بعد تعثر بنك سيليكون فالي.. الشركات المصرية الناشئة في وضع لا تحسد عليه
انهيار بنك سيليكون فالي يعصف بالشركات الناشئة المحلية: من المرجح أن يكون انهيار بنك سيليكون فالي الأسبوع الماضي قد أدى إلى جعل عشرات الشركات الناشئة المصرية غير قادرة على الوصول إلى ودائعها، وفقا للاعبين في الصناعة تحدثنا إليهم بالأمس. وقد دفع انهيار البنك – الذي يعد ثاني أكبر بنك ينهار في تاريخ الولايات المتحدة – الشركات في جميع أنحاء العالم إلى التدافع لإيجاد وسيلة للوفاء بالرواتب والمصروفات التشغيلية الأخرى بينما تحاول الجهات التنظيمية الأمريكية استرداد ودائع عملائهم.
كان سيليكون فالي أحد أشهر البنوك في العالم للشركات الناشئة، وقد قدم خدماته للشركات وشركات رأس المال المغامر في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بما يقرب من 209 مليارات دولار من إجمالي الأصول و175.4 مليار دولار من إجمالي الودائع، وكان البنك سادس عشر أكبر بنك في الولايات المتحدة حتى الأسبوع الماضي عندما تسببت موجة سحب الودائع لمدة يومين في انهيار البنك بسبب مخاوف بشأن ملاءته المالية.
هناك ما يقرب من 50 شركة محلية قد تأثرت: يجري تداول قائمة بين اللاعبين المحليين تتضمن أسماء 46 شركة ناشئة واثنتين من شركات رأس المال المغامر التي تم تمويلها من خلال بنك سيليكون فالي، حسبما قال أحد المصادر لإنتربرايز أمس، بشرط عدم الكشف عن هويته. ورفض مسؤولون تنفيذيون كبار في أربعة شركات ناشئة التعليق أو أنهم رفضوا الاستجابة لطلب إجراء مقابلة معهم عندما تواصلنا معهم نهاية الأسبوع الماضي.
"ليس لدي طريقة للتكهن بعدد الشركات الناشئة المحلية المتأثرة، لكن يمكنني القول إنها بالتأكيد تقدر بالعشرات"، حسبما قال باسل مفتاح الشريك العام لشركة إنكلود لانتربرايز، مضيفا أن إحدى الشركات المصرية الثماني في محفظة صندوق التكنولوجيا المالية قد تأثرت. ويقدر علي الشلقاني، الشريك الإداري في أكاسيا فينتشرز، أن شركتين أو ثلاث من الشركات العشر في محفظة أكاسيا التي تمتد عبر الشركات الناشئة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، تتعامل مع سيليكون فالي، مشيرا إلى أن الصندوق لا يزال في محادثات مع شركاته الناشئة لتقييم تعرضهم للبنك.
أليست ودائع بنك سيليكون فالي مؤمن عليها؟ ليس في حقيقة الأمر: بموجب قانون الولايات المتحدة، يتم تأمين أول 250 ألف دولار من ودائع العملاء من قبل شركة تأمين الودائع الفيدرالية، التي قالت إنها ستقوم بالسداد بحلول صباح الاثنين على أبعد تقدير. هذا، على الرغم من ذلك، سيكون بمثابة جزء قليل من ودائع الشركات التي تقدر بملايين الدولارات التي كانت لدى البنك والتي لا تستطيع الآن الحصول على أموالها ولا تعرف ما إذا كانت ستستعيدها. يعني هذا أن أكثر من 85% من إجمالي الودائع لدى البنك غير مؤمن عليها، بحسب تقديرات تم تداولها نهاية الأسبوع.
ما مدى سوء كل هذا بالنسبة إلى الشركات الناشئة المحلية؟
إذا وجد الاحتياطي الفيدرالي من يستحوذ على البنك، فقد يختفي كل هذا: يعتقد لاعبو رأس المال المغامر الذين تحدثنا إليهم أنه من المرجح إنقاذ بنك سيليكون فالي من خلال الاستحواذ عليه من قبل بنك أمريكي آخر. وقال مفتاح، من "إنكلود": "إذا قام شخص ما بإنقاذ البنك بنهاية هذا الأسبوع، فحينئذ سيعود كل شيء إلى طبيعته بحلول يوم الاثنين". وأضاف: "في تاريخ عمليات الإنقاذ الأمريكية، كانت الودائع تُعاد دائما إلى المودعين".
البديل هو عملية تصفية أطول – مما يعني أن الشركات الناشئة قد تنتظر شهورا لتسترد أموالها. "إذا قاموا ببيع الأصول، فإن الأمر سيستغرق من ستة إلى 12 شهرا لإتمام هذه العملية"، بحسب ما قاله مفتاح. وأضاف: "سندعم الشركة الوحيدة في محفظتنا التي تتأثر بجولة معبرية في حالة عدم قدرتها على الحصول على ودائعها".
والبعض متفائلون بأنهم سيحصلون على أموالهم في نهاية المطاف: "يمكن أن تغطي أصول بنك سيليكون فالي جزءا كبيرا من أموال المودعين في حالة التصفية"، حسبما قال المؤسس والرئيس التنفيذي لـ "موني فيلوز" أحمد وادي لإنتربرايز يوم أمس.
الجانب المشرق: الشركات المصرية ليس لديها تعرض ائتماني لبنك سيليكون فالي. قال مفتاح إن مصر لم تكن أبدا سوقا مستهدفة للبنك فيما يتعلق بالقروض، ويعني هذا أن الشركات المصرية لن تتعرض لوقف خطوط ائتمان فجأة كما هو الحال مع الشركات الناشئة في أماكن أخرى.
أزمة قصيرة الأجل –
الشركات الناشئة بحاجة في الوقت الحالي إلى إيجاد سيولة قصيرة الأجل – وبنوك أخرى. "الأسئلة الأكثر إلحاحا الآن هي إلى متى يجب أن تنتظر الشركات الناشئة لتلقي ودائعها بالكامل وما إذا كانت ستتمكن من دفع رواتب موظفيها ومواصلة أعمالها حتى ذلك الحين"، حسبما قال المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة سيلندر، عمر الدفراوي، في تصريحات لإنتربرايز. واتفق معه الشلقاني: "نتوقع أن يتم حل هذا الأمر، لكن الشركات الناشئة بحاجة إلى خطة قصيرة الأجل لتغطية النفقات، وهو ما يعني الموظفين أولا وقبل كل شيء والتأكد من أن لديهم سيولة في مكان آخر أو خط ائتمان لتغطية ذلك"، حسبما قال لإنتربرايز.
بالنسبة للعديد من الشركات الناشئة، من المحتمل أن يكون سيليكون فالي هو بنكهم الوحيد: "الافتراض بأن معظم الشركات الناشئة تتعامل مع بنوك متعددة واحتمالات متعددة غير واقعي بالمرة"، وفقا لما قاله الشلقاني، مشيرا إلى أن بنك سيليكون فالي ربما كان البنك الوحيد الذي سيقبل بعض الشركات الناشئة كعملاء بسبب مستوى المخاطر والمتطلبات التنظيمية. وقال وادي: "لدى بنك سيليكون فالي إجراءات سهلة وسريعة مع الحد الأدنى من المتطلبات".
الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة: "من المحتمل أن يكون لدى معظم الشركات الناشئة التي تتعامل مع بنك سيليكون فالي التزام بإتاحة أموالها التشغيلية والرواتب لشهر مارس أو ربما أكثر من ذلك"، حسبما قال مفتاح، مضيفا أن مشكلات السيولة قد تصبح مشكلة أكبر للشركات الناشئة مع دخول الربع الثاني.
لا يمثل تسريح العمالة تهديدا فوريا: "لا أرى أن تسريح العمالة يمثل تهديدا كبيرا في هذه المرحلة، ولا سيما في مصر"، حسبما قال الشلقاني. وأضاف: "بالنسبة إلى الشركات الناشئة تلك التي تتمتع برأس مال جيد، من المحتمل أنها قامت بالفعل بهذا التحويل لدفع مرتبات هذا الشهر".
المستثمرون متاحون لمساعدة الشركات الناشئة في العثور على بنوك جديدة: تعمل أكاسيا مع شركات محفظتها لمساعدتها على "فتح علاقات مصرفية بديلة بسرعة والوصول إلى خطوط ائتمان قصيرة الأجل للحصول عليها خلال الأسابيع القليلة المقبلة وبنهاية الشهر الحالي"، حسبما قال الشلقاني.
قد تواجه الشركات المصرية تحديات أكثر من تلك الموجودة في الأسواق الناشئة الأخرى لفتح حساب بنكي أو الحصول على خط ائتمان آخر بسرعة، بحسب الشلقاني. وأضاف: "المشكلة هي أنه ربما يكون لديك عشرات الآلاف من العملاء في نفس الوضع تماما، قادمين من نفس الصناعة بالضبط، وجميعهم يتدافعون للقيام بذلك في نفس الوقت. بالنسبة للعديد من الشركات الناشئة غير الأمريكية، ليس لديهم الكثير من البدائل المصرفية. ومن منظور مصري، يتم الاتجاه إلى الخارج لأن النظام المصرفي المحلي لا يوفر الدعم الكافي والمنتجات عالية الجودة للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة ".
"على المدى القصير والمتوسط، هناك الكثير من عدم اليقين والخوف، لكنه ليس سيناريو النهاية"، بحسب الشلقاني. وأضاف: "شاغلنا الرئيسي هو العمل مع شركات محفظتنا كما فعلنا دائما في أوقات الأزمات والقول: انظر، سيكون الأمر على ما يرام". واتفق معه مفتاح قائلا: "إنها ضربة مؤقتة – شيء آخر في العام المليء بالتحديات بشكل عام".
الدروس المستفادة –
انهيار بنك سيليكون فالي قد يجعل شركات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعيد النظر في الانتقال إلى الولايات المتحدة: "إن وضع بنك سيليكون فالي كاف لإحداث تحول كلي للأشخاص الذين سيقررون عدم التعامل مع البنوك الأمريكية بعد الآن"، وفقا لما قاله الشلقاني لإنتربرايز. ويقول مفتاح: "آمل أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التوجيه للشركات الناشئة حول كيفية التعامل المصرفي والمزيد من التطور في استراتيجياتها المصرفية".
يمثل هذا فرصة للخليج: "قد يرغب الناس في استهداف البلدان التي يكون للجهة التنظيمية أو للحكومة فيها موارد أغنى لتأمين الصناعة المصرفية"، حسبما أضاف مفتاح، مشيرا إلى أن 100% من الودائع المصرفية مؤمنة في الإمارات العربية المتحدة. ويقول الشلقاني: "يفكر الناس بالتأكيد مرتين في التعامل مع البنوك في الولايات المتحدة الآن، وهذا أحد الأشياء التي نفكر فيها عندما نتحدث إلى محفظتنا". وتابع: "هذه فرصة جيدة حقا للبنوك في الأسواق الأخرى، بما في ذلك السعودية والإمارات، للحصول على الكثير من هذه الأعمال".