بلومبرج: عودة المستثمرين الأجانب لسوق الدين مرهونة بنتائج محادثات صندوق النقد وخطط خفض الجنيه
تضع المفاوضات المطولة بين مصر وصندوق النقد الدولي حول حزمة الدعم الجديدة جنبا إلى جنب مع مخاطر تخفيض قيمة الجنيه المزيد من الضغوط على سوق الدين المحلية، حسبما أفادت بلومبرج في أحدث تقرير ضمن سلسلة التقارير التي أصدرتها الوكالة حول عدم التوازن الخارجي الذي يهدد اقتصادنا. تراجعت مبيعات السندات المحلية المقومة بالجنيه بنسبة 38% على أساس سنوي خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الحالي، فيما لا يزال الدين المحلي من بين الأسوأ أداء على مستوى العالم هذا الربع، وفقا لبيانات جمعتها بلومبرج.
الضغط على الديون المحلية "من المرجح أن يسرع حاجة [مصر] للاتفاق على برنامج تمويل جديد مع صندوق النقد الدولي"، وفق ما قاله بول جرير، مدير الأموال لدى فيديليتي إنترناشونال والذي يوصي بتخفيض المراكز في الجنيه والديون المحلية المقومة به. وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مؤخرا إن المحادثات مع صندوق النقد الدولي التي امتدت لأكثر من خمسة أشهر وصلت "لمراحلها النهائية"، بينما يتوقع بنك بي إن بي باريبا أن تنتهي المفاوضات بحلول سبتمبر أو أكتوبر.
تحمل ألم تخفيض الجنيه على المدى القصير الطريق لمكاسب طويلة الأجل لاستثمارات المحافظ: سيدفع المزيد من خفض قيمة العملة التضخم إلى الارتفاع، لكنه قد يكون الطريقة الوحيدة لإعادة المستثمرين على المدى الطويل، وفق ما ذكرته بلومبرج. وقال أحد المحللين في لندن: "انخفاض آخر في الجنيه بنسبة 20% إلى جانب زيادة أخرى في أسعار الفائدة بمقدار 300 إلى 400 نقطة أساس ووضوح توقعات السياسة سيجعلني مهتما بتجارة الفائدة المحلية مجددا". وأضاف أن مثل هذه التحركات "ستساعد في استعادة احتياطيات سعر الفائدة الحقيقي وتحسين القدرة التنافسية وإعادة موازنة الحسابات الخارجية". وانخفض سعر الصرف الحقيقي – الذي كان الأعلى حول العالم – ليصل إلى -2.35% على خلفية ارتفاع التضخم لأعلى مستوياته في سنوات، في الوقت الذي تقود فيه الاقتصادات الرئيسية دورة التشديد النقدي العالمي والتي دفعت أسعار الفائدة في الدول الأخرى للارتفاع.
تستمر التكهنات بشأن خفض الجنيه: منذ تعيين حسن عبد الله محافظا للبنك المركزي بعد استقالة طارق عامر المفاجئة، انتشرت التكهنات بأن المركزي سيسمح للعملة المحلية بالانخفاض التدريجي على مدار الأسابيع والأشهر المقبلة، بدلا من الاتجاه إلى تعويم الجنيه الصادم كما كان في 2016. وسواء كان ذلك سريعا أو بطيئا، يتوقع معظم مراقبي السوق انخفاضا من خانتين بحلول نهاية العام، حيث يتوقع بنك بي إن بي باريبا أن يستقر سعر صرف الجنيه عند ما بين 23-24 مقابل الدولار بنهاية العام. ويتداول الجنيه حاليا عند 19.26 مقابل الدولار، بعد أن تراجع بأكثر من 20% منذ خفض قيمته في مارس.
من المقرر أن تصدر بيانات التضخم لشهر أغسطس في بداية الأسبوع المقبل. وسيعتمد البنك المركزي على تلك البيانات في قراره عندما تجتمع لجنة السياسة النقدية في 22 سبتمبر للنظر في إمكانية رفع أسعار الفائدة مجددا، بعد أن رفع أسعار الفائدة بالفعل بمقدار 300 نقطة أساس منذ مارس في محاولة لكبح التضخم.
أوضح مسؤولون حكوميون في وقت سابق أن مصر تخطط لتقليل اعتمادها على الأموال الساخنة لصالح الاستثمار الأجنبي المباشر وتعزيز الصادرات. وتعهدت دول الخليج بضخ أكثر من 22 مليار دولار في شكل استثمارات جديدة وودائع لدى البنك المركزي في محاولة لدعم اقتصاد مصر وسط الاضطرابات العالمية، كما تمضي الحكومة قدما في خططها لجذب استثمارات جديدة 40 مليار دولار من المستثمرين المحليين والدوليين عن طريق التخارج من بعض الشركات المملوكة للدولة على مدى السنوات الأربع المقبلة. إلى جانب ذلك، تعمل الحكومة أيضا على خطة أخرى لترشيد استهلاك الكهرباء في محاولة لزيادة صادرات الغاز وزيادة تدفق النقد الأجنبي.