هل يعيد أفاتار 2 إحياء السينما ثلاثية الأبعاد؟
هل يعود الهوس بالسينما ثلاثية الأبعاد؟ رغم تراجع جاذبية السينما ثلاثية الأبعاد، عكف المخرج والمنتج جيمس كاميرون خلال أكثر من عقد كامل وضخ ما يقرب من نصف مليار دولار في التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد لإنتاج الجزء الثاني من فيلم أفاتار الذي يحمل اسم "Avatar: The Way of Water". ظهر الجزء الجديد الذي طال انتظاره للفيلم الأعلى تحقيقا للأرباح على الإطلاق، والذي كان من المقرر في البداية أن يصدر في 2014 لكنه استغرق ثماني سنوات إضافية لإنشغال كاميرون بكتابة أربعة أجزاء في نفس التوقيت، في دور العرض في نهاية الأسبوع الماضي. أعاد الفيلم، الذي يحتاج إلى تحقيق إيرادات بنحو ملياري دولار لتحقيق أرباح، إلى الواجهة نقاشات ساخنة حول فرص إنعاش صناعة السينما ثلاثية الأبعاد.
كان الجزء الأول من فيلم أفاتار سببا رئيسيا في إنعاش صناعة السينما ثلاثية الأبعاد بعد إطلاقه في عام 2009. قضى جيمس كاميرون، الذي يقف وراء عدد من أكبر أفلام هوليوود، مثل Titanic وThe Terminator، أربع سنوات في العمل مع خبراء لتطوير التقنيات الجديدة التي جعلت بيئة تصوير فيلم أفاتار الغامرة أمر ممكن، وذلك بتكلفة تراوحت بين 280 إلى 310 ملايين دولار. استمر عرض فيلم الخيال العلمي الحائز على جائزة الأوسكار في بعض السينمات لمدة 234 يوما، إذ ترددت الجماهير على السينما لوقت طويل للعيش داخل عالم "باندورا".
لكن هذا الاتجاه لم يستمر طويلا. رغم أن نجاح أفاتار أعطى الأمل لعصر مشرق من صناعة الأفلام ثلاثية الأبعاد، وكان ملهما لسيل من الأفلام ثلاثية الأبعاد في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكن القليل من صناع الأفلام يمتلكون رؤية كاميرون الطموحة للفنون التي تغذيها التكنولوجيا. وقد شهد الاندفاع الذي أعقب أفاتار، إنتاجات رديئة مدفوعة بوعد بأرباح كبيرة. بينما تمكنت شريحة صغيرة من الأفلام ثلاثية الأبعاد، مثل فيلم Hugo لمارتن سكورسيزي وفيلم Gravity لألفونسو كوران وفيلم Life of Pi لأنج لي، من استخدام التكنولوجيا ببراعة. وبينما كانت التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد متأصلة في أفلام كاميرون، مع تصميم كل لقطة فيه لتناسب التنسيق ثلاثي الأبعاد، إلا أنها جاءت في الغالب كفكرة غير أصيلة في أفلام لاحقة. كان العديد من هذه الأفلام عبارة عن مزيج من التكنولوجيا ثنائية الأبعاد الموجودة مسبقا والتي جرى تحويلها بطريقة رديئة إلى ثلاثية الأبعاد في مرحلة ما بعد الإنتاج، وغالبا ما تتميز بخلفيات ضبابية وتعطي التنسيق مظهرا سيئا في هذه العملية. وسرعان ما أدرك الجمهور أنهم "يدفعون ثمنا باهظا مقابل منتج رديء"، فضلا عن تجربة المشاهدة السيئة بسبب النظارات الضيقة غير المريحة لكثيرين، فتراجعت الصناعة بحلول منتصف عام 2010. ومع تضاؤل الطلب، تراجع عدد الإصدارات ثلاثية الأبعاد وشهية استوديوهات الأفلام.
تقلبات كثيرة على مر التاريخ. أول فيلم ثلاثي الأبعاد صدر للجمهور، The Power of Love، جرى عرضه للمرة الأولى في لوس أنجلوس في سبتمبر 1922، باستخدام تقنية النقش: لخلق وهم الصورة العميقة. وجرى تسجيل الفيلم وعرضه بلونين أحمر وأخضر منفصلين، واستخدمت نظارات للمشاهدة من قبل الجمهور ملونة بنفس الألوان. تبع ذلك عقود من التجارب، لكن الأمر لم ينجح بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج. شهدت الأفلام ثلاثية الأبعاد انتعاشا قصيرا في الخمسينيات من القرن الماضي، بعدما أحيا مديرو الاستوديوهات الإنتاجات الضخمة Bwana Devil لجذب الجماهير مرة أخرى إلى الشاشة الكبيرة في أعقاب ظهور التلفزيون. اكتسبت الصناعة قوة مرة أخرى في الثمانينيات مع ظهور IMAX 3D والمتنزهات الترفيهية التي تنتج عوامل جذب ثلاثية الأبعاد تعتمد على الأفلام الناجحة مثل Muppet*Vision 3-D، وHoney, I Shrunk the Audience وT-2 3D: Battle Across Time.
هل يمكن لسلسلة أفاتار لعب دور المنقذ مرة أخرى؟ حقق الجزء الجديد من أفاتار بالفعل أكبر حصة من مبيعات التذاكر ثلاثية الأبعاد منذ فيلم Star Wars: The Force Awakens في عام 2015 بحسب موقع ديدلاين، والذي أضاف أن 79% من أكثر من 4000 من مشتري التذاكر الذين شملهم الاستطلاع يرغبون في مشاهدة المزيد من الأفلام ثلاثية الأبعاد. حقق الفيلم 434.5 مليون دولار على مستوى العالم في عطلة نهاية الأسبوع الافتتاحية، مسجلا ثالث أعلى عطلة نهاية أسبوع يحققها أي فيلم من أفلام هوليوود عالميا خلال حقبة ما بعد الجائحة. في حين جاءت المبيعات أقل قليلا من 450 مليون دولار التي كان من المتوقع أن تتجاوزها في عطلة نهاية الأسبوع الأولى، فإن الانخفاض الطفيف في الأداء يُعزى جزئيا إلى معركة الصين مع طفرات "كوفيد-19"، ومن المتوقع أن تشهد مبيعات التذاكر تزايدا خلال فترة أعياد الميلاد ورأس السنة. وتلامس إيراداته العالمية في شباك التذاكر المليار دولار حتى يوم أمس، لكنه لا يزال رقما "ضئيلا" مقارنة بالجزء الأول الذي جمع نحو 3 مليارات دولار من شباك التذاكر حول العالم.
وقد نشاهد بعد أيام أول فيلم روائي مصري ثلاثي الأبعاد. من المنتظر أن يعرض فيلم "يوم 13" بالتقنية ثلاثية الأبعاد في رأس السنة الجديدة. وهو من تأليف وإخراج وإنتاج وائل عبد الله وبطولة أحمد داود ودينا الشربيني وشريف منير. انتهى تصوير "يوم 13" الذي ينتمي إلى أفلام الرعب منذ عامين، لكن تأخر إصداره بسبب الوقت الذي استغرقه صناعه في أعمال المؤثرات البصرية.