العالم يخفق في الوفاء بأهداف المستدامة
العالم يتخلف في التزامه بأهداف التنمية المستدامة. على مدى عامين متتاليين يعاني العالم من أجل إحراز تقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وافقت عليها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2015، وفقا لتقرير جديد لجامعة كامبريدج (بي دي إف). في مصر، تأخر التقدم بشدة عن تحقيق العديد من الأهداف السبعة عشر التى حددتها الأمم المتحدة في أجندة التنمية المستدامة لعام 2030. جائحة "كوفيد-19" بدءا من 2020 ثم الحرب في أوكرانيا هذا العام، حولت الانتباه بعيدا عن الأهداف المناخية وأهداف التنمية المستدامة، وهو تحول يقول التقرير إنه يبطئ الخطط الوطنية للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، ويقلل من حجم التمويل المتاح.
أين تقف مصر: تتواجد مصر في النصف السفلي في ترتيب المؤشر، حيث تحتل المرتبة الـ 87 من بين 163 دولة مسجلة 68.7 نقطة، وهو أعلى قليلا من المتوسط الإقليمي البالغ 66.7 نقطة. وهذا الترتيب يضعنا أسفل دول الإمارات العربية المتحدة، الأردن، عمان وتونس في الترتيب، وأعلى دول مثل قطر، السعودية، لبنان و الكويت.
الأخبار الجيدة أولا: تحقق مصر بعض التقدم في معظم أهداف التنمية المستدامة الأكثر أهمية. يشير التقرير إلى أن مصر اتخذت خطوات معتدلة للحد من الجوع وتحسين الصحة والرفاهية وحماية البيئة البرية، وزيادة النمو الاقتصادي وفرص العمل.
وعلى المسار الصحيح لتحقيق أهداف أخرى: يذكر التقرير أن مصر إما حققت أو تسير على الطريق الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأهداف المناخية، والحد من عدم المساواة، وتحسين الوصول إلى المياه النظيفة، وتعزيز الاستهلاك المستدام.
التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأخرى معطل أو يسير في الاتجاه المعاكس: يشير التقرير إلى تسجيل مصر قراءة متراجعة في عدد من المعايير الرئيسية، بما في ذلك معدلات الفقر المرتفعة، ونسبة مصادر الطاقة المتجددة المنخفضة في مزيج الطاقة في البلاد، والإنفاق الحكومي المحدود على الصحة والتعليم، والتهديدات المتزايدة للتنوع البيولوجي البحري.
الشيطان يكمن في التفاصيل: حتى ضمن الفئات التي تحرز فيها مصر تقدما، هناك جوانب لم يجر معالجتها، مما يؤثر على تقدمنا بشكل عام. في هدف القضاء على الجوع – على سبيل المثال – أشار التقرير إلى عدم إحراز مصر تقدما في التصدي لمشكلة السمنة.
تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة هو في الأساس مسألة استثمار في البنية التحتية والطاقة المتجددة ورأس المال البشرى، حسبما يرى التقرير. هذه الاضطرابات العالمية بالتحديد هي التي ساهمت في تباطؤ التمويل، خاصة في البلدان الفقيرة والمتوسطة الدخل التي تفتقر إلى آليات التمويل المناسبة لتنفيذ المشاريع، التي من شأنها أن تساعد في جعل هذه الأهداف حقيقة. "مفتاح تحقيق أهداف التنمية المستدامة، إلى جانب الحفاظ على السلام وخفض التوترات الجيوسياسية، هو وجود خطة لتمويلها"، وفقا للتقرير.
لعكس هذا الاتجاه، تحتاج الدول الغنية إلى تعزيز تمويلها للمشاريع المستدامة: تحتاج دول مجموعة العشرين إلى تخصيص المزيد من التمويل للبلاد النامية لتنفيذ المشاريع التي يمكن أن تعزز التنمية الاقتصادية وتحقق في نهاية المطاف أهداف عام 2030. ستحتاج بنوك التنمية متعددة الأطراف أيضا إلى زيادات القدرات من جانب الدول الغنية "من خلال رأس مال المدفوع" و"دعم أكبر لميزانياتها"، كما يقول التقرير. إعادة تمويل الديون، والمساعدة الإنمائية الرسمية، وإعادة النظر في القدرة على تحمل الديون من جانب مؤسسات الإقراض مثل صندوق النقد الدولي. من ناحية أخرى، يتعين على الدول النامية العمل على إدارة أفضل للديون وتحسين الجدارة الائتمانية من خلال إصلاح السياسة الضريبية، وإصلاح سياسة التصدير، وإدارة أفضل للسيولة، كما يقول التقرير.
سيتطلب ذلك نهجا أكثر استهدافا للاستثمار: المجالات الرئيسية التي حددها التقرير باعتبارها حاسمة لتحقيق النجاح لأهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 تشمل الإنفاق على التعليم والحماية الاجتماعية، وأنظمة الرعاية الصحية، والطاقة المتجددة، والإنتاج الغذائي المستدام، والبنية التحتية الحضرية المستدامة. والخدمات الرقمية الشاملة. للقيام بذلك، قد يتعين على البلاد الغنية زيادة عائدات الضرائب المحلية من خلال الضرائب التصاعدية، والاقتراض أكثر من بنوك التنمية متعددة الأطراف، وإعادة هيكلة الديون، والدخول في الاقتراض السيادي في أسواق المال الدولية.