، الذي قال إن الديون المغامرة لديها الكثير من الإمكانات في المنطقة. وأضاف تكاتشينكو، أنه قد يرى أيضا نماذج تمويل جديدة تترسخ، مثل التمويل القائم على الإيرادات، والذي يتمثل في تزويد المستثمرون الشركات الناشئة برأس مال مقابل نسبة من إيرادات الشركة. كما يشهد الشركات الناشئة التي تستخدم التمويل الجماعي كطريقة لجمع التمويلات، بالإضافة إلى مسرعات الأعمال، والتي يعتقد تكاتشينكو، أنها قد تزدهر هذا العام.
لا يزال العديد من المستثمرين الذين تحدثوا إلى إنتربرايز متفائلين بشأن الشركات الناشئة المصرية. قال الشلقاني: "أعتقد أن مشهد الشركات الناشئة في مصر سيكون أفضل في عام 2023"، مضيفا أنه يتوقع الاستثمار في نحو 16 شركة ناشئة من أحد صناديق أكاسيا – الصندوق الأول – هذا العام، وستكون نسبة كبيرة منها شركات ناشئة مصرية. وتبحث أسعد أيضا في الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية والتكنولوجيا الزراعية، بينما اعتبرت تكاتشينكو هذين القطاعين والشركات الناشئة للاستدامة بشكل عام، كبعض القطاعات الساخنة المحتملة للعام الحالي.
أبرز أخبار الشركات الناشئة في أسبوع:
- "تشيك مي" تستحوذ على "دكتور أونلاين": استحوذت شركة تشيك مي الناشئة في مجال التكنولوجيا الصحية على حصة الأغلبية في تطبيق العيادات الافتراضية "دكتور أونلاين"، في صفقة ترفع القيمة السوقية للشركة الناشئة إلى 20 مليون دولار.
- "فنتك جالاكسي" الإماراتية تستحوذ على "أندر لاي" المصرية: استحوذت منصة الخدمات المصرفية المفتوحة الإماراتية فنتك جلاكسي على مزود واجهة برمجة التطبيقات أندر لاي مقابل مبلغ لم يكشف عنه.
- كلاسيرا تتطلع إلى التوسع في مصر: تعتزم شركة كلاسيرا الناشئة في مجال تكنولوجيا التعليم، ومقرها الولايات المتحدة، ضخ استثمارات جديدة في مصر "لتعزيز عملياتها مع الشركاء في السوق المصرية وتقديم جيل جديد من التقنية التعليمية والتدريبية ضمن محفظة خدمات متكاملة".
- تحدثت إنتربرايز في مقابلتين منفصلتين مع المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة التوظيف "شغلني" عمر خليفة، والشريك المؤسس لمنصة جرينتا الصيدلية محمد عزب.