الطريق إلى قمة المناخ COP28 يبدأ هنا
بقلم عبد الفتاح شرف
(دبي) – كانت اجتماعات قمة المناخ العالمية التي عُقدت في شرم الشيخ بمصر على مدار الأسبوعين الماضيين أكثر بكثير من مجرد اجتماع للمسؤولين والعلماء والمستشارين من الحكومات في جميع أنحاء العالم لإعادة تحديد الأهداف لتحقيق الحياد الكربوني في بلدانهم.
وبالنظر إلى مئات الاجتماعات التي عقدتها أنا وزملائي مع العملاء وصانعي السياسات والمستثمرين ورواد الأعمال، فلقد كانت المحادثات التي جرت خلال الأسبوعين الماضيين تدور حول الإجراءات التي تتخذ الآن والطموحات الحالية الهائلة لتسريع الاستثمارات لتحقيق الحياد الكربوني. وبالتالي إيجاد مستقبل اقتصادي أكثر استدامة.
سواء من منظور التغييرات اللازمة للحفاظ على معدلات الاحتباس الحراري عند أقل من 1.5 درجة مئوية، أو إيجاد الأطر التمويلية اللازمة لتعزيز ودعم الابتكارات التكنولوجية، أو الاستثمار المطلوب توجيهه لتحقيق هذا الهدف، فإن المحادثات التي جرت كانت واضحة: إذا كانت تدور حول انتقال النماذج الحالية سواء الاقتصادية أو المالية أو التجارية لنماذج أكثر استدامة، وكذلك حول الضرورة الملحة والمتزايدة لإنجاز هذا التحول.
ولقد كان تركيز قمة المناخ COP27 المكثف على التفاصيل اللازمة لتحقيق الانتقال إلى نموذج اقتصادي ذي انبعاثات كربونية منخفضة قد أسهم في تحديد الاتجاه العام لمحادثات قمة المناخ COP28 التي ستعقد العام المقبل في بلدي، الإمارات العربية المتحدة.
ولقد جرى التركيز على هذا التوجه بالتحديد بسبب مشاركة عدد كبير من شركات الأعمال فيما اعتبر من أكثر المحادثات المتعلقة بالمناخ حضورا في العالم حتى الآن.
ولم يكن حضور المسؤولين التنفيذيين في هذه القمة صوريا، بل أنهم حضروا لأنهم وجدوا فيها فرصة لا يمكن تفويتها للقاء الشركاء الذين يمكنهم تحويل نماذج أعمالهم الحالية إلى قصص نجاح في المستقبل.
ولم تكن هناك أي محادثة أجريتها أنا وزملائي مع أي مسؤول تنفيذي تتطرق إلى موضوع التخطيط للخروج من مجال عمله. وإنما كانت اجتماعاتنا تدور حول النمو والتوسع وكيف يمكن للشركات الحصول على تسهيلات تقدر قيمتها بمليارات الدولارات التي ستتدفق على المستوى العالمي لتمويل نماذج أعمال يمكن من خلالها دعم عملية الانتقال لتحقيق هدف الحياد الكربوني لعقود قادمة.
ويمنحني ذلك ثقة كبيرة في تعهدنا كبنك لمساعدة القطاعات الصناعية ذات الانبعاثات الكربونية الكثيفة حاليا من خلال تخصيص المزيد من الاستثمارات لخلق نماذج أعمال صديقة للبيئة في المستقبل.
ولا يعني ذلك أن الأمر سيكون سهلا.
فغالبا ما تقع التقنيات الجديدة أو نماذج الأعمال الجديدة أو الهياكل التجارية الجديدة خارج أطر المخاطر المصرفية التقليدية.
وهذا هو السبب الذي دفع HSBC للقيام بعقد شراكات مالية جديدة لسد الفجوة في تمويل المشاريع التي تقع خارج نطاق مصادر التمويل التقليدية وتركيزها على الأسواق ذات الاحتياجات الهامة لتطوير البنية التحتية.
وتعتبر الطاقة المتجددة وتخزين الطاقة ومعالجة المياه والنفايات والنقل المستدام من القطاعات ذات الأهمية الكبيرة، وكذلك الاقتصاد التدويري.
ولقد أجرينا أيضا تغييرات جذرية في جميع قطاعات أعمال البنك لتنفيذ استراتيجيتنا وأهدافنا المناخية.
كما التزمنا بمواءمة الانبعاثات الكربونية للمشاريع الممولة من محفظتنا مع هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050 أو قبل ذلك – ونعلم أنه لا يمكن تحقيق ذلك إلا بالشراكة مع عملائنا.
ولذلك قمنا بوضع أهدافنا لعام 2030 من أجل خفض الانبعاثات الكربونية في مختلف القطاعات، مع التركيز بشكل أكبر على القطاعات ذات الانبعاثات الكربونية الكثيفة أولا.
ومن خلال العمل مع العملاء لتطوير خطط الانتقال لتحقيق الحياد الكربوني، سنكون قادرين على فهم كل قطاع وكل عميل على حدة، وكذلك كيفية الوصول إلى هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وكما أظهرت محادثاتنا التي أجريناها على هامش قمة المناخ COP27 بوضوح، فإن هذا هو المجال الذي يتوقع عملاؤنا منا أن نكون من الرائدين فيه وأن نكون هناك لدعمهم في مسيرتهم الخاصة – وصولا إلى قمة المناخ COP28 وما بعدها.
عبد الفتاح شرف (لينكد إن) الرئيس التنفيذي لبنك HSBC الإمارات العربية المتحدة ورئيس إدارة الأعمال الدولية.