كيف يتعامل لاعبو التطوير العقاري والبنية التحتية مع بيئة التضخم المرتفعة؟
بعد مرور ستة أشهر من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، كيف تتعامل الشركات العاملة في مجال التطوير العقاري والبنية التحتية مع بيئة التضخم المرتفعة؟ تمكن عدد محدود من القطاعات من تجنب العواقب طويلة المدى للحرب الروسية المستمرة في أوكرانيا. الشركات التي تعمل في مجال التطوير العقاري والبنية التحتية، والتي تعتمد بشكل كبير على مواد البناء التي شهدت زيادات كبيرة في الأسعار، وقيود الاستيراد، ونقصا، وتمويلا باهظ التكلفة في الأشهر الأخيرة، ليست استثناء.
كانت بالفعل فترة صعبة: واجه قطاع التطوير العقاري بالفعل أزمة في وقت سابق من هذا العام مع انخفاض قيمة الجنيه وبدء التضخم في الارتفاع، كما أشرنا في عدد سابق من هاردهات. اليوم، ننظر إلى مدى تأثر القطاع، والعوامل المؤثرة وراء الكواليس، وكيف يمكن مواجهة هذه التحديات.
المشكلة الكبرى هي الارتفاع الهائل في التكاليف: بالنسبة للمطورين العقاريين، ارتفعت تكلفة البدء في مشروع جديد بما يقدر بنحو 40% منذ بداية العام بسبب تراجع سعر الجنيه، وارتفاع تكاليف التمويل، وارتفاع أسعار مواد البناء، وتكاليف العمالة، كما يخبرنا لاعبو القطاع. أدت تكاليف البناء المرتفعة إلى ارتفاع أسعار الوحدات أيضا بنحو 15-20% بالنسبة للعملاء. سجل التضخم السنوي في المدن المصرية 13.2% في يونيو، مع ارتفاع تكاليف المساكن والمرافق بنسبة 7.6% على أساس سنوي، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
مع ارتفاع التكاليف، تسعى الشركات جاهدة لإنجاز المشاريع بسرعة وتخفيف الأعباء المستقبلية: يبذل المطورون جهودا حثيثة لتنفيذ المشاريع في أقل وقت ممكن لتجنب الزيادات المحتملة في الأسعار في المستقبل وتقليل خسائرهم، كما يخبرنا المطلعون في الصناعة. ومع ذلك، لا يرغب المطورون في تحديد مواعيد نهائية ثابتة للمشاريع.
ورغم التحديات الحالية.. هناك مشاريع جديدة في طور الإعداد: انتهز مطورون عقاريون الفرصة لتعويض بعض خسائرهم من خلال زيادة عدد الوحدات التي يجري تشييدها بنحو 15-30%، بحسب فوزي فتح الله، رئيس شعبة البناء بجمعية رجال الأعمال المصريين.
لكن بعض المطورين خضعوا لضغوط التحديات المتزايدة لممارسة الأعمال التجارية: أوقف نحو 10-20% من المطورين العقاريين مشاريعهم نتيجة الضغوط المالية واللوجستية المتزايدة على الصناعة، بحسب محمد البستاني، رئيس مجلس إدارة جمعية المطورين العقاريين بالقاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة. وأضاف البستاني أن الكثيرين باعوا حتى مشاريعهم قبل البدء في البناء.
كان هناك دعم حكومي: منذ بداية الحرب وما تلاها من اضطرابات التجارة وزيادات الأسعار التي أثرت على الصناعة، استفادت الشركات المحلية من المبادرات الحكومية للتغلب على التأثير على أعمالها. تتضمن هذه السياسات تمديد لمدة ستة أشهر في المواعيد النهائية للتسليم للمطورين الذين يعملون في مشاريع في مدن جديدة، مما يمنحهم فترة سماح لمعالجة التأخيرات في جداول البناء الخاصة بهم بسبب الوباء وأزمة سلاسل التوريد العالمية.
لكن شركات القطاع الخاص تأمل في المزيد: يخبرنا البستاني أن الجهات الفاعلة في القطاع الخاص في مأزق إلى حد ما مع مواجهة رياح معاكسة كبيرة. ويضيف أن هذه الشركات تأمل في الحصول على بعض الدعم من الحكومة على عقود البيع والشراء التي من شأنها أن تحمل المشترين 10% من ارتفاع تكاليف البناء.
استمرت المشاريع القومية على الرغم من التحديات: استمرت المشاريع التي تمولها الحكومة والتي تم إنشاؤها في إطار مبادرة حياة كريمة دون انقطاع نسبيا خلال الأشهر الستة الماضية، على الرغم من ارتفاع تكلفتها، والتي قفزت من 260 مليار جنيه إلى 300 مليار جنيه، حسبما أخبرنا مدير المشروع ولاء جاد. يتضمن ذلك كل شيء من أعمال البنية التحتية وخطوط الصرف الصحي ومحطات الوزن. قال جاد إن العديد من هذه المشاريع تتطلب استيراد المكونات الرئيسية مثل المضخات والمعدات الكهروميكانيكية كي تعمل، والتي أصبحت أكثر تكلفة منذ بداية الحرب.
لكن جرى تأجيل بعض المواعيد المستهدفة: المرحلة الأولى من مبادرة حياة كريمة، التي ستشهد بناء نحو 1300 محطة صرف صحي و173 محطة معالجة، كان من المقرر في البداية أن تنتهي بحلول يوليو ولكن تأخيرات الاستيراد أدت إلى تأجيلها منذ ذلك الحين. وقال جاد إن الموعد المتوقع للانتهاء من المشروع هو ديسمبر المقبل.
المشروعات تسير على قدم وساق في الصعيد أيضا: مشاريع البنية التحتية في صعيد مصر مثل محور دراو في أسوان والمحور البديل لخزان أسوان لم تتوقف منذ اندلاع الحرب، حسبما قال أسامة حسين، المتحدث الرسمي باسم شركة المقاولون العرب، ولكن لا تزال هناك درجة من الاضطراب بسبب التأخير في وصول المعدات والمواد المستوردة.
المقاولون في المشاريع الوطنية يتمتعون بالتغطية: ينتظر الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء التعديلات على قانون تعويضات المقاولين لعام 2017، والتي من المتوقع الموافقة عليها في وقت لاحق من هذا العام، والتي ستساعد في حماية المقاولين من الصدمات الاقتصادية العالمية التي تضر بالصناعة. وأوضح محمد سامي سعد، رئيس اتحاد المقاولين، أن الحكومة تدخلت في السابق لدعم المقاولين خلال الأزمات المختلفة على مدى الأعوام العديدة الماضية، ويبدو أنها مستعدة للقيام بذلك مرة أخرى. وأضاف أن منح فترات سماح للشركات لإعادة هيكلة أعمالها وتسديد مستحقاتها، بالإضافة إلى تعجيل وزارة المالية بدفع المتأخرات للمقاولين، تأتي كلها كجزء من مزيج من السياسات التي ساعدت على حماية القطاع والملايين من العاملين فيه.
بشكل عام، لا يزال القطاع يتمتع بالقوة: لا يزال قطاع التطوير العقاري المحلي متماسك على الرغم من التحديات العالمية العديدة التي تهدده، بحسب تصريحات فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال المصريين، لإنتربرايز. وعلى الرغم من الأسعار المرتفعة عن المعتاد، فإن سوق العقارات في حالة جيدة وستتغلب على هذه الأزمة مثلما حدث خلال الجائحة وتعويم الجنيه في عام 2016، بحسب البستاني وفوزي.
لكن يبدو أن هذه التحديات ستستمر لفترة أطول: على الرغم من الانخفاض المتواضع في أسعار مواد البناء خلال الأسابيع الأخيرة، لا تزال الأسعار أعلى مما كانت عليه قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا. أضف إلى ذلك التضخم العالمي المرتفع واضطرابات سلاسل التوريد التي جعلت الحصول على بعض المواد أكثر صعوبة، كما يمكن أن ترتفع الأسعار مرة أخرى.
هل يمكن أن يصبح انخفاض الأسعار حقيقة واقعة؟ وسط التقلبات في أسعار جميع مدخلات البناء وندرة العديد منها، فإن "السعر العادل للعقار أصبح حلما بعيد المنال بالنسبة للمطورين العقاريين"، وفقا لما قاله البستاني لإنتربرايز. وأضاف: "لقد عقدنا عدة اجتماعات وكدنا أن نحدد سعرا مناسبا يحمي الشركات والعملاء على حد سواء ويضمن المنافسة العادلة، لكن الأزمة جعلت التكهن بالأسعار شبه مستحيل".
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- وقعت الهيئة القومية لسكك حديد مصر عقدا مع شركة تالجو الإسبانية لتصنيع وتوريد 7 قطارات نوم جديدة.
- تخطط الشركة القابضة للصوامع والتخزين المملوكة للدولة لإنشاء عشر صوامع قمح في الصعيد بسعة إجمالية تبلغ 600 ألف طن، بتكلفة 3 مليارات جنيه.