في البدء كانت إنجلترا وإسكتلندا
الحياة قبل كأس العالم: لم يكن حال كرة القدم في أواخر القرن التاسع عشر كما هو الآن. اللعبة كانت موجودة، لكن قواعدها لم تكن محكومة بعد، وفكرة المباريات الدولية لم تكن معروفة وقتها. لا كأس عالم، ولا ألعاب أولمبية، ولا بطولات دولية تمثل فيها المنتخبات الدول التي تنتمي إليها. أول مباراة دولية على الإطلاق جمعت بين إنجلترا وإسكتلندا عام 1870، وانتهت بالتعادل بهدف لكل فريق. المباراة نظمها الاتحاد الإنجليزي على أرضه بمشاركة فريق من المواطنين الإسكتلنديين الذين يعيشون في لندن، حسبما يذكر الباحث الإسكتلندي آندي ميتشل في كتابه First Elevens. وبعد هذا بعامين، أقيمت أول مباراة رسمية بين إنجلترا وإسكتلندا في جلاسجو، وانتهت بالتعادل السلبي.
ولادة الفيفا: مع ازدياد عدد المباريات الدولية في مطلع القرن العشرين، اشتدت الحاجة إلى تأسيس هيئة عالمية للإشراف على المنافسات. رفضت إنجلترا المشاركة في البداية، لذا اجتمعت اتحادات كرة القدم في فرنسا وبلجيكا والدنمارك وهولندا وإسبانيا والسويد وسويسرا وألمانيا عام 1904 في باريس، لتشكيل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). وبحلول وقت اندلاع الحرب العالمية الأولى بعد 10 سنوات، كان فيفا يضم كذلك جنوب أفريقيا والأرجنتين وتشيلي والولايات المتحدة وكندا.
ثم جاء كأس العالم: عمل الفرنسي جول ريميه الرئيس الثالث للفيفا لسنوات من أجل تنفيذ بطولة عالمية للمنتخبات كل 4 سنوات. نجح ريميه، لكن نجاحه هذا لم يكن سهلا، والنسخة الأولى عام 1930 كانت محاطة بالشكوك حتى اللحظة الأخيرة. غابت إنجلترا "مهد كرة القدم" عن المشاركة، ومعها معظم دول أوروبا بعد إسناد تنظيم البطولة إلى أوروجواي، لبعد المسافة وطول السفر. بعض الدول الأوروبية أرادت استضافة المنافسات، إلا أن أوروجواي المنتشية بالتتويج بالأولمبياد عامي 1924 و1928، والتي يصادف احتفالها بالعام المئة على استقلالها، عرضت على فيفا استضافة البطولة وتحمل كافة تكاليف السفر والإقامة للجميع، حسبما يذكر الاتحاد الدولي. كان العرض مغريا، لكن النتيجة كانت مشاركة 4 فرق أوروبية فقط ضمن 13 فريقا في أول نسخة من كأس العالم، وهو ما تسبب في غضب أوروجواي ومقاطعتها النسخة التالية في إيطاليا عام 1934، رغم أنها كانت حامل اللقب. حملت الكأس الأصلية اسم ريميه، ثم استُبدلت في عام 1974 بكأس العالم الذهبية التي نعرفها اليوم.
مصر في إيطاليا: انضم الاتحاد المصري لكرة القدم إلى الفيفا عام 1923، وحصل المنتخب على فرصة المشاركة في النسخة الثانية من كأس العالم بعد تصفيات قصيرة شهدت الفوز على فلسطين وانسحاب تركيا. وصل الفراعنة إلى إيطاليا كأول ممثل عن قارتي أفريقيا وآسيا، إلى جوار 15 فريقا من أوروبا والأمريكتين تشكل دور الـ 16 من البطولة. أوقعت القرعة مصر في مواجهة المجر، التي تأهلت بالفوز 4-2. أحرز هدفي الفراعنة عبد الرحمن فوزي، وهو الهداف التاريخي لمصر في كأس العالم حتى الآن بالتساوي مع محمد صلاح بنفس الرصيد.
لم تتطور كأس العالم بالشكل الذي نعرفه اليوم إلا بعد الحرب العالمية الثانية: بعد توقف دام 12 عاما بسبب الحرب العالمية الثانية، عادت كأس العالم في عام 1950 ببطولة تضم 13 منتخبا في البرازيل، تلاها بطولة أخرى في سويسرا بعد أربع سنوات، والتي كانت آخر كأس عالم لريميه كرئيس للفيفا. ومنذ عام 1950 انتظم انعقاد البطولة كل أربعة أعوام، مع نمو حجمها وتوسع الفيفا ليضم تقريبا كل بلد على هذا الكوكب.