أين وصلت خطة مصر للتحول إلى مركز إقليمي لصناعة الإلكترونيات
كيف تنمي مصر صناعة الإلكترونيات المحلية: عملت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على مدى السنوات العديدة الماضية لتوطين صناعة الإلكترونيات في البلاد، من خلال المبادرة الرئاسية "مصر تصنع الإلكترونيات" التي أطلقتها هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا)، في نهاية عام 2015. تهدف المبادرة، المصممة لخفض واردات مصر من المنتجات الإلكترونية وزيادة صادراتها، إلى تصنيع الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت وأجهزة تتبع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وإضاءات الليد، والعدادات الذكية، والتلفزيونات والشاشات الإل إي دي، وأنظمة الطاقة الشمسية باعتبارها أكثر المنتجات الواعدة للتصنيع محليا والتصدير.
هناك بعض التقدم بعد نحو سبع سنوات من إطلاق المبادرة، لكن لا يزال الفاعلون في الصناعة يواجهون عقبات: أشارت مصادر بالقطاع تحدثت معها إنتربرايز إلى أنه على الرغم من اتخاذ الحكومة "خطوات جادة" للعمل على توطين الصناعة، فإن العديد من الشركات المصنعة ما زال تعاني بسبب نقص المكونات والإجراءات البيروقراطية.
ما تحقق حتى الآن: منذ 5 أعوام بدأت أول محاولة لتصنيع أول هاتف محمول مصري نقش عليه "صنع في مصر"، من تصنيع شركة "سيكو". صنعت الشركة نحو 1.5 مليون جهاز في عام 2021، وتخطط لرفع الإنتاج إلى مليوني جهاز هذا العام، حسبما قال الرئيس التنفيذي محمد سالم، لبلومبرج في وقت سابق. وحصلت سيكو على ما يقرب من نصف مدخلات إنتاجها من السوق المحلية، والبقية من أسواق أخرى، بما في ذلك الصين، بحسب سالم.
السوق المصرية سوق استهلاكية ضخمة للهواتف: نمت مبيعات الهواتف المحمولة في مصر إلى 15 مليون هاتف في 2021، وذلك مقارنة بـ 13.3 مليون هاتف في عام 2020، بحسب بيانات مؤسسة الأبحاث "جي إف كيه". وارتفعت تكلفة الهواتف المستوردة في الأشهر الأخيرة بعد أن قررت الحكومة مضاعفة الرسوم الجمركية على الهواتف المستوردة إلى 10% العام الماضي. وتراجعت قيمة واردات مصر من الهواتف المحمولة بنسبة 50.7%، لتصل إلى 299.1 مليون دولار خلال أول 4 أشهر من العام الحالى. وفي ديسمبر، توقعت شركة الأبحاث "إنترناشيونال داتا كوربريشن" ارتفاع الأسعار بنسبة 10% خلال الربع الرابع من عام 2021 بسبب هذه الخطوة ونتيجة لنقص الإمدادات المستمر، مما دفع البائعين إلى اللجوء إلى زيادة مخزون الطرز الأرخص. وقالت شركة الأبحاث إن النمو في سوق الهواتف الذكية في مصر من المرجح أن يتباطأ إلى 1% هذا العام بسبب الرسوم وكذلك النقص المستمر في مكونات الهاتف المحمول.
مصر موقع مميز لتصنيع الإلكترونيات، بفضل سوق العمالة الرخيصة والكبيرة في الوقت نفسه، والسوق الاستهلاكية الضخمة، والموقع الجغرافي المميز الذي يؤهلها لأن تكون مركزا للتصدير، حسبما يرى كريم غنيم، الرئيس التنفيذي لشركة كيه إم جي مصر ورئيس شعبة الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا في غرفة التجارة المصرية، لإنتربرايز. وتقدم مبادرة "مصر تصنع الإلكترونيات" حوافز أخرى لمصنعي الإلكترونيات، تشمل الحوافز الضريبية للمناطق الصناعية والمناطق الحرة، فضلا عن الإعفاءات الجمركية للأدوات والمعدات.
جذبت مصر اهتمام عدد من المستثمرين مؤخرا: قالت شركة فيفو الصينية إنها ستستثمر 30 مليون دولار في مصر حتى منتصف عام 2023 وأنشأت مصنعا للهواتف المحمولة بقيمة 20 مليون دولار. وفي أغسطس أعلنت شركة اتصال للصناعات المتطورة EAI عن توقيع اتفاق مع شركة إتش إم دي المالكة للعلامة التجارية نوكيا لتصنيع نحو مليون هاتف سنويا في السوق المصرية. تقوم شركة إنفينيكس الصينية حاليا بتصنيع هواتف سلسلة "سمارت" و"هوت" في مصنع سيكو بأسيوط، والتي تمثل نحو 80% من مبيعات إنفينيكس في السوق المصرية. وأنشأت سامسونج مصنعا لأجهزة التابلت بقيمة 30 مليون دولار في مجمعها الصناعي ببني سويف.
ومؤخرا، أعلنت شركة أوبو الصينية عن خطة لإنشاء مصنع للهواتف المحمولة في مصر باستثمارات 30 مليون دولار وبطاقة إنتاجية 4.5 مليون هاتف سنويا، وبذلك يكون مصنع الشركة في مصر هو واحد من ضمن 10 مصانع تابعين للشركة حول العالم. وستبدأ الشركة الإنتاج الفعلي في المصنع خلال الربع الثالث من العام المقبل، ما يوفر نحو 900 فرصة عمل مباشرة. وجاء الاتفاق بعد ما يقرب من عام ونصف العام من المفاوضات، حسبما قال مصدر بإيتيدا لإنتربرايز. وتدرس أوبو، التي تعد من أهم اللاعبين في سوق المحمول المحلي، افتتاح مصنع لها في مصر منذ عام 2017.
ولكن الصناعة لديها الكثير من التحديات: هناك إجماع بين العاملين بالقطاع الذين تحدثت معهم إنتربرايز على أن أكبر عقبتين تواجهان المصنعين والمستثمرين المحتملين هما نقص المكونات المستوردة والإجراءات البيروقراطية. وقال غنيم إن قواعد الاستيراد الجديدة التي فرضها في وقت سابق أدت إلى نقص في هذه المدخلات. ولكن من المنتظر أن يبدأ المصنعون في تدبير احتياجاتهم بصورة أبسط خلال الفترة المقبلة بعد التوجيهات الجديدة للبنك المركزي الأسبوع الماضي والتي تستهدف إعفاء الصناعات الإلكترونية من شرط فتح الاعتمادات المستندية والاكتفاء بمستندات التحصيل، علاوة على التوجيهات التي تستهدف تسهيل تدبير العملة الصعبة للمستوردين. ومع ذلك، فإن الأزمة الحالية، هي سبب وجيه في النظر إلى الداخل وتوطين الصناعات المغذية ومدخلات الإنتاج حسبما ذكر رئيس مجلس إدارة مجموعة التوحيد لإنتربرايز.
ومن أبرز أخبار الصناعة خلال الأسبوع:
- المركزي يصدر قواعد جديدة لتيسير الاستيراد: أصدر البنك المركزي قواعد جديدة تهدف لتخفيف القيود على استخدام العملة الأجنبية في الاستيراد، في محاولة لحل أزمة تراكم البضائع في الموانئ.
- تعتزم شركة ريتشي الصناعية التايوانية ومجموعة العربي إنشاء مصنع لإنتاج ضواغط المكيفات (كومبروسر) باستثمارات قدرها 33 مليون دولار، ومن المتوقع أن يبدأ المصنع الإنتاج في 2024 بطاقة إنتاجية تبلغ 6 ملايين وحدة في غضون خمس سنوات.
- وقعت شركة رواد الهندسة الحديثة التابعة لشركة السويدي إليكتريك عقدا بقيمة 418 مليون جنيه مع شركة إيبيكو للأدوية، لإنشاء مصنع إيبيكو 3 لإنتاج الأدوية والبدائل الحيوية في مدينة العاشر من رمضان.
- تفتتح الشركة المصرية للمواسير والمنتجات الأسمنتية (سيجوارت) مصنعها الجديد لإنتاج فلنكات القطار السريع البالغة تكلفته الاستثمارية 8 ملايين يورو في الشهر المقبل، بطاقة إنتاجية 500 ألف فلنكة سنويا.