تزايد فرص الاستثمار في الطاقة المتجددة في القارة الأسترالية
من المرجح أن تؤدي طموحات أستراليا المناخية المتسارعة في ظل حكومتها الفيدرالية الجديدة إلى زيادة الطلب على التمويل الذي سيوفر للشركات والمستثمرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا الفرصة للاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة المتاحة في أستراليا وزيادة الإقبال على مصادر الطاقة المتجددة.
ولقد أسهمت مساحات الأراضي الشاسعة وأشعة الشمس والرياح المتوفرة بكثرة والاستقرار التنظيمي الذي تتمتع به أستراليا بالفعل في جذب الاستثمارات الأجنبية قبل انتخاب حكومة العمل في مايو من العام الماضي والتي تركز برنامجها على المناخ، حيث لعبت شركات الطاقة الأوروبية والبريطانية دورا رائدا في هذا المضمار.
كما أعلن صندوق دبي للاستثمار منذ ذلك الحين عن بدء الاستثمار في محطتين ناشئتين للطاقة الشمسية، واللتين ستولدان في البداية 300 ميجاوات من الطاقة الشمسية للمجتمعات المحلية.
إن الإمكانات التي توفرها هذه الاستثمارات كبيرة جدا. فعلى سبيل المثال، تعتبر مزارع الرياح والطاقة الشمسية التي يجري تطويرها من قبل مستثمرين خارجيين في ولاية كوينزلاند الشمالية الشرقية، هي بالفعل من ضمن أكبر المزارع من نوعها في أستراليا. ومن بين أمور أخرى، تهدف المشاريع الأخرى الممولة برؤوس الأموال الأجنبية إلى تعزيز صناعة غاز الهيدروجين الصديق للبيئة المزدهرة في الدولة، وتسهيل البناء المستدام وتمكين تصدير الطاقة النظيفة إلى الأسواق الخارجية.
وقد يسهم الهدف التشريعي الجديد لأستراليا المتمثل في خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 43% بحلول عام 2030 في تسريع التحول المستمر والثابت لتدفق رؤوس الأموال الخارجية حيث يسعى عدد أكبر من المستثمرين الأجانب إلى تنويع اهتماماتهم في مجال الطاقة، وكذلك للاستفادة من فرص الأعمال المتزايدة باستمرار الناشئة كنتيجة مباشرة لسياسات المناخ المتبعة في الدولة.
وينبغي للعلاقات التجارية الحالية القائمة بين منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا مع أستراليا أن توفر نقطة انطلاق للمستثمرين الآخرين المتحمسين لاستكشاف مشاريع جديدة. وتعتبر أسواق البحرين والكويت وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالفعل من الأسواق الثابتة لمجموعة كبيرة من الصادرات الأسترالية، حيث بلغت قيمة التبادلات التجارية للسلع 11.1 مليار دولار أسترالي في العام الماضي. ويعتبر قطاع الخدمات أيضا، على سبيل المثال، جزءا مهما بشكل متزايد من العلاقة الاقتصادية والاستثمار المتبادل بين الإمارات العربية المتحدة وأستراليا، حيث بلغت قيمتها الإجمالية 14.5 مليار دولار أسترالي في عام 2021.
وتعتبر هيئة أبوظبي للاستثمار أيضا من ضمن الكيانات الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا التي يوجد لديها مصالح مشتركة مع أستراليا، بما في ذلك كجزء من ائتلاف من المؤسسات والشركات يمتلك مشروع طرق ويستكونيكس في سيدني.
وتوفر الأرقام الكامنة وراء التزامات المناخ الرئيسية للحكومة الفيدرالية الأسترالية صورة مقنعة للفرص الخضراء المتاحة. وقبل انتخابها، على سبيل المثال، وعدت الحكومة بزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في سوق الكهرباء الوطنية الأسترالية إلى 82% بحلول عام 2030 مقابل 68% إذا حافظت على الإعدادات السابقة التي دعمت خطط الانتقال نحو الطاقة النظيفة في الدولة.
كما قامت الحكومة باحتساب التزاماتها المناخية الإجمالية التي ستولد استثمارات بقيمة 76 مليار دولار أسترالي بحلول عام 2030 – وهو مبلغ يعادل 3% من الناتج المحلي الإجمالي القومي المتوقع في ذلك العام.
وبشكل ملحوظ، كان من المتوقع أن يكون حجم الاستثمار العام أقل من ثلث هذا المبلغ البالغ 76 مليار دولار أسترالي.
وبالنسبة لدولة ذات كثافة سكانية قليلة مثل أستراليا، فإن نسبة كبيرة من هذا الاستثمار الخاص سيكون حتما من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر.
ولقد أشارت الشركات الكبرى من ألمانيا وإسبانيا وفرنسا علنا إلى نواياها لاستكشاف نطاق أوسع من المشاريع الأسترالية أكثر من السابق، ووقعت أستراليا مؤخرا اتفاقية الاقتصاد الأخضر مع سنغافورة لتسهيل التجارة والاستثمار في السلع والخدمات البيئية، ولدعم التحول المناخي في كل منها بشكل عام.
ولا يزال أمام أستراليا الكثير لتفعله إذا أرادت تحقيق رؤية التخفيف من التغير المناخي التي تعتمدها الحكومة الفيدرالية التي جرى انتخابها في وقت سابق من هذا العام. ويلاحظ أن أي تردد قد يكون لدى المستثمرين الأجانب للالتزام بالمشاريع الخضراء في السوق قد بدأ يتحول الى خوف من عدم اقتناص الفرص في مشاريع الطاقة المتجددة في دولة معروفة تقليديا بكونها قوة عظمى للوقود الأحفوري لكنها تقوم باتخاذ خطوات حقيقية لتحويل نفسها إلى قوة عظمى للطاقة المتجددة في المستقبل.
بقلم أنتوني شو (لينكد إن) الرئيس التنفيذي لبنك إتش إس بي سي أستراليا.