هل تواصل شركات الأسمدة جني الأرباح القياسية في 2023؟
هل تواصل شركات الأسمدة تحقيق العوائد القياسية في عام 2023؟ بعد عام غير متوقع لمنتجي الأسمدة، والذي شهد ارتفاع الأسعار العالمية لبعض أنواع الأسمدة بنسبة تصل إلى 100% العام الماضي، من المحتمل أن يسير اللاعبون المحليون على الطريق الصحيح لأداء أبطأ قليلاً في عام 2023. على الرغم من التفاؤل بين مصنعي الأسمدة والمحللين الذين تحدثوا إلى إنتربرايز حول أداء القطاع، فإن ارتفاع أسعار الغاز وتكثيف المنافسة واستمرار قيود التصدير تلقي بثقلها على احتمالات عام قياسي آخر.
ارتفعت أسعار الأسمدة العالمية بشكل كبير منذ عام 2021: بعد أن تأثرنا بإطلاق الطلب المكبوت خلال العام الأول من الجائحة، وارتفاع التضخم والعقوبات ضد روسيا (أكبر مصدر للأسمدة في العالم)، شهدنا ارتفاعات قياسية في الأسعار خلال العامين الماضيين. في أبريل من العام الماضي، ارتفعت أسعار أسمدة اليوريا على مستوى العالم إلى نحو 1100 دولار للطن قبل أن تتراجع إلى نحو 520 دولارا للطن بحلول نهاية عام 2022 – وهي تهدأ بشكل كبير على مدار العام، لكنها لا تزال أعلى بكثير من متوسط التكلفة قبل الجائحة والبالغ 290 دولار للطن الواحد.
كانت الأسعار المرتفعة حافزا للصناعة المحلية: منحت اضطرابات التصنيع بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا وانخفاض قيمة الجنيه منتجي الأسمدة المحليين حافزا قويا لتعزيز الصادرات، والتي تشكل حاليا نحو 45-70% من إنتاجنا المحلي. يأتي ذلك بينما يتراوح الطلب المحلي على الأسمدة ما بين 2.5-3 مليون طن، فيما تبلغ الطاقة الإنتاجية للبلاد نحو 7.5 مليون طن سنويا، وفقا لما قالته الرئيس المشارك بوحدة البحوث لدى بنك الاستثمار سي آي كابيتال، علياء المهيلمي لإنتربرايز.
سجلت عائدات الصادرات مستويات قياسية على الرغم من انخفاض الكمية: بعد أن تدخلت مصر لملء الفراغ في صادرات الأسمدة التي تركتها روسيا وراءها خلال الأشهر 10 الأولى من العام الماضي، أنهى اللاعبون في قطاع الأسمدة عام 2022 ببعض عائدات التصدير البالغة 3.39 مليار دولار، بزيادة قدرها 42% عن قيمة صادرات العام السابق والبالغة 2.39 مليار دولار، وفقا ما قاله رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، خالد أبو المكارم لإنتربرايز. وجاء ذلك على الرغم من تراجع حجم المبيعات التصديرية بنسبة 20%، وفقا لما قاله نائب رئيس قطاع البحوث في المجموعة المالية هيرميس، يوسف حسيني لإنتربرايز. ويستهدف لاعبو الصناعات الكيماوية والأسمدة 10 مليارات دولار من عائدات التصدير هذا العام، بعد أن سجل القطاعان رقما قياسيا بلغ 8.63 مليار دولار في العام الماضي، وفقا لأبو المكارم.
كان تخفيض قيمة الجنيه دافعا كبيرا للمنتجين: نمت أسعار أسهم قطاع الأسمدة بنحو 76% في عام 2022، متفوقة على المؤشر الرئيسي EGX30 بنسبة 54%. يرجع الأداء القوي بشكل أساسي إلى زيادة عائدات التصدير وانخفاض قيمة الجنيه، مما سمح لشركات الأسمدة بتوزيع أرباح الأسهم على المساهمين، حسبما تعتقد المهيلمي. كانت شركة أبو قير للأسمدة أفضل الأسهم أداء في القطاع، إذ قفز سعر سهمها بنحو 117% خلال العام الماضي. ودعم خفض قيمة الجنيه أسعار الأسهم، إذ فقد الجنيه نحو 57.1% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي على مدار عام 2022.
لا تزال التوقعات إيجابية بالنسبة لأسهم القطاع: من المتوقع أن تحافظ أسهم الأسمدة على أدائها القوي طوال عام 2023 ولكن من المرجح أن يكون الأداء دون مستوى عام 2022. هذا الرأي مدعوم بشكل أساسي بتوقعات الطلب العالمي المتزايد وموجة من مشاريع الأمونيا الخضراء التي جرى الإعلان عنها مؤخرا، وفقا للمحللين الذين تحدثوا إلى إنتربرايز. يرى المحللون أيضا معدلات تشغيل صحية، ومستويات إنتاج مستقرة، ومبيعات قوية هذا العام مقارنة بعام 2022، في حين أن ضعف الجنيه قد يجعل المبيعات التصديرية أكثر ربحا.
تبدو الظروف مهيأة للتوسع حاليا: سيستمر انخفاض قيمة الجنيه والقرب الجغرافي من أوروبا، حيث كان الإنتاج بالفعل في انخفاض قبل وقت طويل من الغزو الروسي لأوكرانيا، في دعم الإنتاج في الأماكن ذات تكاليف التشغيل المنخفضة نسبيا، حسبما أوضحت المهيلمي. تقود شركة أبو قير للأسمدة، المملوكة للدولة، أكبر مبادرات التوسع في القطاع مع منشأة شمال أبو قير الضخمة للأمونيا الخضراء، والتي تمتلك منها نحو 45%. الجزء الأكبر من إنتاج المنشأة سيكون موجها نحو التصدير إلى دول الاتحاد الأوروبي، وفقا للمهيلمي. وتدرس شركة السكر والصناعات التكاملية المصرية، المملوكة للدولة، إنشاء مصنع للأسمدة بقيمة 160 مليون جنيه في نجع حمادي.
من المستبعد أن يكون التمويل مشكلة: على الرغم من أن اتجاه البنوك لتجنيب مخصصات أكبر لخسارة القروض للقطاعات المعرضة لخطر التخلف عن السداد – بما في ذلك الأسمدة – فمن غير المرجح أن تعاني شركات الأسمدة (باستثناء كيما المثقلة بالديون) لتمويل النمو، وفقا لحسيني. ومعظم شركات الأسمدة لديها إيرادات تصديرية تتجاوز تكاليف المواد الوسيطة من الغاز الطبيعي المقومة بالدولار وسيولة كافية يمكنهم الاستفادة منها وسط بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، بحسب المهيلمي.
..بينما لا تصور حالات التعثر المشهد الحقيقي للقطاع: يعد تخلف مجموعة شركات الشناوي للأسمدة عن السداد، واتجاه ايفرجرو للأسمدة المتخصصة لإعادة هيكلة محفظة قروضها، استثناء من المشهد العام للقطاع. "من المحتمل أن يكون هيكل رأس المال المناسب غير متوفر لديها [الشركة] من البداية"، حسبما تعتقد المهيلمي، مضيفة أنه "بينما تعتمد صناعة الأسمدة كثيفة رأس المال بشكل أساسي على الدولار.. يدر الجزء الأكبر من أصولها المنتجة تدفقا نقديا قويا منذ عام 2021، الأمر الذي قد يساعد في تأخير الاستعانة بالتمويل البنكي"، على حد قولها.
لا تزال أسعار البيع المحلية عائقا أمام المنتجين: يبيع المنتجون ما بين 30-55% من الإنتاج محليا للمزارعين بالسعر المدعوم 4500 جنيه للطن (تعادل 151 دولار) دون أسعار البيع التصديرية بنسبة 70%. ويأتي ذلك في إطار الجهود الحكومية لتوفير الأسمدة للمزارعين بأسعار مدعمة للسيطرة على ارتفاع أسعار الأغذية والحد من آثار تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي، وفقا ما اتفق عليه المحللون في حديثهم لإنتربرايز. و"سعر التوريد الحالي للسوق المحلية حتى بعد زيادته مؤخرا لا يغطي تكلفة الإنتاج بعد التضخم، وزيادة أسعار الطاقة وتكلفة النقل والشحن"، وفقا لما قاله رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، عماد الدين مصطفى لإنتربرايز. يأتي ذلك على الرغم من تجاوز حجم الإنتاج الطلب المحلي بأكثر من الضعف، بينما لا يمكن للشركات تصدير سوى 45% من إنتاجها فقط. وتكمن أكبر فرصة للقطاع هذا العام في إمكانية إصلاح الحكومة آلية دعم أسمدة اليوريا محليا وتعديل الأسعار، حسبما تعتقد المهيلمي.
لا يزال الانخفاض الحاد في أسعار التصدير هذا العام مصدر قلق للبعض: يثير سعر سماد اليوريا الذي يقل عن 550 دولار للطن بعض القلق بشأن أداء القطاع هذا العام، وفقا للمهيلمي. قد يكون الانخفاض استجابة للسوق للتهديد الذي يلوح في الأفق بالركود العالمي أو بسبب الارتفاع المفاجئ في الصادرات من الصين، وهو مصدر قلق آخر للشركات المصنعة هذا العام، حسبما أوضحت المهيلمي.
تتباين التوقعات حول كيفية تأثير أسعار الغاز المرتفعة على القطاع: يعتمد تأثير رفع أسعار توريد الغاز الطبيعي (التي تشكل نحو 60% من تكاليف الإنتاج) لقطاع الأسمدة على استمرار الطلب من الأجنبي، وفقا لما قاله أبو المكارم لإنتربرايز. كانت الحكومة قد رفعت العام الماضي أسعار الغاز الطبيعي المورد لمصانع الأسمدة الآزوتية، وفقا لمعادلة جديدة تحدث الأسعار بموجبها شهريا والتي تراعي الأسعار العالمية للغاز الطبيعي وأسعار بيع الأسمدة عالميا وتوريدها محليا، بحد أدنى 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. بينما لا يشمل القرار الشركات التي تحصل على الغاز بأسعار مكافئة مدرجة في عقود طويلة الأجل مثل (موبكو للأسمدة، الإسكندرية للأسمدة، والمصرية للأسمدة)، والتي ستظل تحقق وفورات لحين انتهاء أجل عقود التوريد المتباينة في شروطها، وفقا لما قاله حسيني لإنتربرايز. وعلى الرغم من التأثير السلبي للمعادلة السعرية الجديدة على هوامش ربح المنتجين، كما كان متوقعا، إلا أن الخسائر لا يزال يقابلها استمرار انخفاض قيمة الجنيه بشكل أكبر، حسبما ترى المهيلمي.
الشركات مطالبة أيضا بالتحرك سريعا للحفاظ على تنافسيتها في الأسواق الخارجية: قد تفقد الأسمدة والصناعات الكيماوية 4% من عائدات التصدير بسبب سياسات المناخ الجديدة في الاتحاد الأوروبي، الذي استقبل 60% من صادرات الأسمدة المصرية عام 2021. القيود الجديدة، التي ستتطلب من الشركات تقديم توثيق واضح للانبعاثات الصادرة في إنتاج السلع الواردة في أقرب وقت ممكن بحلول عام 2026، مصممة لمنع الشركات الأوروبية من مجرد تحويل الإنتاج الصناعي عالي الانبعاثات خارج التكتل، قد تؤثر بشكل كبير على احتمالات التصدير لصناعات كثيفة الكربون مثل إنتاج الأسمدة في مصر.
أبرز أخبار الصناعة لهذا الأسبوع:
- حوافز جديدة للمستثمرين الصناعيين: تدرس الحكومة حاليا حزمة من الحوافز لقطاع الصناعة، وفقا لما قاله صبحي نصر رئيس اللجنة التشريعية باتحاد جمعيات المستثمرين.
- المزيد من الرخص الذهبية: وافق مجلس الوزراء مبدئيا على منح الرخصة الذهبية لأربعة مشروعات في أنشطة الخدمات اللوجستية والضيافة وتصنيع وتعبئة اللقاحات وتصنيع قطع غيار السيارات.
- "بيكو" تختار "حسن علام" لإنشاء مصنعها في مصر: تعاقدت شركة بيكو التركية مع شركة حسن علام للإنشاءات لإنشاء مصنعها الجديد للأجهزة المنزلية البالغة قيمته 100 مليون دولار في مدينة العاشر من رمضان.