يمكن أن نرى عالما دون تجارب على الحيوانات.. لكن ليس قريبا
بشرى سارة لمحبي الحيوانات: تكنولوجيا جديدة قد تمهد الطريق لإجراء الاختبارات الدوائية بعيدا عن الحيوانات. قد تكون التكنولوجيا القائمة على الخلايا البشرية، وهو مجال جديد يعرف باسم الأنظمة الفسيولوجية الدقيقة، هي المفتاح للتخلص التدريجي من الممارسة المثيرة للجدل المتمثلة في استخدام الحيوانات عند تطوير علاجات طبية جديدة، حسبما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز في مقال مطول (لكن رائع). على الرغم من أن المجتمع الطبي سيستغرق وقتا حتى يطمئن لبدء التجارب الإكلينيكية على البشر باستخدام البيانات التي يجمعها دون إجراء تجارب على الحيوانات، فإن ظهور هذه التقنية البديلة يعد خطوة مهمة نحو التحول عن اختبارات الحيوانات، حسبما قال ممثلو شركات الأدوية للصحيفة.
ما هي الأنظمة الفسيولوجية الدقيقة؟ بشكل أساسي، أعضاء بشرية مصغرة أو أنظمة عضوية نمت في المختبر. تستخدم الأنظمة الفسيولوجية الدقيقة نماذج تحاكي عمل الخلايا البشرية لمساعدة العلماء على دراسة الأعضاء وكيف تؤثر العوامل المرضية والمواد السامة على أدائها، ما يساعد على استبدال أو تقليل استخدام الحيوانات في هذه العمليات. وتشمل تلك النماذج الأورام السرطانية، التي تحاكي الأورام البشرية بصورة مصغرة في طبق معملي؛ وخلايا عضوية، وأنسجة الخلايا الجذعية التي تشبه الأعضاء البشرية المصغرة، وأعضاء حيوية على شرائح معملية، وكتل بلاستيكية مبطنة بالخلايا الجذعية، ودائرة كهربية تحاكي استجابة عضو أو نظام عضوي في جسم الإنسان.
حتى إلى جانب الفوائد الأخلاقية، هناك مزايا علمية رئيسية لاستخدام التكنولوجيا المصممة للتشابه مع الأنسجة البشرية: أظهرت القدرة المتزايدة للعلماء على محاكاة الجينوم البشري أن الاختبارات على الحيوانات لا تظهر بدقة نوع العلاج الطبي الذي سينجح على البشر، في كثير من الأحيان، على الرغم من أنها أنقذت "ملايين الأرواح" على مدار السنين، حسبما قال مسؤول بارز في شركة أسترازينيكا لصحيفة فايننشال تايمز. هناك الكثير من العلاجات التجريبية – خاصة علاجات السرطان – لم تدخل مرحلة التجارب الإكلينيكية حتى تم التأكد من سلامتها على الحيوانات، رغم أن هذه النتائج ليست لها "موثوقية مكتملة". وتفتح الأنظمة الفسيولوجية الدقيقة المجال لشركات الأدوية لاختبار التفاعلات بين الأنواع المختلفة من الأدوية على تلك الأنظمة التي تحاكي جسم الإنسان"، حسبما قال متخصصون بقطاع الأدوية للصحيفة.
تسمح الأنظمة الفسيولوجية الدقيقة بدراسة الأنظمة البشرية التي ليس لها مكافئ حيواني: من أصل 7 آلاف من الأمراض البشرية النادرة المعروفة، يجري حاليا دراسة نشطة لـ 400 فقط نظرا لعدم وجود نماذج حيوانية تسمح بالدراسة والاختبار الطبي، حسبما قال أحد الباحثين في شركة تعمل بنظام المحاكاة المصغرة للأعضاء البشرية على شرائح معملية لصحيفة فايننشال تايمز. وأضاف: "الأنظمة الفسيولوجية الدقيقة تملأ فراغا لا يوجد له مكافئ حيواني."
ويمكن أن تقلل التكاليف في جميع المجالات: في غضون خمس سنوات، يمكن للتكنولوجيا أن تقلل بشكل كبير من تكاليف البحث والتطوير، من خلال السماح بإجراء اختبارات بيولوجية حقيقية في وقت مبكر من عملية التطوير، كما يقول أحد الباحثين. وهذا من شأنه أن يعزز ربحية شركات الأدوية، ولكنه قد يقلل أيضا من تكاليف العلاج الطبي، حسبما قال.
الأنظمة الفسيولوجية الدقيقة لن تلغي الحاجة إلى إجراء اختبارات على الحيوانات بين عشية وضحاها، حسبما يقول العاملين بالصناعة. تلقت مجموعة الأدوية الفرنسية سانوفي مؤخرا الموافقة على إجراء تجربة سريرية للأدوية لعلاج حالة نادرة من أمراض المناعة الذاتية، استنادا إلى بيانات الشريحة المعملية فقط، حسبما ذكرت فايننشال تايمز. هذه "خطوة مهمة"، كما يشير عالم في جامعة جونز هوبكنز في المقال. لكن إقناع المجتمع الطبي الأوسع بالتخلي تماما عن التجارب على الحيوانات، والتي لطالما كانت جزءا أساسيا من ضمان أن الدواء آمن للاستخدام البشري، لصالح البيانات المأخوذة من شريحة قد لا يحدث قبل عقود على الأقل، كما يحذر متخصصون آخرون.