مشروع إعادة تأهيل الترع.. إلى أين وصل وما العقبات؟
بعض العقبات في طريق مشروع مصر الضخم لإعادة تأهيل الترع: تعرض المشروع القومي لإعادة تأهيل وتبطين نحو 20 ألف كيلومتر من الترع – المعلن في عام 2020 – لانتقادات شديدة في البرلمان، حيث استدعى النواب وزير الموارد المائية والري هاني سويلم لمناقشة حالة الموارد المائية في البلاد الشهر الماضي. توجه النواب لسويلم بأسئلة حول تكلفة المشروع وجدواه وحالته، بعد شكاوى حول تأخر التنفيذ وجودته.
من المتوقع أن تصل تكلفة المشروع إلى نحو 68 مليار جنيه، وقد يوفر ما يصل إلى 5 مليارات متر مكعبة من المياه سنويا، بعد اكتماله بنهاية العام المالي 2024/2023، حسبما ذكرت وزارة التخطيط في وقت سابق. ويجري تنفيذ المشروع على مرحلتين: تتضمن الأولى تأهيل وتطوير ما يتجاوز الألف ترعة في 20 محافظة بتكلفة 14 مليار جنيه. ويأتي نحو 60% من التمويل المخصص لتلك المرحلة عبر اعتمادات محلية، و25% من قروض خارجية، و15% في شكل منح من مؤسسات التمويل الدولية، بحسب الهيئة العامة للاستعلامات.
ما الموقف التنفيذي حاليا: انتهت الوزارة بالفعل من تأهيل نحو 6.6 ألف كيلومتر من الترع حتى الآن، من إجمالي 12 ألف كيلومتر مستهدف تأهيلها في مختلف المحافظات. وحاليا، يجري تأهيل نحو 3.8 ألف كيلو متر من شبكات الترع، ومن المقرر طرح أعمال التأهيل لـ 1.7 ألف كيلو مترا أخرى قريبا، حسبما أعلنت وزارة الري أواخر الشهر الماضي. وفي قرى مبادرة “حياة كريمة” انتهى تأهيل نحو 3 آلاف كيلومتر (أو 66.1%) من الترع حتى أواخر يناير، فيما يجري الآن العمل على تأهيل 1.5 ألف كيلومتر أخرى، بحسب بيان لوزارة الري الأسبوع الماضي.
ولكن ظهرت بعض المشكلات: أظهرت بعض الصور التي رفعها المستخدمون وتداولوها على وسائل التواصل الاجتماعي وجود شروخ في الألواح الخرسانية وتباين في أطوالها ببعض الترع المؤهلة. كما أعرب بعض المزارعين عن مخاوفهم بشأن انخفاض منسوب المياه في بعض الترع المؤهلة، ما يصعّب توصيلها إلى أراضيهم دون ماكينات رفع. ودفعت هذه المشكلات وزارة الري إلى تشكيل وحدة تابعة أواخر الشهر الماضي، مكلفة بالتحقيق في أعمال الإنشاءات الخاصة بتأهيل الترع والتأكد من مدى استيفائها لمعايير الجودة المتفق عليها. وألزمت الوزارة المقاولون الآن بإعادة تأهيل الترع التي ظهرت بها بعض المشكلات أو كان تنفيذها دون مستوى الجودة المطلوب على نفقتهم الخاصة، وفق ما قاله المتحدث باسم الوزارة، محمد غانم، الشهر الماضي.
وتدفع الحكومة بمخالفة المقاولين الدليل الإرشادي للتنفيذ: كان من المفترض أن يتبع مشروع إعادة تأهيل وتطوير الترع بأكمله مجموعة دقيقة من المبادئ التوجيهية التي تساعد في تحديد مدى التبطين وكيفية تنفيذ تلك التغييرات بالضبط، وفقا لغانم. الأولوية لتأهيل الترع للقيام بوظيفتها الأساسية وهي توصيل المياه بكفاءة للمنتفعين، وفق ما قاله سويلم للنواب. إذا احتاجت الترع إلى التبطين فليس بالضرورة استخدام الخرسانة في ظل وجود العديد من البدائل الأخرى الملائمة بيئيا والأقل تكلفة. “لا يمكن تبطين كل الترع بالخرسانة.. لأنه سيكون إهدارا للمال العام”، وفق ما قاله سويلم للنواب.
الغرض الفني للتبطين الخرساني: تستخدم الخرسانات في كثير من الحالات لتبطين الترع، بدلا من التربة الطينية الشحيحة والمتآكلة بشكل متزايد، لاستعادة التصميم القطاعي الأصلي للترع، وفق ما قاله وزير الري الأسبق محمد نصر علام لإنتربرايز، موضحا أن معظم الترع اتسعت أكثر مما كانت عليه وقت حفرها لأول مرة بكثير. ترتبط العديد من المشاكل التي ظهرت في أعقاب تنفيذ المشروع بالاعتماد لعقود طويلة على التطهير الآلي وسوء الإشراف الفني، ما يجعل في كثير من الحالات، إعادة الترع إلى تصميمها الأصلي مستحيلا بسبب نقص التربة الطينية الكافية للردم والتأهيل وارتفاع التكاليف، بحسب علام.
ضغوط التكلفة في أعقاب تخفيضات الجنيه: تستند جميع أعمال تأهيل الترع الجارية حاليا على دراسة استغرقت شركة “دار الهندسة” الاستشارية ثلاث سنوات في إعدادها، حسبما ذكرت وزارة الري في عام 2021. وقدرت دراسة منفصلة للوزارة نشرت في عام 2010 الفاقد المتوقع في شبكة الري بنسبة 25-35% من كمية المياه التي تخرج من السد العالي وحتى الدلتا. كما أكدت نفس الدراسة أن التبطين ضروري ولن يكون إهدارا للمال العام، وفق ما قاله أستاذ الأراضي والمياه، نادر نور الدين في مداخلة تلفزيونية (شاهد 18:14 دقيقة). على الرغم، من تبدل الحال على أرض الواقع مؤخرا وسط الضغوط الاقتصادية التي رفعت تكلفة تنفيذ هذه المشاريع، وفقا لما قاله عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية في معهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، لإنتربرايز. وأضاف شراقي: “إذا كانت لدينا الموارد الكافية لتبطين جميع الترع في البلاد، فيمكننا القيام بذلك، ولكن حاليا لا يوجد سوى بعض الترع التي تحتاجها حقا، وبخلاف ذلك سيكون من المكلف للغاية تبطين شبكة الري في البلاد بأكملها”.
وأسفر بالفعل عن نتائج إيجابية، بحسب الوزارة: تعد عدالة توزيع المياه وتوصيلها لنهايات الترع بسرعة أكبر، فضلا عن التحسن الكبير في جودتها وعملية إدارتها وتوزيعها بكفاءة أعلى، من بين الفوائد العديدة التي تؤكد الوزارة أن المشروع حققها بالفعل للمزارعين من بدء أعمال التأهيل. كما زاد المشروع أيضا من القيمة السوقية للأراضي الزراعية الواقعة في نهايات الترع بنسبة 30%، وقلل زمن تشغيل طلمبة الري. وعند اكتماله، من المقرر أن يشهد المزارعون وفورات مائية سنوية تتراوح بين 5-10%، فضلا عن تمكينهم من زراعة أراضيهم البور الواقعة عند نهايات الترع ولم ترو منذ سنوات، وفق بيان للوزارة في عام 2021.
عدلت الحكومة الجدول الزمني للتنفيذ أكثر من مرة: قبل أن تعلن الحكومة عن هذا المشروع، جرت العادة على تبطين 50 كيلو متر فقط من الترع سنويا. ولكن مع الحاجة الملحة للمياه في السنوات الأخيرة، قررت الحكومة تعديل الخطة لتبطين نحو ألفي كيلو متر من الترع سنويا ولمدة عشرة أعوام. وفي عام 2020، كثفت الحكومة أعمال التبطين مجددا مستهدفة إنجاز المشروع خلال عامين فقط.
تتباين التقديرات حول كمية المياه المهدرة في نظام الري الحالي: معظم الهدر يحدث بسبب التسرب والبخر، وهي عوامل يصعب قياسها بشكل دقيق، حسبما قال مسؤول بوزارة الري في وقت سابق لإنتربرايز. ومع ذلك، هناك بعض التقديرات، بما في ذلك الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (بي دي إف)، بفقدان دلتا النيل نحو 9.5 مليار متر مكعبة من المياه في العام المالي 2019/2018 بسبب تسريب القنوات (7 مليارات متر مكعبة) والتبخر (2.5 مليار متر مكعبة). بينما تهدر قنوات الري، الممتدة بطول 30 ألف كيلومتر، 8 مليارات متر مكعبة من المياه من التسريب فقط، وفقا لما قاله شراقي، لإنتربرايز في وقت سابق.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- صادرات/واردات أسرع: أعلنت شركة الحاويات والشحن الفرنسية العملاقة “سي إم أيه- سي جي إم” إطلاق خدمات شحن عبر السكك الحديدية تربط موانئ الإسكندرية والعين السخنة بميناء السادس من أكتوبر الجاف.
- تطورات مشروع الربط الكهربائي المصري اليوناني: يضع التحالف المسؤول عن مشروع الربط الكهربائي بين اليونان ومصر بقدرة 3 جيجاوات اللمسات الأخيرة على الدراسات الفنية والمالية النهائية قبل اتخاذ قرار بشأن الاستثمار المالي.
- ثلاث شركات عالمية تتنافس على تطوير الخط الأول لمترو الأنفاق: تقدمت شركات سيمنز الألمانية وألستوم وكولاس ريل الفرنسيتان أواخر العام الماضي بعروض فنية ومالية منفصلة، في مناقصة حكومية، لتنفيذ أعمال تطوير البنية الأساسية والأنظمة الإلكترونية للخط الأول لمترو الأنفاق “حلوان-المرج الجديدة”