كيف يرى مدرسو التعليم الأساسي صعود روبوتات المحادثة؟
كيف يرى أساتذة التعليم الأساسي صعود روبوتات المحادثة؟ أصبح “تشات جي بي تي”، روبوت المحادثة المدعوم بالذكاء الاصطناعي الذي أطلقته شركة “أوبن أيه آي” الأمريكية في نوفمبر الماضي، حديث الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي في الشهور الماضية. ويستطيع البرنامج، والبرامج المشابهة التي أطلقت بعد ذلك، الاستجابة للأسئلة المتنوعة من المستخدمين. ورغم فوائدها المتعددة في مجالات العمل، أثار صعود روبوتات المحادثة الكثير من المخاوف في مجال التعليم لتأثيراته المحتملة على أداء الطلاب والعملية التعليمية. ورغم عدم إتاحته في مصر بعد، تمكن الطلاب من استخدام تشات جي بي تي بعد تجاوز متطلبات التسجيل في البرنامج، والتي تستلزم تسجيل رقم هاتف يتبع البلدان التي يعمل فيها البرنامج في الوقت الراهن. تحدثت إنتربرايز إلى عدد من المعلمين في مدارس التعليم الأساسي، وقد رحب بعضهم بتبني روبوتات المحادثة في محاولة للتكيف مع التطورات، بينما أعرب البعض الآخر عن مخاوف من تأثير البرنامج على الخطط التدريسية التي يعدونها. وقد أثارت التكنولوجيا قدرا من المخاوف الوجودية لدى المعلمين بشأن جدوى المدارس التقليدية في ضوء تلك التطورات ودورهم في العملية التعليمية.
استخدام روبوتات المحادثة في حل الواجبات المنزلية هو التخوف الأبرز: قبل ظهور روبوتات المحادثة، كانت هناك بعض الأدوات الرقمية التي تمكن المعلمين من اكتشاف حالات الغش في الواجبات المدرسية، مثل Turnitin، حسبما أخبرتنا نسرين بسيوني أستاذة الرياضيات للمرحلة الثانوية في المدرسة الأمريكية الدولية. وقالت بسيوني إنها تنوي الاشتراك في أحد برامج الكشف عن المحتوى المُعد بواسطة الذكاء الاصطناعي للتحقق من حالات الغش بين طلابها.
أدوات الكشف عن المحتوى ليست دقيقة بنسبة 100%: هناك العديد من الأدوات الرقمية للكشف عن المحتوى المعد بواسطة الذكاء الاصطناعي، ولكن بدرجات متفاوتة من الدقة. وقد حاول كلايتون بورين، الأستاذ في مدرسة شدس الأمريكية بالإسكندرية، التحقق من كفاءة واحدة من تلك الأدوات عبر إدخال أبحاثه التي أعدها أثناء دراسة الماجستير، وصنفها البرنامج باعتبارها محتوى معد بواسطة الذكاء الاصطناعي، وهي بالتأكيد ليست كذلك، حسبما قال بورين. من غير الواضح كيف تحكم هذه البرامج على الكتابة وما هي الصيغ التي أنشئت على أساسها، فالأمر ليس بوضوح أدوات مثل Turnitin الذي يقارن المحتوى بالكتابات الموجودة على الويب بالفعل، وفقا لبورين.
اتفق غالبية المعلمين على أنه لا جدوى من محاولة حظر أدوات الذكاء الاصطناعي: يرى كريس بلندهايم، أستاذ اللغة بمدرسة شدس الأمريكية، أن تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي على العملية التعليمية “بات أمرا حتميا” علينا تقبله، ولا يمكن أبدا عكس ذلك المسار، كما “لا يمكن إعادة معجون الأسنان إلى الأنبوب مجددا”.
إذا لم تستطع هزيمتهم، فانضم إليهم: اتجه بعض المعلمين إلى استخدام روبوتات المحادثة في إنجاز المهام الروتينية مثل إرسال التعليقات على الواجبات المدرسية إلى الطلاب. قال بلندهايم إنه يحتاج لكتابة تقرير صغير من 150-200 كلمة إلى طلابه الذي يصل عددهم إلى 85، وهو أمر مرهق. وبحسب بلندهايم، هناك سببين فقط لإرسال تلك التعليقات إلى الطلاب، وبالتالي طلبت من تشات جي بي تي أن يعطيني بعض المقترحات لتعليق مكون من 150 كلمة يمكن إرساله إلى طالب قام بأداء جيد في المهام الدراسية، ومنحني تشات جي بي تي 10 تعليقات مختلفة تمكنت من استخدامها والبناء عليها لتناسب كل طالب. واتجه بعض الأساتذة الآخرين لاستكشاف الاستخدامات المتعددة لتشات جي بي تي، إذ طلبت ريهام درويش، مدرسة العلوم الإنسانية ورئيسة قسم الدراسات الاجتماعية بإحدى المدارس الدولية، من روبوت محادثة إنشاء برنامج تدريسي لتجربته ولكنها لم تستخدمه في النهاية. تضمن البرنامج موارد دراسية، ومواد للقراءة، وأطرا زمنية لتنفيذ البرنامج، وكان تسلسل الأنشطة منطقيا، بحسب درويش.
والبعض الآخر يدمجه بالفعل في الفصول الدراسية ويوجه استخدامه بين الطلاب: سمحت لنا روبوتات المحادثة بمساعدة الطلاب على تجاوز العقبات المتعلقة بكتابة الأبحاث والمقالات، طبقا لما ذكره بورين. يجري إرشاد الطلاب حول كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الحصول على أفكار للمقالات على سبيل المثال، وفقا لبورين. ويمكن للطلاب استخدام تلك الأفكار كنقطة انطلاق للواجبات المكلفين بها، ويمكن للمدرسين بعد ذلك تقييم تنفيذهم للأفكار في المنتج النهائي.
يشعر عدد قليل من المعلمين بالقلق من استيلاء الروبوتات على وظائفهم أو إعاقة قدرة الطلاب على التعلم: “تتيح تلك التكنولوجيا للطلاب تخطي العديد من الخطوات المختلفة: القراءة والتحليل والتقييم وتحديد ما إذا كان المصدر متحيزا أم لا”، حسبنا ترى فريدة قصبي، مدرسة مادة دراسات الأعمال في القسم البريطاني بالمدرسة الانجليزية الحديثة بالقاهرة. وأوضحت أن الطلاب قادرون بالفعل على تعلم أي شيء يريدونه عبر الإنترنت، كما أن المدارس التقليدية معرضة لخطر أن تصبح بائدة ولكنها كانت تقاتل للحفاظ على مكانتها، ثم ظهرت هذه الروبوتات. واتفقت درويش مع قصبي تقريبا قائلة “أشعر أن مفهوم التعليم التقليدي كما نعرفه يجري دفعه إلى حافة الهاوية وأن هذا (ظهور روبوتات الدردشة) هو دفعة أخرى”. “هناك الكثير من التوتر بين المعلمين الذين لا يفهمون ما هو نموذج اللغة وهم قلقون من أن ينتهي بهم الأمر بفقدان وظائفهم”، حسبما قال بورين.
يشعر آخرون أنه على الرغم من قدرة هذه البرامج على تقديم ردود فورية على استفسارات الطلاب، إلا أنها لا تحل محل قيمة التفاعل البشري بين المعلم والطالب. حتى أن المدرسين يستخدمونها في الفصول لتطوير مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب من خلال المناقشات المفتوحة. أعرب العديد من المعلمين عن أنهم لا يمنحون الطلاب درجات بناء على المهام الكتابية وحسب وأن برامج مثل المستوى المتقدم أيه بي) والبكالوريا الدولية (أي بي) تتطلب من الطلاب الجلوس في امتحانات مكتوبة بخط اليد تشكل نسبة كبيرة من درجاتهم الإجمالية. تقوم درويش بتكليف طلابها بأداء مهام معقدة متعددة المراحل تتطلب من طلابها إكمال معظم مراحل التخطيط في الفصل، مع إشراف المعلم وتلقي الملاحظات، من أجل ضمان تقديم شيء يعتمد على فكرهم وعملهم الأصلي الذين قاموا بتنفيذه في الفصل.
تنويع أنماط الواجبات: “يجب أن تكون الواجبات الكتابية ثلث ما تقوم بوضع درجات عنه على أي حال. إذا كتب الطالب مقالا باستخدام الذكاء الاصطناعي ولكن يمكنه أيضا مناقشة المقالة في الفصل، وفهم ما يقوله عندما يجري الضغط عليه ومواجهته، فلا يزال بإمكانه إثبات أنه تعلم شيئا ما من خلال هذه العملية” وفقا لبورين. وأوضح أن مهام الأداء مثل تقديم عروض تقديمية أو إنشاء فيديو يجب أن تكون ضمن عملية التقييم أيضا.
نظرة مستقبلية: نظرا لمدى حداثة التكنولوجيا، طرح المعلمون العديد من الأسئلة المثيرة للاهتمام: “إذا قام الطالب بإنشاء مقال باستخدام روبوت محادثة، فهل ينتمي العمل إلى الطلاب؟ هل يعد ذلك سرقة فكرية من روبوت؟ ما مدى الاختلاف الذي يجب أن يكون عليه المقال حتى يحتسب كعمل أصلي من الطلاب؟ هل قدرة الطالب على الدفاع عن حجة المقال بحد ذاتها دليل كاف على أن الطلاب يعرفون المهمة المطروحة؟”، وفقا لبورين. مع استمرار تطور التكنولوجيا، سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف تستمر روبوتات المحادثة في تشكيل التعليم الثانوي في المستقبل. فيما قال بلندهايم إن المسألة تحتاج فقط إلى الوقت حتى نرى كيف سيتطور الأمر ثم كيف سنكون قادرين على استخدامها.
أبرز أخبار قطاع التعليم في أسبوع:
- وزير التعليم العالي في البرلمان الثلاثاء: يحضر وزير التعليم العالي أيمن عاشور إلى مجلس النواب غدا للرد على أسئلة من النواب حول عدة قضايا كأداء الجامعات المملوكة للدولة ونقص الأطباء والمستلزمات الطبية في المستشفيات التعليمية الجامعية.
- “فلات 6 لابز” تطلق صندوقا جديدا بـ 95 مليون دولار لدعم الشركات الناشئة الأفريقية، من المقرر أن يستثمر في أكثر من 160 شركة ناشئة في مراحلها الأولى على مدى السنوات الخمس المقبلة، مركزا على قطاعات تكنولوجيا الصحة والتكنولوجيا المالية وتكنولوجيا التعليم وتكنولوجيا الزراعة والحلول المستدامة.
- بودكاست مصري جديد لإدارة الأعمال: أطلق اثنان من طلاب إدارة الأعمال بودكاست “أيه الكلام” باللغة العربية على يوتيوب، لتقديم إرشادات غير مباشرة للمشاهدين والمستمعين، من رجال الأعمال الرواد في مجالاتهم الخاصة.