إنتربرايز تشرح: ما هي صناديق البحث؟ – الجزء الثاني
صناديق البحث في مصر: في الأسبوع الماضي، ألقينا نظرة عميقة على واحدة من أدوات الاستثمار البديلة التي تقع في منطقة بين رأس المال الاستثماري وتمويل الأسهم الخاصة، وهي صناديق البحث. المثير للاهتمام أن هذا العام يشهد للمرة الأولى إدراج مصر على خريطة صناديق البحث العالمية، من خلال تقرير صناديق البحث الدولي الذي نشرته كلية إدارة الأعمال بجامعة نافارا الإسبانية (بي دي إف)، كما هو موضح في الصورة أعلاه. لذلك نسلط اليوم بعض الضوء على نشاط صناديق البحث في مصر، والتحديات التي يواجهها اللاعبون الحاليون والجدد.
لننعش ذاكرتنا: صناديق البحث عبارة عن صناديق استثمارية تجمع الأموال من المستثمرين بغرض الاستحواذ على شركة صغيرة أو متوسطة تعمل بالفعل بشكل جيد في السوق، لتعمل بعد ذلك على تنميتها بما يضمن تحقيق عوائد للمستثمرين. خلال عملية الاستحواذ، عادة ما يتغير الرئيس التنفيذي للشركة ليحل محله رائد أعمال متمرس يقود الشركة لمدة 6 إلى 10 سنوات. يوفر هذا النوع من الصناديق عوائد أعلى وأكثر أمانا للمستثمرين، ويمنح رواد الأعمال شركة لتشغيلها دون مواجهة المخاطر والضغوط التي عادة ما تصاحب تأسيس شركة من الألف إلى الياء، بينما يعتبر فرصة لأصحاب الأعمال من أجل التخارج بطريقة سلسة أو ترك المهام الإدارية اليومية.
مفهوم صناديق البحث لا يزال جديدا في مصر، لكنه موجود على الأقل: "هناك 2 من الباحثين في مصر الآن، مما يعني أننا وضعنا قدمنا على أول الطريق"، وفقا لما قاله لإنتربرايز إبراهيم عبد الرحيم الشريك الإداري لصندوق البحث الإسباني مون بيز كابيتال، في إشارة منه إلى صندوق البحث جيزة كابيتال بارتنرز والباحث علي طه (لينكد إن).
أهم الباحثين (أو ربما الوحيدين) في مصر: على مدى خمسة أشهر، جمعت جيزة كابيتال بارتنرز 25 مليون دولار من 23 مستثمرا، منهم 17 مستثمرا دوليا و6 مستثمرين محليين. معظم هؤلاء المستثمرين رواد أعمال ناجحون وسبق لهم تأسيس شركات والتخارج منها. جيزة كابيتال تتطلع إلى إطلاق صندوقها قبل يناير 2024، لكنها ستتجنب الشركات في قطاعات العقارات والصناعات الثقيلة والإعلام والأغذية والمشروبات. أما طه فيعمل على جمع التمويلات من أجل الاستحواذ على شركة تتراوح قيمتها بين 5-30 مليون دولار وإدارتها. عادة ما يكون الباحثون رواد أعمال يتطلعون إلى الاستحواذ على الشركات وقيادتها.
نموذج مناسب للبلاد: هناك الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة المربحة في مصر، وهناك الكثير من قصص المؤسسين الذين نجحوا ولكنهم لا يريدون الاستمرار في قيادة الشركة وليست لديهم خطة واضحة لاختيار من سيخلفهم، بحسب عبد الرحيم. الشريك الإداري في صندوق جيزة كابيتال بارتنرز أحمد رأفت يوضح لإنتربرايز أن نحو 85% من الشركات في مصر مملوكة للقطاع الخاص أو العائلات، وهناك ما يصل إلى 4 ملايين مشروع ما بين متوسط وصغير ومتناهي الصغر في البلاد. ويضيف أن معظم الصناديق المهيكلة في مصر تستهدف شركات تزيد أحجامها عن 30 مليون دولار، وهو مبلغ كبير جدا عندما نتحدث عن الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر.
هناك بعض التحديات:
1. ديون الاستحواذ: يتفق الخبراء الذين تحدثنا معهم على أن البنوك في مصر لا تقدم ديون الاستحواذ بسهولة كما يحدث في دول أخرى. يمكن بمجرد الاستحواذ على الشركة الحصول على الديون بسهولة، لكن تمويل جزء من عملية الاستحواذ يكون صعبا إلى حد ما، كما يقولون. يقول طه إنه حتى إذا تمكنت من الحصول على قرض، فإنه يأتي مصحوبا بالكثير من الشروط. ويضيف قائلا أنه "في الولايات المتحدة، يوجد نظام كامل يدعم صناديق البحث، وهناك بنوك متخصصة في توفير التمويل لها فقط".
لكنها جزء مهم من ضمان العوائد: فكر في أنك اشتريت منزلا برهن عقاري ثم أجرته، وبدأت في تسديد الديون من الإيجار الذي تحصل عليه كل شهر. "بمجرد سداد الدين، ستجد فجأة أنك تمتلك 100% من المنزل، مما يضاعف قيمته بالنسبة لك"، بحسب رأفت. الشيء نفسه ينطبق على الشركات، فإذا كان لدى صناديق البحث خيار الحصول على ديون الاستحواذ، ستعمل على سداد الديون من عائدات الشركات. يوضح رأفت أنه بمجرد سداد الدين، تتضاعف قيمة الأموال التي ضخها المستثمرون في الشركة تلقائيا.
2. سعر الصرف الأجنبي في مصر: رغم أن تراجع قيمة الجنيه يمنح المستثمرين في الخارج ميزة من حيث التكلفة، فإن مخاطر أسعار الصرف الأجنبي تمثل تحديا قائما. يشير طه إلى أن "العديد من المستثمرين في الخارج يقارنون السوق المصرية بأخرى غيرها مثل أمريكا اللاتينية، وإذا لم تكن العملة المحلية مستقرة، فقد يمنعهم ذلك [من الاستثمار في مصر]".
3. التنظيم: لا يحتوي القانون المصري على تشريعات تنظم عمل صناديق البحث في مصر بعد. هناك بعض الطرق للتغلب على هذا في الوقت الحالي، مثل تسجيل الصندوق كشركة ذات مسؤولية محدودة (إل إل سي)، والعمل كشركة تشتري شركة أخرى. لكن هذه الحلول لن تكون قابلة للتطبيق على القطاع بأكمله على المدى الطويل. يقول طه: "نهدف إلى وضع مجموعة من القوانين المشابهة لتلك الموجودة في الخارج لصناديق البحث".
4. توعية المستثمرين والشركات: المستثمرون في مصر لا يعارضون الفكرة، لكنهم ما زالوا غير ملمين بالمفهوم خصوصا في ظل حالة عدم اليقين الحالية. ففي ضوء الركود العالمي وضغط تمويل رأس المال الجريء في قطاع الشركات الناشئة، يحتاج المستثمرون إلى "ميزة جديدة"، حسبما يؤكد عبد الرحيم، مضيفا أن "المستثمرين في مصر مستعدون لضخ أموالهم في صناديق البحث لأنهم يعرفون أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تعتبر أصولا رائعة". ومع ذلك لا يزال إقناع المستثمرين في مصر بهذا النموذج صعبا، كما يقول رأفت.
تحديات من ناحية الشركات: معظم أصحاب الأعمال لا يحسبون قيمة شركاتهم بناء على العوامل المادية فحسب، بل العاطفية أيضا. يقول رأفت إنه من الصعب إقناعهم بمفهوم جديد تماما للتخارج من الشركة، ولم يثبت نجاحه في السوق المصرية بعد. أما طه فيوضح أن هناك نوعا من ضعف الثقة، لكنه رد فعل طبيعي على أي أداة استثمارية جديدة تصل إلى السوق.
أبرز أخبار الشركات الناشئة في أسبوع:
- كايرو إنجلز تصبح مجموعة أكاسيا: غيرت شبكة الاستثمار الملائكي كايرو إنجلز اسمها إلى مجموعة أكاسيا.
- تتطلع شركة مرني القابضة السعودية إلى الاستحواذ على شركات محلية، وعينت شركة "إكستس دوت مي" مستشارا لها في عملية التوسع المخطط لها.
- أتمت منصة وان أوردر للخدمات اللوجستية للأغذية والمشروبات جولة تمويل تأسيسية بقيمة 3 ملايين دولار بقيادة صندوق التكنولوجيا المالية المحلي إنكلود.
- جمعت منصة خدمات التجارة الإلكترونية سايد أب (فوو سابقا) 1.2 مليون دولار في جولة تأسيسية، قبل نقل مقرها الرئيسي من مصر إلى الرياض.