ما الذي يريده قطاع السيارات من المجلس الأعلى الجديد؟
هل ينقذ المجلس الأعلى لصناعة السيارات القطاع؟ بعد أن وافق مجلس النواب في أكتوبر الماضي على مشروع قانون بإنشاء المجلس الأعلى لصناعة السيارات، ليكون الجهة المسؤولة عن وضع سياسات القطاع بما في ذلك المركبات الكهربائية، عقد المجلس اجتماعه الأول الشهر الماضي. ويأمل اللاعبون في الصناعة الذين تحدثت إليهم إنتربرايز أن يساعد إنشاء المجلس في تحقيق الأهداف الأكثر إلحاحا للقطاع، مثل إنقاذ المصانع التي توشك على الإغلاق، وجذب مستثمرين دوليين جدد، وتشجيع تجميع السيارات وتصنيعها في مصر.
بشكل عام، تبدو المصادر التي تحدثنا إليها متفائلة بأن 2023 سيكون نقطة تحول لقطاع السيارات، مع تراجع الحكومة عن فرض قيود على الاستيراد وتقديم سياسات لتشجيع الاستثمارات المحلية والدولية في الصناعة.
مجلس صناعة السيارات يرأسه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ويضم عددا من الوزراء وممثلي مصلحة الجمارك واتحاد الصناعات المصرية وهيئات حكومية أخرى. ومن المقرر أن يضم كذلك لاعبين من القطاع الخاص، بما في ذلك ممثلين عن شركة نيسان مصر وشركة أوتوتك لقطع الغيار، والرابطة الأفريقية لمصنعي السيارات، وشركة بويزن إيجيبت الألمانية تصنيع أنظمة العادم. ويأتي إطلاق المجلس بينما تعمل الحكومة على طرح الاستراتيجية الوطنية لتنمية صناعة السيارات، التي تعرف أيضا باسم البرنامج المصري لتنمية صناعة السيارات (AIDP)، والتي من المنتظر أن توفر حوافز للشركات في القطاع لتشجيع التجميع المحلي وتصنيع المكونات في مصر، وزيادة القدرة التنافسية للقطاع ليصبح مركزا إقليميا للتصنيع، وتعزيز حجم الصادرات.
أهم أولويات القطاع؟ إنقاذ المصانع القائمة: تعرضت العديد من المصانع العاملة في مصر (بما في ذلك مصنع تجميع بي واي دي ولادا التابع لشركة الأمل) لأضرار بالغة، وربما تضطر إلى الإغلاق بسبب القيود المفروضة على الاستيراد العام الماضي. واضطر المصنع إلى تقليص عملياته إلى 4 أيام فقط في الأسبوع، مع تراجع الإنتاج بنحو 60% نتيجة محدودية المكونات الواردة من الخارج، حسبما أكد رئيس مجلس الإدارة عمرو سليمان لإنتربرايز. ويشير سليمان إلى أن حل مشاكل شركات التجميع يمكن أن يساعد في دفع العجلة نحو المزيد من تصنيع المكونات، وبالتالي خلق صناعة سيارات حقيقية.
والهدف طويل المدى؟ توطين صناعة السيارات: يعتمد مستقبل صناعة السيارات في مصر على توطين إنتاج المكونات، حسبما تؤكد مصادرنا. على سبيل المثال، معظم مكونات وقطع غيار سيارات بي واي دي ولادا مستوردة من الصين، لكن يمكن تشجيع الشركات على نقل عملياتها إلى مصر مع حزمة مناسبة من الحوافز، خاصة وأن ارتفاع تكاليف الشحن العالمية تجعل تركيز الاعتماد على مراكز تصنيع مثل الصين مكلفا للغاية.
الإصلاحات التشريعية ضمن الأولويات: أصبح إطلاق استراتيجية صناعة السيارات على وجه السرعة مطلبا رئيسيا. فمن شأن الاستراتيجية أن تشجع شركات صناعة السيارات العالمية على استئناف عمليات التصدير إلى الموزعين المصريين بصورة طبيعية، ضمن عدة مكاسب أخرى، بحسب سليمان. ويحتاج البرنامج إلى إدخال بعض التعديلات الضريبية والجمركية والتي من شأنها أن تساوي بين التجميع الكامل والتجميع الجزئي، وبين التجميع الكلي للسيارات المستوردة، حسبما أضاف سليمان. وتخضع صناعة التجميع الكامل حاليا للرسوم الجمركية ورسوم تنمية موارد الدولة، بينما لا تخضع صناعة التجميع الكلي إلى أي جمارك على الإطلاق. وقال سليمان إن اللاعبين في صناعة السيارات المجمعة محليا يرغبون في رفع الرسوم عن استيراد مكونات السيارات، والتي تخضع إلى رسوم جمركية بنحو 5-7%، ورسوم تنمية بمقدار 3%، ما يؤدي إلى رفع التكلفة النهائية للسيارات المجمعة محليا.
أين وصلت الاستراتيجية في الوقت الراهن؟ توقعت مصادرنا في وزارة الصناعة والتجارة إحالة استراتيجية صناعة السيارات إلى مجلس النواب قريبا وأن تدخل حيز التنفيذ بحلول النصف الثاني من العام الجاري. هناك الكثير من عدم اليقين بشأن الظروف الاقتصادية العالمية، ولكن من المقرر أن توفر استراتيجية صناعة السيارات "حوافز جاذبة" تساهم في تدفق الاستثمارات الأجنبية قريبا، حسبما أضافت المصادر. وتجري الحكومة بالفعل "محادثات جادة" مع العديد من المصنعين العالميين في أوروبا وغيرها، والذين أبدوا استعدادهم لتنفيذ خططهم الاستثمارية بمجرد إطلاق الاستراتيجية، بحسب المصادر.
صناعة السيارات الكهربائية هي مستقبل القطاع: أجمعت مصادرنا على أن مصر لديها فرصة ذهبية في الوقت الراهن للتحول إلى مركز لصناعة السيارات الكهربائية والسيارات الصديقة للبيئة عبر جذب استثمارات جديدة ومساعدة المصنعين الحاليين على التحول إلى صناعة السيارات الكهربائية. تعتبر صناعة السيارات الكهربائية "مستقبل صناعة المركبات في العالم"، وهو ما ينعكس في سياسات الحكومة الجديدة التي تركز بشكل خاص على السيارات الكهربائية، طبقا لما ذكره خالد شديد، رئيس مجلس الإدارة غير التنفيذي لشركة النصر للسيارات، لإنتربرايز. تحتاج هذه الخطوة إلى إجراء سريع وحاسم من المجلس الأعلى لصناعة السيارات، بما في ذلك توفير التمويل اللازم للاعبين في الصناعة، حسبما أجمعت المصادر.
قد نضطر للبدء بتجميع السيارات الكهربائية محليا، قبل التحول إلى التصنيع الكامل، نظرا لضخامة حجم الاستثمارات المطلوبة للتصنيع، بحسب سليمان. وهناك أيضا السيارات الهجينة الصديقة للبيئة، والتي تشمل السيارات التي تعمل بالكهرباء ووقود الديزل، ويمكنها قطع مسافة تصل إلى 170 كيلومترا باستخدام الطاقة الكهربائية، ونحو 1245 كيلومترا باستخدام 45 لترا فقط من الوقود، وفقا لسليمان.
البنية التحتية للسيارات الكهربائية أمامها بعض الوقت: تعد البنية التحتية إحدى القضايا الرئيسية التي يبحثها المجلس الأعلى لصناعة السيارات، إذ يتطلع إلى تسريع بناء محطات شحن السيارات الكهربائية وتشجيع الاستثمارات لتوسيع شبكة المحطات في جميع أنحاء البلاد، بحسب كل من سعد وسليمان.