توقيع اتفاق القرض بين مصر وصندوق النقد "خلال أيام"
هل اقتربنا من الحصول على قرض صندوق النقد الدولي؟ انتهى اجتماع عقد أمس بين مسؤولين من الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي، دون أن يعلن أي من الجانبين عن التوصل إلى اتفاق بشأن حزمة قرض طارئة للبلاد. وقال جيري رايس، مدير الاتصالات بالصندوق، في بيان عقب الاجتماع إن مسؤولي صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية "اتفقوا على الانتهاء من عملهم للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء قريبا جدا".
حالة من الترقب عشنا فيها طوال الأسبوع: شارك مسؤولون مصريون من عدد من الوزراء ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن الأسبوع الماضي، حيث ألمحوا إلى إمكانية الإعلان عن الاتفاق على القرض في أي وقت. وقبل اجتماع الأمس، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا في تصريح صحفي يوم الجمعة إنه بالإمكان الاتفاق بشأن حزمة المساعدة "في غضون أيام"، مضيفة أن جميع "المسائل الكبيرة المتعلقة بالسياسات" قد تم حلها، مع وجود عدد قليل من "التفاصيل الفنية الأصغر" لم يجر تسويتها حتى الآن.
حصلت تونس على قرضها أمس: توصل مسؤولون من صندوق النقد الدولي وتونس إلى اتفاق أمس بشأن تقديم قرض بقيمة 1.9 مليار دولار إلى البلاد، بحسب البيان الصادر. وقال جورجييفا إن الصندوق سيعقد محادثات مستقلة مع مصر وتونس يوم السبت، وأعربت عن ثقتها بأن صندوق النقد الدولي سيدعم كلا البلدين، وفقا لرويترز.
هناك ما يزيد عن 20 دولة أخرى في انتظار دورها: قالت جورجييفا إن نحو 28 دولة من بينها مصر وتونس تقدمت للحصول على مساعدات مالية من الصندوق، مضيفة أن صندوق النقد لا يزال لديه قرابة الـ 700 مليار دولار جاهزة لمساعدة الاقتصادات المتعثرة.
ماذا حدث أمس؟
يقول صندوق النقد إن مباحثات أمس دارت حول مرونة سعر الصرف والإصلاح المالي والهيكلي: "أجرى مسؤولو صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية مناقشات مباشرة كانت مثمرة للغاية، على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين"، وفقا لما جاء في بيان رايس، وقال إنه جرى إحراز "تقدم كبير" بشأن بعض النقاط الرئيسية. وسلط البيان الضوء على الإصلاحات المالية (أي تحسين إدارة الموازنة وخفض الدين العام) والإصلاحات الهيكلية بما في ذلك زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد. وقدم البيان أيضا بعض التفاصيل حول رغبة صندوق النقد الدولي في أن تتبنى الدولة سعر صرف أكثر مرونة للجنيه.
ما قاله صندوق النقد بشأن مرونة سعر الصرف الأجنبي: شهد اجتماع أمس مناقشة "السياسات النقدية وسياسات سعر الصرف التي من شأنها أن ترسخ توقعات التضخم، وتحسن التحول في السياسة النقدية، وتحسن أداء سوق الصرف الأجنبي، وتدعم المرونة الخارجية لمصر"، وفقا لرايس. وقال إن مثل هذه السياسات ستسمح للبلاد "بإعادة بناء احتياطيات النقد الأجنبي بشكل تدريجي ومستدام".
صندوق النقد يشدد على مرونة أكثر للجنيه: كان سعر صرف الجنيه نقطة نقاش رئيسية لجورجييفا قبل أن يجري المسؤولون محادثات أمس. وردا على سؤال حول سبب تأخر المفاوضات لمدة سبعة أشهر، قالت جورجييفا "إن الأمر يتلخص في سياسة سعر الصرف في مصر"، مضيفة أنه "يجب صياغته بعناية".
أشارت جورجييفا أيضا إلى تغيير القيادة في البنك المركزي المصري كسبب لتأخر المفاوضات، مشيرة إلى أن المحافظ الجديد بحاجة إلى "الشعور بالارتياح تجاه المنحى الذي ستتخذه السياسة النقدية". وجرى تعيين حسن عبد الله محافظا للبنك المركزي في 18 أغسطس، عقب الرحيل المفاجئ للمحافظ السابق طارق عامر.
وظهر معيط في برامج التوك شو الجمعة للحديث حول سعر الصرف: كان لتثبيت سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية تأثيرات سلبية على احتياطيات مصر والاقتصاد ككل، خاصة في ضوء الصدمات الاقتصادية العالمية الخارجية، وفق ما قاله وزير المالية محمد معيط في اتصال هاتفي مع عمرو أديب في برنامج "الحكاية" يوم الجمعة (شاهد 35:03 دقيقة)، موضحا أن صندوق النقد يرى أن سعر الصرف المرن أمر بالغ الأهمية للاقتصاد المصري. وقال معيط إن صندوق النقد ليس لديه مطالب تتعلق "بالموازنة والسياسات المالية وبرنامج الدعم"، وإنه حريص فقط على مرونة سعر الصرف. وأكد كل من معيط ووزيرة التخطيط هالة السعيد في الأسابيع الأخيرة أن الحكومة تدعم مرونة سعر صرف الجنيه "إذا اقتضت الضرورة".
واصل الجنيه تراجعه التدريجي أمام الدولار ليفقد أكثر من ربع قيمته مقابل الدولار منذ بداية هذا العام. ويتوقع محللون استقرار سعر الصرف في نطاق 22-24 جنيها للدولار، فيما أظهر استطلاع لآراء قراء إنتربرايز توقعات بأن يستقر سعر الصرف عند 22.12 جنيه مقابل الدولار في المتوسط.
المزيد من التكهنات حول حجم القرض
لم يفصح معيط أو جورجييفا عن قيمة حزمة المساعدة المرتقبة، لكن معيط قال لأديب إن ذلك قد يتحدد في غضون "يومين أو ثلاثة أيام". ونقلت رويترز عن مصدر وصفته بالمطلع على الأمر أن حزمة المساعدة ستكون عند الحد الأدنى لنطاق يتراوح بين 3 و5 مليارات دولار
سيدرس البنك الدولي منح مصر قروضا "إذا التزمت بطريق الإصلاح الاقتصادي"، وفق ما نقلته قناة سي إن بي سي عربية عن رئيس البنك ديفيد مالباس، دون الكشف عن تفاصيل حول حجم أو طبيعة القروض المحتملة. ولم يظهر هذا التصريح في النص المكتوب لتعليقات مالباس.
ومن اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين أيضا –
أزعور: الإصلاحات المالية مهمة للحماية من الصدمات الخارجية. "هذه هي أهمية تكييف السياسة النقدية، لحماية الاقتصاد من تلك الصدمات الخارجية، والحفاظ على الانضباط المالي المطلوب بشدة، مع تعزيز آليات الحماية الاجتماعية من خلال مختلف الأدوات"، وفق ما قاله مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق جهاد أزعور، في مؤتمر صحفي. وأشار أزعور إلى أن برنامج الطروحات الحكومية، إلى جانب "الإصلاحات الهيكلية" الأخرى "ستسمح لمصر بالحفاظ على مستوى عالٍ من النمو ومعالجة بعض القضايا التي خلفتها الصدمة والأزمة الخارجية الحالية".
الدعم المالي أيضا هو مفتاح تغلب الأسواق الناشئة على ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، بحسب محافظ البنك المركزي المصري: شدد محافظ البنك المركزي المصري الجديد حسن عبد الله على أهمية دور صندوق النقد والبنك الدوليين في مواصلة تقديم المساعدة المالية، بما في ذلك "البلدان المتوسطة الدخل الضعيفة"، وفق كلمة (بي دي إف) ألقاها خلال ترأسه للجلسة العامة لمجلسي محافظي البنك وصندوق النقد الدوليين.
جاء ترأس عبد الله للجلسة بمثابة مؤشر على المكانة الكبيرة له لدى صندوق النقد والبنك الدوليين. وترأس عبد الله جلسة عامة الجمعة حضرها رئيس البنك الدولي ومديرة صندوق النقد الدولي. ويمكنكم مشاهدة الكلمة التي أدلى بها عبد الله من هنا (شاهد 54:15 دقيقة).
وأشار عبد الله إلى أن صندوق النقد والبنك الدوليين لهما دور مركزي يلعبانه في دعم الدول الأعضاء في هذا المنعطف الحرج، قائلا إنهما بحاجة إلى "توجيه استجابات السياسات للبلدان مع مراعاة اعتبارات الاقتصاد الاجتماعية والسياسية". وقال أيضا إن صانعي السياسات يواجهون مجموعة من التحديات بما في ذلك "ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والمقايضات المعقدة في السياسة النقدية". وأضاف أن صندوق النقد والبنك الدوليين بحاجة إلى أن تكون "سريعة وسخية"، مشيرا إلى أنها تصرفت بسرعة منذ بداية الجائحة والأزمات التي أعقبت ذلك، و"يتعين عليها مواصلة توسيع دعمها، بما في ذلك إلى البلدان ذات الدخل المتوسط مثل مصر.
امتدت المحادثات حول حزمة صندوق النقد الدولي لأشهر: أعلنت مصر في مارس عن تقدمها بطلب لبدء محادثات مع الصندوق بشأن برنامج جديد كجزء من محاولة لتأمين الدعم المالي في أعقاب الصدمات الاقتصادية التي سببتها الحرب الروسية في أوكرانيا، وارتفاع أسعار الفائدة، والمخاطر العالمية في الأسواق المالية.