الرجوع للعدد الكامل
الجمعة, 10 مارس 2023

شكرا، أقسم لك إني لست مهتمة

ما أقوله: لا، شكرا، لست مهتمة. ما تسمعه مدام ميرفت ورفاقها: عظيم. أعشق التحدي.

"سيقولون لك دائما أنهم لا يحتاجون أحبار الطباعة، لا يهم. لأنهم مهما قالوا، ستجدين الرد هنا في هذا النص". تلك كانت الخطة المحكمة لمشرف فيبي بوفيه في مسلسل "فريندز" عندما ذهبت لتبيع أحبار الطباعة عبر الهاتف. وهذا أيضا هو شعار مدام ميرفت، المسوقة عبر الهاتف، عبر هاتفي أنا تحديدا. نحن المصريون كتاب سيناريو بالفطرة، ومهما ابتكرت من قصص لإنهاء المكالمة ستجد الرد لدى ميرفت بسيناريو أكثر إحكاما.

تنتهي حكاية فيبي مع هذه المهنة بإنقاذ حياة عميل يريد الانتحار. أما مدام ميرفت فقد تفعل العكس ولا تتزحزح خطوة عن موقفها. لا شك عندي أن مكالماتها السرمدية عديمة الجدوى هدفها هو دفعي إلى الجنون في النهاية. إنه منطق مكالمات التسويق، ارحل وأنت مطمئن سنعتني بأسرتك، فقط اشتر وثيقة التأمين الذهبية.

تأمين، قروض بنكية، شقق وفيلات في العاصمة الإدارية، مكالمات متواصلة ورسائل، وجروبات واتساب تظهر من العدم. لا يوجد شخص في مصر لا يتعرض لهذا الإزعاج واختراق الخصوصية المتواصلة على مدار اليوم. ولا يزعج ذلك تماما شركات المحمول الأربعة التي تعد النقود عندما يرن هاتفك كل دقيقة برسالة جاءتك من حيث لا تحتسب.

أصبحت مدام ميرفت ضيفة دائمة عندي. إذا تجاهلت مكالمتها ستتصل مرة أخرى. حاول إغلاق الهاتف وستطلق الوحش بداخلها. اصرخ في وجهها واقسم بأغلظ الأيمان إنك لست مهتما لتجدد بداخلها الحماس. احظر رقمها لتتصل من رقم مختلف. وحتى إذا ظننت أنك خرجت من المعركة منتصرا، ستظهر لك نسخة جديدة بصوت مشابه واسم مختلف. ستشك في نفسك، هل هي ميرفت أم لا؟ بدأت أعتقد أن المخرج الوحيد هو الاستسلام الجميل. الاستسلام أفضل من الجنون.

لقد بدأت أيضا أكره هاتفي نفسه. تكفيني مكالمات زوجي، وأصدقائي ومشكلاتهم، وأقاربي الذين يشعرون بالملل فيتصلون فقط لتمضية الوقت. هل بعد كل ذلك لدى وقت لمكالمات مندوبي المبيعات؟ أنا لا أطلب هنا أن يحل السلام بالعالم. كل ما أريده هو الجلوس في غرفتي في هدوء. أركز في عملي، أجلس واستمتع بكرواسون اللوز من "ريشيوز" دون خوف من ينفجر هاتف ورأسي معا من رسائل ومكالمات "نبيع ونشتري كل شيء".

لا أحدا منا بأمان. باعت صديقتي منزلا في أحد الكومباوندات واعتقدت بذلك أن الأمر انتهى. ولكن منذ ذلك الحين يطاردها كل يوم أشخاص يحاولون إقناعها ببيع عقاراتها. إنه نفس اليوم يتكرر كل يوم. الآن أشعر بالخوف عندما يرن هاتفي. أشعر أني هاربة من جريمة لم ارتكبها ولن يتركوني أفلت أبدا. حتى عندما أقول صراحة شكرا أنا مفلسة، يظنون أن دمي خفيف.. يقولون بداخلهم سنصبح أصدقاء.

لقد تعلمنا أن جميع أن "لا" تعني "لا". ولكن ذلك لم يصل بعد إلى قاموس مندوبي التسويق عبر الهاتف. إنهم قوة خارج قوانين الطبيعة لا يمكنك إيقافها. افتح الرسائل على هاتفك وانظر كم عدد الرسائل غير المقروءة خلال اليومين الماضيين. من هؤلاء؟ ماذا يريدون مني؟ هل أنا حقا جمهورك المستهدف؟ أقسم لك أني لست كذلك.

على الأقل، يعرف أصدقائي في "راش براش" إني امرأة وأحب شعري. ولكن يؤلمني أن أقول إنهم يرسلون لي رسائل أكثر من زوجتي وابنتي وأقرب أقربائي مجتمعين. لكن حتى يومنا هذا لا أعرف ماذا يوجد في رسائلهم التي لا أفتحها ولا تتوقف. لا أعرف هل يريدون أن يبيعوا لي فرشاة جافة أم فرشاة شعر أم فرشاة حمام.

بالتأكيد أحب الشراء، لكن لا أحب أن أباع. يشتري غالبية المسوقين عبر الهاتف أرقام هواتفنا من طرف ثالث يملك قواعد بياناتنا، ومن هنا تبدأ الحكاية. في كل مرة تعطي رقمك لشخص ما، تفتح بابا لا ينغلق.

التسويق عبر الهاتف – عبر المكالمات والرسائل غير المرغوب فيها – لن ينتهي. وربما حان الوقت كي يقوم النواب المنتخبين بدور تشريعي لوقف هذه الظاهرة. وإذا كانوا بحاجة لاستلهام الحلول، فهناك الكثير.

في الولايات المتحدة وكندا، يخضع المسوقون عبر الهاتف لعقوبات بموجب تشريعيات وقواعد تنظيمية مثل قانون حماية المستهلك عبر الهاتف (بي دي إف). في الولايات المتحدة يحدد هذا القانون تفاصيل المكالمات التي تعد غير قانونية، ويمنع القانون المسوقين من إجراء مكالمات مبيعات تعتبر مزعجة للمستهلكين. والأفضل من ذلك، أنه يتطلب من المسوقين عدم الاتصال بالعملاء المستهدفين دون موافقتهم. ينطبق القانون على الهواتف الأرضية والمحمولة والرسائل النصية وحتى أجهزة الفاكس (البعض ما زال يستخدمها). وبموجب القانون، يمكن للمسوقين عبر الهاتف إجراءات مكالمات فقط بين الساعة 8 صباحا و9 مساء، وإذا طلبت منهم عدم الاتصال بك مرة أخرى، سيستمعوا إليك ولن تستمع إليهم مرة أخرى.

وهناك "سجل عدم الاتصال".. كابوس كل مسوق عبر الهاتف. في الولايات المتحدة وكندا، يمكنك التسجيل وإعلام أولئك المزعجين أنك لا تريد منهم الاتصال بك مرة أخرى. فقط المنظمات مثل الأحزاب السياسية والصحف والمنظمات غير الربحية والجمعيات الخيرية ومنظمي استطلاعات الرأي معفيين، ويتلقى المخالفون غرامات.

نقترح أيضا وضع بعض القيود لدينا على مكالمات المؤسسات الخيرية. يتصلون ويتصلون، وحتى لو تبرعت سيتصلون مرة أخرى ويلحون على أن تتبرع فقط من خلالهم وليس أي وسيلة أخرى أسهل بالنسبة لك. سأحتاج إلى من يتبرع لي أنا أيضا إذا استجبت لطلباتكم جميعا.

نحو ثلاثة أرباع الأمريكيين مسجلون في "سجل عدم الاتصال". إنها صرخة جماعية يتردد صداها عالميا.

الأمر لا ينحصر في الغرب: بالقرب منا في أبو ظبي، أنشئ "سجل عدم الاتصال" في سبتمبر 2022. بقدر ما نحن سعداء من أجلهم، نود أن نرى شيئا مماثلا في بلدنا.

في رأيي المتواضع، سيكون "سجل عدم الاتصال" أمرا مربحا للطرفين. استبعاد المستهلكين غير الراغبين في تلقي المكالمات من شأنه أن يساعد المسوقين في العمل بكفاءة أكبر، بدلا من إضاعة وقتهم مع الآخرين. ويعلم الله مدى ما يواجهه هؤلاء الموظفين من إساءات من العملاء، فقط لأنهم مجبرون من شركاتهم على إجراءات مكالمات لا يريدها أي طرف من الأطراف.

وحتى يحدث ذلك، يمكننا اتباع أسلوب جيري ساينفلد وسؤال مدام ميرفت عن رقم منزلها عندما تتصل مرة أخرى.

المسوق: مرحبا، هل أنت مهتم بالتحويل إلى خدمة المكالمات الهاتفية الطويلة؟

جيري: يا إلهي. لا أستطيع التحدث الآن. لماذا لا تعطيني رقم هاتف المنزل وسأعاود الاتصال بك لاحقا.

المسوق: أوه، حسنا، أنا آسف، ولكن غير مسموح لنا بذلك.

جيري: أوه، أظن أنك لا تريد لأحد أن يتصل بك في منزلك.

المسوق: لا

جيري: حسنا، الآن عرفت بماذا أشعر.

[أُغلق الهاتف]

"فكر فيها"، عمود شبه أسبوعي في نشرة الويك إند من إنتربرايز تكتبه أم لشابة عمرها 15 عاما.

هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).

الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©

نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).