مخالفا اتجاه التشديد العالمي.. المركزي يبقى على أسعار الفائدة دون تغيير
المركزي يبحث عن أداة مالية أخرى لمواجهة التضخم: أبقى البنك المركزي المصري الخميس الماضي على أسعار الفائدة دون تغيير، مخالفا بذلك التوقعات. وقررت لجنة السياسة النقدية الإبقاء على سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 11.25% و12.25% على الترتيب، وسعر العملية الرئيسية وسعر الخصم عند 11.75%، وفقا لبيان البنك (بي دي إف). وتوقع محللون استطلعت آرائهم إنتربرايز قبيل الاجتماع أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة في محاولة لكبح جماح التضخم ودعم الجنيه، وتوقع غالبية المحللين زيادة بمقدار 100 نقطة أساس. وتعد هذه المرة الثالثة على التوالي التي يثبت فيها المركزي أسعار الفائدة، والاجتماع الثاني برئاسة المحافظ الجديد حسن عبد الله.
التشديد عبر وسائل أخرى: رفع البنك المركزي نسبة الاحتياطي النقدي الذي تلتزم البنوك بالاحتفاظ به لدى المركزي إلى 18% بدلا من 14% حاليا، وقال إن هذا من شأنه أن "يساعد في تقييد السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي". وتنظم نسبة الاحتياطي الإلزامي مقدار رأس المال المطلوب من البنوك التجارية الاحتفاظ به في احتياطياتها. ومن خلال رفع تلك النسبة، يهدف البنك المركزي إلى تقييد الإقراض وتشديد الأوضاع المالية ودعم العملة المحلية – كل ذلك دون رفع تكلفة الاقتراض للحكومة.
جاء في بيان المركزي أيضا: "ترى لجنة السياسة النقدية أن أسعار العائد الأساسية الحالية مع زيادة نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم البنوك الاحتفاظ بها لدى البنك المركزي المصري تتسق مع تحقيق هدف استقرار الأسعار على المدى المتوسط خلال الربع الرابع من العام الحالي". وشدد البنك المركزي على أنه "سيتسامح مؤقتا" مع التضخم فوق هدفه البالغ 7% (± 2%) في المتوسط في الربع الرابع من عام 2022 حيث يواصل تقييم تأثير الزيادات البالغة 300 نقطة أساس التي تمت في وقت سابق من هذا العام، وشدد مرة أخرى أن ارتفاع الأسعار ناتج عن ضغوط خارجية من جانب العرض ناتجة عن الحرب في أوكرانيا.و ارتفع معدل التضخم إلى 14.6% في أغسطس، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من 3.5 سنوات مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
سيولة ضخمة لدى البنوك المحلية: قال الرئيس التنفيذي في مجموعة بيزنس كوميونيتي أيمن ياسين لبلومبرج الشرق (شاهد 1:22 دقيقة)، إن قرار البنك المركزي رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك سوف يمتص بعض السيولة التي لدى البنوك، التي اقتربت من 6.5 تريليون جنيه بفضل رفع أسعار الفائدة الأخير. وقال إن من بين هذه المبالغ الكبيرة لم يجر استخدام ما بين 600 مليون جنيه ومليار جنيه.
لماذا لم ترفع أسعار الفائدة؟ من غير المرجح أن يؤدي رفع أسعار الفائدة إلى عودة المستثمرين الأجانب إلى سوق الدين المحلية وسط ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية وعدم اليقين بشأن الجنيه، كما أنه لن يفعل الكثير في مواجهة تأثير التضخم المستورد. وقالت إسراء أحمد، من شركة الأهلي فاروس، التي كانت المحللة الوحيدة في استطلاعنا الذي توقعت تثبيت أسعار الفائدة، إن رفع سعر الفائدة مرة أخرى كان من شأنه أن يرفع تكاليف الاقتراض الحكومية ويفرض مزيدا من الضغط على الموازنة. وقالت: "اختار البنك المركزي الحل الأنسب لاحتواء التضخم في هذه المرحلة وإدارة السيولة بدلا من رفع تكلفة الاقتراض مباشرة، وهو ما كان سيرفع التكلفة على موازنة الدولة بشكل كبير".
لكن الضغوط من أجل اتخاذ إجراء قد تكون أكبر في الاجتماع المقبل، وفقا للخبيرة الاقتصادية منى بدير، التي توقعت قبل الاجتماع ارتفاعا بمقدار 100 نقطة أساس. وقالت لبلومبرج الشرق (شاهد 00:40 دقيقة) إن الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير "سيترجم إلى مزيد من الضغط على أسعار الصرف وتوقعات بتشديد نقدي أكبر في الاجتماعات المقبلة".
هل يرفع المركزي أسعار الفائدة في نوفمبر؟ يتوقع بنك بي إن باريبا أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في اجتماعه المقبل في نوفمبر، إلى جانب تخفيض قيمة العملة قبل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وقال محمد عبد المجيد، الخبير الاقتصادي في بنك بي إن بي باريبا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في مذكرة بحثية الأسبوع الماضي: "نعتقد أنه من المرجح أن يتم تطبيق رفع سعر الفائدة المقبل جنبا إلى جنب مع تخفيض مفاجئ لقيمة العملة بنسبة 10% على الأقل، مما سيساعد في تحقيق تقارب مع سعر السوق الموازية". ويتوقع البنك أن ينخفض الجنيه إلى 22-23 مقابل الدولار بنهاية العام وأن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس أخرى بحلول اجتماعه في ديسمبر.
حتى الآن، بشكل تدريجي: شهد الجنيه تراجعا بطيئا في الأسابيع الأخيرة، إذ انخفض بنحو 2% منذ تعيين حسن عبد الله محافظا للبنك المركزي في منتصف أغسطس. وتراجع الجنيه بما يقرب من 24% منذ تخفيض قيمته في مارس ليصل إلى نحو 19.52 جنيه صباح اليوم.
وسيعلن البنك المركزي عن هدفه الجديد للتضخم "قريبا"، وفقا لما قاله مصدر بالبنك المركزي لشبكة سي إن بي سي عربية. ويستهدف البنك المركزي حاليا أن يصل التضخم إلى 7% (±2%) بنهاية العام، وهو أقل بكثير عن معدل التضخم المسجل في أغسطس والبالغ 14.6%.
يأتي هذا في الوقت الذي تواصل فيه البنوك المركزية الأخرى تشديد السياسة النقدية: كان محللون قد توقعوا أن يقوم البنك المركزي برفع أسعار الفائدة، على غرار قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي بمقدار 75 نقطة أساس يوم الأربعاء الماضي، في محاولة لكبح التضخم والحد من مخاطر النمو الخارجية. وأعلن عدد من البنوك المركزية الكبرى رفع أسعار الفائدة الأسبوع الماضي قرب قرار الفيدرالي، كما في سويسرا وبريطانيا.