روتيني الصباحي: كليمنس فيدال دو لابلاش مديرة مكتب الوكالة الفرنسية للتنمية بمصر
كليمنس فيدال دو لابلاش، مديرة مكتب الوكالة الفرنسية للتنمية في مصر: روتيني الصباحي فقرة أسبوعية نتحاور خلالها مع أحد الأفراد البارزين في مجتمعنا وكيف يبدؤون يومهم، كما نطرح عليهم بعض الأسئلة المتعلقة بأعمالهم. وتتحدث إلينا هذا الأسبوع كليمنس فيدال دو لابلاش (لينكد إن) مديرة مكتب الوكالة الفرنسية للتنمية في مصر. وإليكم مقتطفات محررة من الحوار:
اسمي كليمنس فيدال دو لابلاش، وأنا مديرة مكتب الوكالة الفرنسية للتنمية – ذراع التنمية للحكومة الفرنسية – في مصر. نحن مؤسسة تغطي جانبي التمويل والتنمية، ونمول مشروعات التنمية المستدامة في أكثر من 100 دولة. يمتد وجودنا في مصر إلى عام 2008، ولدينا تفويض لدعم المشاريع التي تسعى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتتماشى مع أولويات التنمية للحكومة المصرية كرؤية 2030، وتسهم في تحقيق أهدافنا الثنائية المشتركة مثل العمل المناخي.
يتكون فريقي في مصر من 20 شخصا، وهو ما يجعلنا أحد المكاتب الكبيرة نسبيا مقارنة بفروعنا الأخرى. مولت الوكالة الفرنسية للتنمية استثمارات بقيمة 3.1 مليار يورو في مصر منذ 2008، وضاعفت محفظتها على مدار السنوات الخمس الماضية، وهو ما يعكس الاحتياجات التنموية واحتياجات تمويل البنية التحتية في مصر، كما يشير كذلك إلى جودة الشركاء والمشروعات هنا. أنا المسؤولة عن التوجه الاستراتيجي للوكالة في مصر، وتحقيق الأهداف التي حددتها لنا الحكومتان المصرية والفرنسية. في يونيو الماضي، أطلقنا استراتيجيتنا القُطرية الجديدة حتى عام 2025 مع وزارة التعاون الدولي، والتي ترسم لنا خارطة طريق واضحة للغاية.
أحد أهدافنا الوصول بقيمة تمويل التنمية سنويا إلى 200-250 مليون يورو عبر أربعة مجالات رئيسية وذات أولوية: الطاقة النظيفة ودعم انتقال الطاقة في مصر، والمواصلات، والموارد الطبيعية مثل المياه والصرف الصحي والخدمات الأساسية، والتمويل المستدام. إضافة إلى ذلك، لدينا أيضا حضور قوي للغاية في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والحماية الاجتماعية والتعليم.
أنا مسؤولة كذلك عن تمثيل الوكالة أمام جميع عملائنا، بما في ذلك الحكومة المصرية والبنوك العامة والشركات، ومجتمع التنمية بأكمله مثل وكالات الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الإسهام في حوار السياسات حول القطاعات والشركات التي نغطيها. يشمل هذا المبادرات والشركات الفرنسية والمصرية التي نمولها، ومجتمع الأعمال الفرنسي، والمنظمات غير الحكومية. أحد الجوانب الممتعة في هذه المهنة هو تعاملي مع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة.
وصلت إلى مصر في سبتمبر الماضي، لذا لا زلت أعمل على بناء روتيني اليومي. عائلتي معي هنا، وابنتي الصغيرة تحب الاستيقاظ في الصباح الباكر، لذلك أكون مسرورة ببدء اليوم مبكرا وقضاء بعض الوقت الممتع معها بين الساعة 6 و7:30 صباحا. أحب فقط متابعتها وهي تستكشف العالم، وملاحظة شخصيتها وهي تتكون شيئا فشيئا. أحب المشي إلى العمل، وأحب كذلك أن أسلك طريقا مختلفا كل يوم، فأستكشف المباني الجميلة في الزمالك وأبحث عن محال جديدة للقهوة. أصل إلى مكتبي عادة بحلول الثامنة صباحا، وحينئذ يبدأ يوم العمل الذي يكتظ بمزيج من الاجتماعات الداخلية والخارجية. يوم الأحد مثلا يكون في العادة محجوزا للاجتماعات الداخلية والتخطيط لأولويات الأسبوع المقبل. أقرأ نشرة إنتربرايز، ثم أطالع مجموعة متنوعة من الصحف المصرية والعالمية، ولا أفوت نيويورك تايمز أبدا.
أكثر ما أحبه في وظيفتي أنها تتقاطع مع التخطيط للسياسات وتنفيذها على أرض الواقع. في يوم تجدنا نلعب دور الممول، وفي اليوم التالي نكون الشريك الفني. معنى هذا أننا نشترك بنفس القدر في تصميم المشروع ووضع سياسته ثم تنفيذه. أيامي لا تشبه بعضها البعض، وذلك لأن هناك تنوعا ضخما في منظومة أصحاب المصلحة الذين نتعامل معهم.
بشكل مهني، أتعامل مع أجندتي بعناية شديدة. مساء كل خميس، أجلس لمراجعة خطة الأسبوع المقبل. وخلال أيام العمل، أتأكد في كل مساء قبل أن أغادر من جاهزية جدول اليوم التالي وتطابقه مع أولوياتنا، والتي تتطور بسرعة كبيرة خلال الأسبوع. الشيء الوحيد الذي يظل ثابتا في يومي هو الوقت الذي أقضيه مع ابنتي في الصباح، لأني لا أضمن عودتي للمنزل كل مساء قبل خلودها للنوم.
أحافظ على تركيزي بتناول الكثير من القهوة (تضحك). في العادة أمارس الجري بشكل منتظم كي أحافظ على تركيزي وبصيرتي. وأحاول أن أشارك في ماراثون واحد في العام، من أجل تحديد هدف تدريبي أسعى إليه. الجري بالنسبة لي وسيلة لتخفيف التوتر والحفاظ على التركيز. هذا العام سجلت اسمي في ماراثون بجوار الأهرامات في أوائل ديسمبر، وأنا في أشد الحماس للمشاركة فيه.
أشعر براحة كبيرة حين أستكشف المدن التي أعيش فيها، خصوصا لو كانت مدينة رائعة مثل القاهرة. أنا مهووسة بالتاريخ وعاشقة للثقافة، وأعتبر تنقلي عبر مدن العالم والتعرف إلى ثقافاتها إحدى مميزات عملي. نجحت في تخصيص بعض الوقت خلال إجازات نهاية الأسابيع الأربعة أو الخمسة الماضية للخروج في جولات مع مرشدين إلى الأهرامات والقاهرة الإسلامية، واستمتعت للغاية بالتجول في شارع المعز. هدفي الحالي هو استكشاف هذا الجزء من تاريخ القاهرة وحضارتها. أحب الغوص كذلك، وأنوي الاستمتاع بوجهاته المشهورة في مصر. غطست أكثر من 100 مرة، ولدي ترخيص بالهبوط حتى عمق 60 مترا. الغوص ممارسة مليئة بالتأمل والاسترخاء، ولا أطيق صبرا على تجربة أماكن الغوص المتعددة هنا.
انتهيت للتو من قراءة Cairo: The City Victorious، والتي يمكن اعتبارها سيرة للقاهرة من تأليف ماكس رودينبيك. الكتاب مناسب جدا لشخص غريب عن تاريخ القاهرة الطويل، ومكتوب بطريقة ممتازة على يد شخص عاش في المدينة لفترة طويلة جدا، أوصي الجميع بقراءته. كما اشتريت كتاب Understanding Cairo لديفيد سيمز، وهو خبير في الاقتصاد والتخطيط الحضري، ويعد كتابه تحليلا للمشروعات العمرانية في القاهرة.
وصلت إلى القاهرة وأنا على علم بأني سأغادر إن عاجلا أم آجلا، وليس لدي هنا سوى أربع سنوات هي فترة إدارتي للمكتب، وهو ما يعطي التجربة مزيدا من التكثيف على المستويين المهني والشخصي. أفكر في هذا كثيرا، لكني أتعامل معه كمحفز يدفعني إلى تحقيق أقصى استفادة من كل دقيقة أقضيها هنا لصناعة تغيير في محفظة الوكالة، واستكشاف آفاق جديدة من التعاون، وتوجيه المشروعات إلى تحقيق أهدافها. هناك شعور عام بالعجلة، وأعني ذلك بالمعنى الإيجابي تماما، برغم حقيقة أن مشروعاتنا تستغرق سنوات للتمويل والتنفيذ. لذلك يعتمد الأمر كله على الموازنة بشكل صحيح بين الإسراع وبدء التنفيذ، وفي نفس الوقت الحفاظ على التركيز على المدى المتوسط والطويل.