مع اختتام مؤتمر COP27.. إنجاز تاريخي للعدالة المناخية
اختتم ممثلو وفود نحو 200 دولة قمة المناخ COP27 أمس باتفاق تاريخي لإنشاء صندوق لتمويل الخسائر والأضرار لمساعدة الدول النامية المتضررة على التعامل مع الكوارث المناخية الناجمة عن انبعاثات الدول الغنية، وفقا لما أعلنته رئاسة قمة المناخ في بيان صحفي (بي دي إف). وجاء الاتفاق بعد مفاوضات شابها التوتر وشهدت خلافات بين الدول المتقدمة، من بينها دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول المشاركة في المفاوضات حول قضايا مثل خفض الانبعاثات واستخدام الوقود الأحفوري والفحم وهدف الـ 1.5 درجة مئوية.
توصلت الوفود إلى الاتفاق فجر يوم الأحد خلال جلسة عامة شهدت وزير الخارجية ورئيس الدورة الـ 27 من مؤتمر الأطراف سامح شكري يقرأ البنود النهائية لجدول الأعمال، ولم يبد المفاوضون أي اعتراض خلال ذلك، وفقا لرويترز. جرى تمديد القمة، التي انتهت رسميا يوم الجمعة، يوما إضافيا لمنح المفاوضين المزيد من الوقت لتسوية الخلافات والاتفاق بشأن سبل المضي قدما.
توازن دقيق: "أعتبر النص الذي سيجري اعتماده انعكاسا للتوازن الدقيق الذي يلبي مصالحنا جميعا، الممثلين في هذا المؤتمر، وتجسيدا لأقصى طموح يمكن التوصل إليه في هذه المرحلة الزمنية،" وفقا لما قاله شكري خلال الجلسة الختامية (شاهد 5:10:10 ساعة).
سيشهد صندوق الخسائر والأضرار تعهد الدول المتقدمة بمنح تمويلات لـ "لإنقاذ الأرواح وسبل كسب العيش من الكوارث المرتبطة بالمناخ"، وذلك لصالح الدول المتضررة من تغير المناخ، بحسب البيان. وقال المندوبون إن الصندوق سيستهدف الدول الأكثر تضررا من تغير المناخ. وستحتاج الدول إلى تحديد "مصادر تمويل جديدة" للصندوق، وفقا لما نقلته وول ستريت جورنال عن مسؤولين، فيما تريد الدول المتقدمة من الصين والدول الخليجية الغنية بالنفط وغيرها من الدول مرتفعة الدخل في العالم النامي أن تساهم في تمويلات الصندوق.
وسيجري تسوية بعض التفاصيل المتعلقة بكيفية تشغيل الصندوق العام المقبل في الفترة التي تسبق قمة المناخ COP28، وفقا لما نقلته وول ستريت جورنال عن المسؤولين. من المرتقب أن تعمل لجنة انتقالية على التفاصيل والتي تشمل من سيضخ الأموال في الصندوق ودور الصندوق فيما يتعلق بالتعهد (الذي بات قديما الآن) بأن تقدم الدول المتقدمة 100 مليار دولار سنويا لتخفيف تأثيرات المناخ.
التخفيف ≠ تمويل الخسائر والأضرار: التعهد بتقديم 100 مليار دولار الذي فشلت الدول المتقدمة في الوفاء به يهدف لتخفيف تأثيرات المناخ أو خفض الانبعاثات. والخسائر والأضرار هو تمويل مناخي يُمنح للدول النامية التي واجهت خسائر وأضرارا لا رجعة فيها على خلفية الكوارث المناخية بما في ذلك الأعاصير والفيضانات – وهي القضية التي يتعين معالجتها قبل أن يمكن لتلك البلدان البدء في التفكير بشأن التخفيف.
وكان شكري راضيا عن نتائج المحادثات: "نغادر شرم الشيخ بأمل متجدد في مستقبل كوكبنا وبإرادة جماعية أقوى وعزيمة أكبر لتحقيق هدف درجات الحرارة المدرج في اتفاق باريس للمناخ،" وفقا لما قاله شكري، مضيفا "اعتمدنا للتو برنامج عمل شرم الشيخ التاريخي بشأن طموح التنفيذ والتخطيط الذي سيسهم بدرجة كبيرة في جعل تحقيق هدف الـ 1.5 درجة مئوية ممكنا. وأثق أننا جميعا نعرف ما نحتاج إلى تنفيذه لحماية هدف الـ 1.5 درجة مئوية وضمان ألا نحيد عنه".
وأراد آخرون تنفيذ المزيد فيما يتعلق بخفض الانبعاثات + التقليل التدريجي للوقود الأحفوري: انتقد رئيس قمة المناخ COP26 ألوك شارما رئاسة مؤتمر الأطراف لهذا العام بسبب تجاهلها الخطوات التي اتخذت العام الماضي والفشل في "تعزيز" هذه الجهود. وقال شارما "الانبعاثات التي تبلغ ذروتها قبل 2025، والتي يؤكد العلم أهمية التعامل معها، غير موجودة في هذا النص"، مضيفا "التزام واضح بالتخلص التدريجي من الفحم، ليس في النص. التزام واضح بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ليس في النص، كذلك والنص المتعلق بالطاقة ضعف في الدقائق الأخيرة". وأبدى مسؤول سياسات المناخ في الاتحاد الأوروبي فرانز تيمرمانز التحفظات نفسها – على غرار معظم المفاوضين من التكتل – حول النص النهائي قائلا إنه "ليس كافيا لاتخاذ خطوات مستقبلية من أجل الناس والكوكب".
الانتقاد الرئيسي: غاب مقترح مقدم من الهند والاتحاد الأوروبي ودول أخرى للتقليل التدريجي من استخدام "جميع أنواع الوقود الأحفوري" عن النص النهائي. وبدلا من ذلك، مضى النص قدما في اتفاق جرى التوصل إليه في قمة المناخ COP26 لاتخاذ خطوات نحو التقليل التدريجي للفحم والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري. وطالت الانتقادات أيضا الإشارة إلى "طاقة منخفضة الانبعاثات" في النص باعتبارها تفتح بابا لاستخدام الغاز الطبيعي. وقالت الدول الأعضاء في البرلمان الأوروبي إن هذه "سنة المناخ الضائعة"، بحسب البيان، فيما أشارت إلى أن هذه العملية متعددة الأطراف كانت مثمرة فيما يخص هدف تحقيق إجماع بشأن قضية الخسائر والأضرار.
والعديد من أصابع الإتهام تشير إلى منتجي النفط وأبرز البلدان المسببة للانبعاثات: قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن المؤتمر كان يواجه حائط سد يتمثل في عدد من كبرى البلدان المسببة للانبعاثات ومنتجي النفط، بحسب صحيفة فايننشال تايمز. وفي رده على الانتقادات، قال السفير وائل أبو المجد ممثل الرئاسة المصرية في قمة المناخ: "كان متوقعا من الجميع أن يظهروا أداء أفضل، ولكن البلدان كانت مقيدة بالقدرة المالية".
استمر الجدل بشأن الوقود الأحفوري فترة طويلة، فيما تضغط الدول المتقدمة من أجل التحول بعيدا عن مصدر الطاقة ذلك. وعلى الجانب الآخر، تؤيد الدول النامية في أفريقيا والخليج صراحة التحول البطيء منخفض الانبعاثات للطاقة المتجددة، وهي الدول التي تعتمد بصورة أكبر على الغاز الطبيعي لتلبية احتياجاتها من الطاقة، إذ تظل مصادر الطاقة المتجددة غير ثابتة أو منتظمة.