العودة للقمر تقود اهتمامات رحلات استكشاف الفضاء
عودة البشر إلى القمر لأول مرة منذ 50 عاما: تصدرت وكالة ناسا عناوين الأخبار في الأيام الأخيرة، بعد فشل محاولتين لإطلاق صاروخ أرتميس1 الذي يهدف للهبوط على سطح القمر، وهو ما يعطل خطط وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) للوصول إلى القمر.
بعيدا عن المشاكل التقنية، لدينا سباق فضاء جديد: ناسا لديها خطط طموحة لاستخدام القمر كنقطة انطلاق لاستكشاف المريخ وأماكن أخرى أعمق في الفضاء، كما تخطط لإعادة رواد الفضاء إلى سطح القمر بحلول عام 2025.
… وأرتميس جزء مهم من هذه الخطط: يعد صاروخ أرتميس تعاونا مشتركا بين كبسولة أوريون التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية والمصممة لنقل رواد الفضاء إلى القمر ثم المريخ، وصاروخ نظام الإطلاق الفضائي التابع لناسا وشركة بوينج. يحمل الصاروخ ثلاث مانيكانات بغرض الدراسة، ومن المقرر أن يدور حول القمر. وتعتبر الرحلة غير المحملة بالبشر تمهيدا لرحلات أخرى مأهولة في المستقبل.
استكشاف النظام الشمسي والمياه والشمول الفضائي على رأس طموحات ناسا الاستكشافية: أعلنت الوكالة عن خطط لإنفاق ما يقرب من 100 مليار دولار من أجل تحقيق هبوط آخر على سطح القمر، ويرجع ذلك جزئيا إلى اكتشاف المياه المتجمدة في الفوهات الصدمية على سطح القمر، كما سبق الإشارة. ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة الرحلات الأربع الأولى 4.1 مليار دولار لكل منها.
أرتميس يمهد الطريق لاستكشاف المريخ: من المتوقع إطلاق صاروخ أرتميس 2 في موعد لا يتجاوز عام 2024، وسيكون رحلة مأهولة تحمل البشر إلى أبعد نقطة وصلوا إليها في الفضاء على الإطلاق. أما رحلة أرتميس 3 فستحمل على متنها أول رائدة فضاء أنثى وشخصا غير أبيض، ومن المقرر أن تستغرق أسبوعا للوصول إلى القمر في عام 2025. الهدف من رحلات أرتميس تجهيز ناسا لإطلاق مهمة مأهولة إلى المريخ من محطة فضائية جديدة تدور حول القمر.
القمر = حجر رشيد الفضاء: رغم تراجع الاهتمام بالقمر بعد الهبوط على سطحه خلال الحرب الباردة، لا يزال العلماء يعتبرونه “حجر رشيد” بالنسبة لاستكشاف الفضاء، إذ يوفر معلومات أساسية حول نظامنا الشمسي ويعتبر أفضل مكان لدراسة أصول الكواكب وتطورها. ويهدف أرتميس إلى ترسيخ الوجود البشري طويل المدى على القمر، ما يجعله محطة وسيطة في الرحلات المستقبلية إلى الفضاء العميق والمريخ، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.
مياه القمر تساعد في توفير هواء للتنفس لرواد الفضاء ووقود للصواريخ: الماء عنصر أساسي في تجدد الاهتمام باستكشاف القمر، رغم أننا ما زلنا لا نعرف كمية المياه الموجودة أو مدى سهولة استخراجها. اكتشف العلماء المياه المتجمد لأول مرة في قاع الفوهات المظلمة على جنبات القمر أواخر عام 2009، وهو ما جعلهم يتكهنون بإمكانية استخدامه لتوفير هواء قابل للتنفس لرواد الفضاء، وكذلك فصل الهيدروجين لاستخدامه وقودا لدفع الصواريخ في المستقبل، وهو ما يجعل القمر قاعدة ونقطة انطلاق دائمة للرحلات المستقبلية إلى المريخ. ومن المقرر أن تبدأ أولى محاولات الحفر أواخر عام 2024 بواسطة المركبة الروبوتية فايبر (المركبة المتطايرة للاستكشاف القطبي).
متى كانت آخر مرة زرنا فيها القمر؟ تمثل بعثات أبولو التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة (1969-1972) آخر مرة زار فيها رواد الفضاء القمر، عندما نجحت 14 مهمة في الهبوط بأول إنسان على سطح القمر. الصخور التي جمعها رواد الفضاء خلال تلك المهمات هي الأساس الذي بنينا عليه فهمنا الحالي للنظام الشمسي والقمر، والذي يرجح العلماء أنه تكون نتيجة اصطدام جسم بحجم المريخ مع كوكب الأرض منذ 4.5 مليار سنة تقريبا. ومنذ آخر هبوط على سطح القمر، حولت ناسا تركيزها إلى المريخ وأقمار كوكب المشتري وزحل.
الصين وكوريا الجنوبية وآخرون لديهم طموحات قمرية أيضا: في يوليو الماضي، أطلقت بكين محطتها الفضائية الدائمة الجديدة تيانجونج، والتي يأمل الصينيون أن تحل محل محطة الفضاء الدولية التي ينتهي تشغيلها في عام 2031. وتعد الصين ثالث دولة ترسل رواد فضاء إلى الفضاء وتمتلك محطة فضاء دائمة بعد الولايات المتحدة وروسيا. وهناك مهمة دانوري الكورية الجنوبية، والتي انطلقت في طريقها إلى القمر بواسطة الصاروخ فالكون 9 التابع لشركة سبيس إكس، وستبدأ في الدوران حوله على ارتفاع 100 كيلومتر بمجرد وصولها في ديسمبر، بحسب موقع تك كرانش. وتحمل دانوري أدوات وكاميرات حساسة بما يكفي لرؤية ما بداخل فوهات القمر التي تحتوي على المياه المتجمدة.
روسيا تعيد إحياء برنامجها الفضائي لأول مرة منذ الاتحاد السوفييتي: يمثل المسبار القمري لونا 25، الذي يستهدف الهبوط على المنطقة القطبية الجنوبية للقمر خلال العام الجاري، عودة روسيا إلى القمر لأول مرة منذ عام 1976.
القطاع الخاص في الفضاء: تعد سبيس إكس التي أسسها الملياردير إيلون ماسك الشركة الخاصة صاحبة السبق في مجال استكشاف الفضاء، لكنها ليست الوحيدة، فهناك شركة الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون “فيرجن جالاكتيك“، وشركة بلو أوريجين التابعة لجيف بيزوس، والاثنتان حملتا أول مدنيين إلى الفضاء العام الماضي، وهو ما يعكس محاولات القطاع الخاص للاستفادة من صناعة الفضاء الجديدة.
هل تذهب مصر إلى القمر؟ الاهتمام بالفضاء آخذ في الزيادة في مصر، ففي أغسطس الماضي أصبحت سارة صبري (29 عاما) مهندسة الطب الحيوي ومؤسسة مبادرة الفضاء العميق أول مصرية تسافر إلى الفضاء. ومن المقرر إطلاق مدينة الفضاء المصرية هذا العام على مساحة 123 فدانا، وتشمل أكاديمية فضائية ومركز أبحاث ومتحفا ووكالة الفضاء الأفريقية. وبهذا تكون مصر واحدة من بين 10 دول فقط لديها مدن فضاء، ومن المتوقع أن تسهم بنسبة 10% في الناتج المحلي الإجمالي. ومع انطلاق الأكاديمية المصرية، ليس من الواضح ما إذا كان لديها خطط لإطلاق رحلات إلى الفضاء قريبا. ووقعت وكالة الفضاء المصرية في مايو مذكرة تفاهم مع وكالة الفضاء الوطنية بجنوب أفريقيا، وفي يونيو تعاونت الوكالة مع سبيس إكس لإطلاق القمر الصناعي للاتصالات نايل سات 301، بهدف توسيع خدمات التلفزيون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتوفير اتصال عريض النطاق للمناطق النائية والمشروعات الجديدة في مصر.