التضخم يسجل أعلى مستوى له منذ أربع سنوات تقريبا
تسارع معدل التضخم مرة أخرى في سبتمبر مع استمرار صدمات الأسعار، وفقا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (بي دي إف). وارتفع تضخم أسعار المستهلكين في الحضر إلى 15% على أساس سنوي في سبتمبر، مقابل 14.6% في الشهر السابق، وسط الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة جراء الحرب في أوكرانيا وضعف الجنيه. ويعد هذا هو أعلى معدل للتضخم منذ نوفمبر 2018، عندما بلغ 15.7%. وارتفع معدل التضخم الشهري بنسبة 1.6% على أساس شهري في سبتمبر، مقابل 0.9% في أغسطس.
أسعار المواد الغذائية والمشروبات لم تقد وحدها هذا الارتفاع: ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 21.7% على أساس سنوي في سبتمبر – مسجلة أضعف وتيرة لها منذ مارس – و2.3% على أساس شهري، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وقال جيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في كابيتال إيكونوميكس، في مذكرة بحثية أمس: "جاء الارتفاع في معدل التضخم الرئيسي مدفوعا بالكامل بالتضخم غير الغذائي". وكانت أسعار المواد الغذائية والمشروبات، التي تشكل الوزن الأكبر في سلة السلع المستخدمة لقياس تضخم الأسعار، العامل الرئيسي الذي ساهم في ارتفاع التضخم لأشهر.
ولكن جاء ارتفاع التضخم مدفوعا بكافة العناصر: شهدت تكاليف النقل الارتفاع الأكبر، وذلك بنسبة 17.9% على أساس سنوي. وقفزت تكاليف السكن والمرافق بنسبة 6.2% على أساس سنوي. وكتب سوانستون: "زاد التضخم في معظم فئات الأسعار غير الغذائية الرئيسية"، قائلا إن هذا كان نتيجة لضعف الجنيه.
ضعف الجنيه يعني ارتفاع الأسعار: فقدت العملة المحلية نحو ربع قيمتها مقابل الدولار خلال هذا العام، وذلك بسبب مزيج من الضغوط الاقتصادية المحلية، والتداعيات الاقتصادية العالمية من الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع الدولار مقابل غالبية العملات العالمية الرئيسية تقريبا. وقرر البنك المركزي تخفيض مفاجئ لقيمة الجنيه بنسبة 15.9% في مارس، واستمر الجنيه في الانخفاض تدريجيا منذ ذلك الحين. ويتوقع قراء إنتربرايز أن ينخفض الجنيه إلى 22.12 – وهو سعر الصرف الذي يستخدمونه (في المتوسط) في ميزانيات شركاتهم لعام 2023، وفقا لاستطلاع إنتربرايز لخريف 2022.
التضخم الأساسي عند أعلى مستوياته منذ 2017: ارتفع معدل التضخم الأساسي السنوي – الذي يستبعد في حسابه أسعار المواد المتقلبة مثل الغذاء والوقود – إلى 18% في سبتمبر، من 16.7% في الشهر السابق، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري (بي دي إف). ويعد هذا هو أعلى معدل تضخم أساسي منذ ديسمبر 2017.
الوضع كان من الممكن أن يكون أسوأ: كان نعمان خالد، المدير المساعد لدى شركة أرقام كابيتال، يتوقع أن يرتفع معدل التضخم بنسبة 16% على أساس سنوي في سبتمبر، تحسبا للإجراءات المالية التي من المحتمل أن تصاحب إبرام اتفاقية قرض وشيكة مع صندوق النقد الدولي واحتمال تخفيض مفاجئ لقيمة الجنيه.
يعتقد معظم المحللين أن التضخم لم يبلغ ذروته بعد: يرى معظم المحللين الذين تحدثت إليهم إنتربرايز مؤخرا أن التضخم سيبلغ ذروته عند 18-20% بنهاية العام، لا سيما في حالة حدوث انخفاض مفاجئ في الجنيه. وقال خالد إن ارتفاع أسعار السلع العالمية قد يؤدي أيضا إلى ارتفاع الأسعار محليا. ونتوقع أن ترفع الحكومة أسعار الوقود للربع السابع على التوالي عندما تجتمع لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية هذا الشهر، مع ارتفاع أسعار النفط العالمية وسط خفض الإمدادات من قبل أوبك بلس.
ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لأسعار الفائدة؟ يضيف ارتفاع التضخم وانخفاض الجنيه وموجة التشديد النقدي العالمية ضغوطا على البنك المركزي المصري للمضي قدما في رفع أسعار الفائدة، وفق ما ذكره سوانستون، مضيفا: "نتوقع أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس لتصل إلى ذروتها عند 12.75% مطلع العام المقبل، وهو سيناريو أكثر تشددا مما يتوقعه غالبية المحللين، ونعتقد أن المخاطر تميل بقوة إلى الاتجاه الصعودي". وقد يقرر البنك المركزي أيضا خفض مفاجئ في قيمة العملة ويتابع على الفور باجتماع لجنة السياسة النقدية خارج الجدول الزمني لرفع أسعار الفائدة، حسبما يعتقد خالد، الذي قال: "نتوقع أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنسبة 2-3% خلال الاجتماعات المقبلة". وقال البنك المركزي مرارا إنه سيسمح مؤقتا بأن يتخطى معدل التضخم هدف الـ 7% (±2%) في المتوسط في الربع الأخير من 2022، كما ذكرت وسائل إعلام محلية أن البنك المركزي قد يعلن عن أهداف جديدة لمعدل التضخم قريبا.
أبقى البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير الشهر الماضي للشهر الثالث على التوالي، مخالفا توقعات المحللين الذين كانوا يتوقعون أن يرفع المركزي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في محاولة للحد من ارتفاع التضخم وضعف الجنيه. وبدلا من ذلك، لجأ البنك المركزي إلى رفع نسبة الاحتياطي النقدي الذي تلتزم البنوك بالاحتفاظ به لدى المركزي إلى 18% بدلا من 14% حاليا، وقال إن هذا من شأنه أن "يساعد في تقييد السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي".
وحاز الخبر على اهتمام الصحافة الأجنبية: بلومبرج.