تغير المناخ يهدد مزارع الألبان في مصر
تغير المناخ يهدد مستقبل مزارع الألبان في مصر: تؤثر درجات الحرارة الشديدة على نمو الماشية وإنتاج الألبان ومعدلات التكاثر. وهذه أخبار سيئة لصغار مربي الماشية في مصر، الذين يشكلون الجزء الأكبر من قطاع إنتاج الألبان المحلي، وبعضهم يكافح بالفعل لكسب العيش وسط ارتفاع أسعار العلف بسبب أزمة الطاحنة للسلع الأساسية العالمية.
تمثل منتجات الألبان جزءا كبيرا من قطاعنا الزراعي، والطلب في نمو مطرد: تقدر قيمة سوق إنتاج الألبان بنحو 3.3 مليار دولار سنويا، وتشكل ثلث إجمالي قطاع الإنتاج الحيواني في مصر ونحو 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفق تقديرات منظمة العمل الدولية (بي دي إف). تنتج الماشية المحلية أكثر من خمسة ملايين طن من الألبان سنويا، وتغطي نحو 72% من احتياجات السوق، بينما يغطي الحليب المجفف المستورد النسبة المتبقية.
وتوفر مزارع إنتاج الألبان صغيرة الحجم أكثر من 80% من إجمالي الألبان المنتجة محليا، وتحتاج إلى زيادة طاقتها الإنتاجية لمواكبة السوق، إذ تدفع الزيادة السكانية وارتفاع الطلب على الحليب السائل في المناطق الحضرية عجلة نمو القطاع، وفق منظمة العمل الدولية.
لكن درجات الحرارة المرتفعة تعني إنتاجا أقل من الألبان: تعرض درجات الحرارة شديدة الارتفاع جميع الماشية إلى خطر الإجهاد الحراري، والذي قد يحد من شهيتها ويخفض معدلات التكاثر ويثبط أداء جهازها المناعي. الإجهاد الحراري مقلق أكثر بالنسبة للأبقار الحلوب، إذ يتسبب في "تأثير سلبي مباشر على إنتاج الألبان والنمو وكمية العلف الذي تتناوله والكفاءة الإنجابية ومعدل الإصابة بالأمراض"، وفق دراسة نشرت في نوفمبر الماضي شاركت فيها الدكتورة أميرة جمعة، عضو هيئة التدريس بكلية الطب البيطري بجامعة الإسكندرية. استنادا على أحدث التقديرات بشأن النمو السكاني والزيادات المتوقعة في درجات الحرارة، يرجح القائمون على الدراسة انخفاضا حادا في توافر الحليب المحلي خلال العقود المقبلة ليصل إلى 26 كيلوجرام للفرد بحلول منتصف ستينيات القرن الجاري، أقل من نصف ما كان عليه في عام 2011.
قال مربو ماشية لإنتربرايز إن ماشيتهم تنتج حليبا أقل مع ارتفاع درجات الحرارة. "أكثر ما يضايق المربيين هو قلة الإنتاج وهذا ما حدث نتيجة للتغيرات المناخية"، وفق ما قاله مالك شركة ومزرعة البقري للألبان ثابت البقري لإنتربرايز. ويقدر البقري أن تنخفض إنتاجية الألبان بنسبة تصل إلى 10% في حالة الحر الشديد، مضيفا أن التأثير هذا العام كان أشد قليلا من العام الماضي.
وهذا الصيف على وجه التحديد كان سيئا لبعض المربين: قال محمد مصطفى، مالك مزارع الشيخ محمد للألبان، إن إنتاج الألبان ينخفض عادة بنسبة 10-20% خلال فترات الحر، لكن إنتاج مزرعته هذا العام هبط بأكثر من النصف، مضيفا أنه لم يشهد ارتفاعا مماثلا في درجات الحرارة منذ عشرين عاما. "انخفض إنتاج مزرعتنا من 800 كيلوجرام إلى 300 كيلوجرام من الحليب يوميا بسبب الحر والحمى القلاعية"، بحسب ما قال محمد لإنتربرايز.
الإجهاد الحراري ليس التهديد الوحيد الناجم عن تغير المناخ الذي يواجهه القطاع: يؤثر ارتفاع درجات الحرارة أيضا على نمو أعلاف الماشية، وأي انخفاض في الإنتاج سيؤدي على الأرجح إلى ارتفاع في أسعار سوق الأعلاف العالمية. تستورد مصر أكثر من 70% من الأعلاف من أسواق من بينها من البرازيل والأرجنتين والولايات المتحدة وأوكرانيا. أي تأثير لتغير المناخ على إنتاج العلف في هذه الأجزاء من العالم سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج على مربي الماشية في مصر، بحسب ما قاله مساعد نائب وزير الزراعة السابق والخبير البيطري زغلول خضر لإنتربرايز. وعندما ترتفع التكلفة، يتجه المربيون إلى خفض كمية العلف لكل حيوان، وهو ما له آثار غذائية تلقي بثقلها على إنتاجية اللحوم والألبان، وفق خضر.
هوامش الأرباح التي يجنيها المربيون تتقلص بالفعل: ارتفاع أسعار الوقود على خلفية الحرب في أوكرانيا وارتفاع الدولار أدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن والنقل للمزارعين، وفي الوقت نفسه أخذت أسعار الأعلاف في الارتفاع، طبقا لخضر. ويقدر مالك مزرعة البركة لتسمين الماشية عمرو مجدي ارتفاع أسعار الذرة – التي تدخل في إنتاج العلف – بأكثر من 25% منذ بداية يوليو.
واضطر البعض إلى تقليل حجم نشاطه أو حتى إغلاقه تماما: تربية الماشية في مصر لم تعد مربحة بسبب الزيادات الكبيرة في تكاليف المدخلات، وفق ما قاله مالك مزرعة العناني أحمد حربي لإنتربرايز، فيما قال مزارعون آخرون إن ارتفاع الأسعار دفع بعضهم إلى إغلاق نشاطه نهائيا. خفض مصطفى محمد حجم قطيع الماشية لديه إلى 70 رأس ماشية من 300 رأس ماشية في السابق. "نخفض الأعداد عاما بعد عام مع ارتفاع التكاليف، وهناك مربيين أوقفوا نشاطهم بسبب قلة العائد"، بحسب ما قاله محمد.
كيف يمكن التعامل مع التحديات التي تواجه مربي ماشية إنتاج الألبان؟ "أفضل استجابة للتكيف مع هذه الظروف المناخية المعاكسة هي تطوير استراتيجيات إدارة مرنة والانتخاب الجيني لأنواع الماشية التي تتحمل درجات الحرارة المرتفعة"، بحسب ما كتبه مؤلفو الدراسة التي أجريت على إنتاج الألبان بمصر. ويقول صاحب مزرعة البقري إنه يمكن التغلب على درجات المرتفعة من خلال زيادة مساحات الظل وتحسين التهوية بمراوح أو رشاشات مياه في المزارع والتأكد من أن الماشية أمامها كمية مياه كافية في فترات الحر الشديد. ويشير خضر إلى أن حصول العجول على كافة التطعيمات اللازمة مهم لمقاومة الأمراض ومنع انتشارها. وفي السياق نفسه، تعمل الحكومة على زيادة إنتاجها المحلي من الحبوب العلفية في محاولة لخفض فاتورة الاستيراد المرتفعة وحماية القطاع من ضغوط التكاليف العالمية.
حل صديق للبيئة: قلل كمية الحليب واللحوم التي تستهلكها: تربية الماشية في حد ذاتها تساهم في تغير المناخ، وفق ما تشير إليه الدراسة، ما يعني أن انخفاض إنتاج الماشية "قد يقلل من التغيرات المتوقعة في درجات الحرارة". ويشير مؤلفو الدراسة إلى أنه سيكون هناك حاجة إلى إدخال اللحوم النباتية وبدائل منتجات الألبان في أنظمتنا الغذائية. وسيتطلب ذلك أولا إعادة تثقيف المواطنين حول قيمة بدائل اللحوم والألبان في نظامهم الغذائي، وتقديم المساعدة لمربي الماشية المصريين الراغبين في التحول إلى وسائل أكثر كفاءة لإنتاج الغذاء من أجل مستقبل آمن ومضمون، وفق الدراسة.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
- إيني تستهدف التوسع في قطاع الطاقة المتجددة بمصر: تخطط شركة الطاقة الإيطالية العملاقة لإنشاء مشروعات للطاقة المتجددة في مصر بقدرة 10 جيجاوات "في السنوات المقبلة".
- مصر واليونان تخططان لتنفيذ مشروعات طاقة متجددة بقدرة 9.5 جيجاوات: تعمل مصر واليونان على خطة لتوليد 9.5 جيجاوات من الكهرباء من خلال مصادر الطاقة المتجددة في مصر، ونقلها إلى أوروبا عبر اليونان.
- استعدوا للهيدروجين الأخضر: يعتزم جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك الإعلان عن الضوابط والقواعد المنظمة للاستثمار في مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر الشهر المقبل.
- إعادة تأهيل وإصحاح الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، بموجب بروتوكول ثلاثي وقع مؤخرا بين جهاز شؤون البيئة وأكاديمية البحث العلمى وشركة جبرتك.
- تخفيضات وإعفاءات للاعبين في إدارة النفايات: سيمنح جهاز تنظيم إدارة المخلفات تخفيضات على رسوم التراخيص للجمعيات الأهلية وجمعيات تنمية المجتمع المحلي العاملة في مجال إدارة النفايات، كما سيعفي الشركات متناهية الصغر من تلك الرسوم.