تأجيل المشروعات القومية قد يعمق أزمة قطاع الإنشاءات
تأجيل المشروعات القومية قد يعمق أزمة قطاع الإنشاءات في الوقت الحالي: في وقت سابق من شهر يناير الجاري، أعلنت الحكومة ضوابط جديدة لترشيد الإنفاق العام على المشروعات القومية، لمواجهة نقص العملات الأجنبية. وأعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي تأجيل المشروعات القومية التي لم تدخل حيز التنفيذ بعد ولها مكون دولاري واضح حتى نهاية العام المالي الجاري في يونيو المقبل، وهي خطوة من شأنها أن تعمق من الأزمة التي يمر بها قطاع الإنشاءات في مصر.
التفاصيل: بموجب الضوابط الجديدة، تقرر تأجيل المشروعات الوطنية الضخمة الجديدة، التي ليس لها أولوية، أو التي لم تدخل حيز التنفيذ والتي لديها مكون دولاري واضح، كما سيتطلب أي إنفاق يتضمن مكون أجنبي من قبل الوزارات والإدارات الحكومية المعنية بالقرار موافقة وزارة المالية. يأتي ذلك كجزء من الاتفاق (بي دي إف) مع صندوق النقد الدولي على حزمة تمويل جديدة، والذي التزمت الحكومة المصرية بموجبه بخفض إنفاقها على المشروعات القومية.
تحاول الحكومة سد فجوة تمويل خارجي بقيمة 17 مليار دولار على مدى أربع سنوات: تأتي إجراءات تقليل الإنفاق على المشروعات القومية جنبا إلى جنب مع خفض "الإنفاق غير العاجل"، في محاولة لسد الفجوة الدولارية. دفعت تداعيات الحرب في أوكرانيا وتدهور الأوضاع الاقتصادية العالمية المستثمرين إلى سحب 22 مليار دولار من سوق الدين المحلية العام الماضي، في حين أدى ارتفاع تكاليف الاقتراض وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة إلى زيادة الضغوط على ميزان المدفوعات في البلاد.
لا نعرف الكثير عن فئة المشروعات المتأثرة بالقرار: لم توضح الحكومة فئة المشروعات التي يمكن أن تتأخر نتيجة للقرار. وقالت مصادر في وزارة الإسكان لإنتربرايز، إن خفض الإنفاق سيعتمد على أولوية المشاريع المخطط لها ونتائج دراسات الجدوى ونسبة المكون الدولاري. كانت الحكومة تخطط لإنفاق 357 مليار جنيه (12 مليار دولار) على مشاريع قومية في العام المالي 2023/2022، ولكن من غير الواضح حجم الإنفاق على المشروعات التي تتطلب مكون دولاري.
هناك بعض الجهات المستثناة من القرار: قالت مصادر في وزارة الكهرباء لإنتررايز، إن مشروعات البنية التحتية في مجال الطاقة لن تتأثر، كما استثنى القرار وقت إصداره المشروعات التي تتولى القوات المسلحة تنفيذها.
من المرجح أن تكون المشروعات غير الاستراتيجية للقطاع الخاص هي الأكثر تضررا: نتوقع أن يحدث تباطؤ في المشروعات التي يقودها القطاع الخاص في القطاعات غير الاستراتيجية، أو تتوقف مؤقتا"، حسبما قال رئيس مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ستاندرد أند بورز جلوبال ماركت إنتلجنس، جاك كينيدي لإنتربرايز. وأضاف أنه من المتوقع استمرار هذه التأثيرات حتى ظهور المزيد من الوضوح بشأن "التأثير العام لتحرير سعر الصرف، وإلى أي مدى ستلتزم الحكومة بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي يدعمها صندوق النقد الدولي بالكامل".
بعض المشروعات الكبرى قد تتأثر: هذه الخطوة "من المرجح أن تقلل من نطاق تنفيذ المشروعات المرتبطة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وربما تؤثر على تطوير محطة الضبعة النووية على المدى القصير"، حسبما يتوقع كينيدي.
وتشير تقديرات الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء إلى خسائر للقطاع في حدود 40 مليار جنيه (1.34 مليار دولار) بسبب إجراءات خفض الإنفاق العام على المشروعات القومية.
الخبر الجيد: شركات الإنشاءات الرئيسية لديها مجموعة جديدة من المشروعات. قالت شركة أوراسكوم كونستراكشون (بي دي إف) إن حجم الأعمال المتراكمة للشركة بلغ 5.7 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر الماضي، فيما بلغت قيمة العقود الجديدة المجمعة 3.1 مليار دولار. واستحوذت مصر على نحو ثلثي الأعمال المتراكمة للشركة، جاء ثلاثة أرباعها تقريبا من القطاع العام. في غضون ذلك، قالت شركة حسن علام القابضة (بي دي إف) في وقت سابق من هذا الشهر إن الأعمال المتراكمة لديها تزيد قيمتها عن 7 مليارات دولار. وفي المقابل، أعلنت شركة السويدي إليكتريك عن أعمال قيد التنفيذ تقدر بنحو 86.9 مليار جنيه في نتائج أعمال (بي دي إف) الربع الثالث من عام 2022، منها نحو 25% خارج مصر. وأعلنت السويدي أيضا عن مشروعات جديدة بنحو 20.9 مليار جنيه، أغلبها في مصر. رفضت أوراسكوم التعليق عندما تواصلت إنتربرايز معها. ولم يتسن الوصول إلى ممثلي حسن علام.
سيحظى اللاعبون البارزون مثل أوراسكوم كونستراكشون وحسن علام والسويدي ببعض الحماية من التأخير في المشروعات الجديدة بفضل مشروعاتها خارج البلاد. لكن الشركات التي تركز على السوق المحلية فقط ستتأثر.
ضغوط كبيرة على قطاع الإنشاءات: تعتبر مشاكل السيولة ونقص المواد الخام وارتفاع الأسعار وارتفاع تكاليف الاقتراض، جميعها عوامل تؤثر على القطاع، مما يدفع الجهات الفاعلة في الصناعة إلى المطالبة بتمديد مواعيد التسليم، والصرف العاجل للدفعات المتأخرة.
تعويضات حكومية للمقاولين: في أواخر العام الماضي، صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على تعديلات قانونية تسمح بصرف تعويضات للمقاولين الذين تكبدوا خسائر في مشروعات الدولة بسبب الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة. ومن المتوقع أن تبلغ قيمة الشريحة المنتظرة من التعويضات نحو 40 مليار جنيه. ومددت الحكومة مواعيد تسليم المشروعات الحكومية الجارية لمدة شهرين.
توسعت الحكومة في الإنفاق على مشروعات البنية التحتية على مدى السنوات القليلة الماضية: أنفقت الدولة مليارات الدولارات على شبكات النقل الجديدة والمدن الجديدة والبنية التحتية للطاقة في السنوات الأخيرة، مما جعل قطاع البناء أحد أكبر المساهمين في النمو الاقتصادي. وقد ساهم الإنفاق الكبير في العملات الأجنبية على هذه المشاريع في ضغوط السيولة الحالية وارتفاع التضخم ، مما دفع الحكومة إلى الالتزام بتخفيض الإنفاق على المشروعات القومية في المحادثات مع صندوق النقد الدولي.
خفض الإنفاق قد يكون له آثار إيجابية على القطاع الخاص: استمرار التوسع في الإنفاق العام على المشروعات القومية قد يؤدي إلى تراجع اهتمام المستثمرين الخليجيين بدخول السوق المصرية، حسبما ذكرت ياسمين غزي، محللة الاقتصاد الأولى لدى ستاندرد أند بورز جلوبال في تقرير أصدرته المؤسسة. وأشار التقرير إلى أنه "من غير المرجح أن تساهم دول الخليج باستثمارات جديدة في القطاع الخاص ما لم ترشد الحكومة إنفاقها على المشروعات الضخمة". يأتي ذلك فيما تزايد الاهتمام الخليجي بمصر بشكل كبير خلال العام الماضي، إذ استهدفت صناديق الثروة السيادية والشركات الخاصة مجموعة من مشاريع البنية التحتية بما في ذلك الموانئ، ومرافق الطاقة، ومحطات تحلية المياه.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- شركات التطوير العقاري تطالب الحكومة بدعمها في مواجهة الأزمة الحالية: طالب لاعبون في قطاع التطوير العقاري الدولة بحزمة من الإجراءات لمساعدتهم على التغلب على الأزمة الحالية، بما في ذلك توفير قروض ميسرة، وتخفيف القواعد الخاصة بمواعيد التسليم.
- لا زيادات في أسعار تذاكر القطارات في المستقبل القريب: أجلت وزارة النقل خطتها لرفع أسعار تذاكر القطارات تدريجيا على مدار أربعة أعوام بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، حسبما قال وزير النقل كامل الوزير.
- قررت الحكومة تأجيل المناقصات المخططة لميناء العاشر من رمضان الجاف، ومحطة للطاقة الشمسية بقدرة 20 ميجاوات في الغردقة، لمنح الشركات فرصة لتعديل عروضها.
- ألغت شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير المزايدة الخاصة بتطوير مشروعها التابع "هليوبارك"، كما تخلت عن خططها لتطوير المشروع بالشراكة مع شركة ماونتن فيو للتنمية والاستثمار العقاري، نظرا لارتفاع تقييمات الأراضي.
- السيسي يدافع عن الإنفاق على البنية التحتية: دافع الرئيس عبد الفتاح السيسي على الإنفاق الحكومي على المشروعات التنموية الوطنية في كلمة له تناول خلالها التحديات الاقتصادية التي شهدتها البلاد مؤخرا.