ما هي إمكانات الطاقة الحرارية الجوفية في مصر؟
هل يمكن أن تستغل مصر الطاقة الحرارية الجوفية قريبا؟ لطالما كانت مصر رائدة إقليمية في إنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية، كما أِشرنا الأسبوع الماضي. يتجه الاهتمام الآن إلى التقنيات الناشئة مثل الهيدروجين الأخضر كأدوات جديدة لطموحاتنا في مجال الطاقة المتجددة. ولكن هناك نوع آخر من الطاقة المتجددة موجودا منذ فترة ويبدو أننا قد أغفلناه: الطاقة الحرارية الجوفية. بدأ بعض الباحثين والمسؤولين في النظر في ما إذا كانت هناك إمكانات طاقة غير مستغلة تحت أقدامنا.
لا تمتلك مصر طاقة حرارية جوفية في الوقت الحالي، ولكن هذا ليس مفاجئا عندما تفكر في أن اعتماد التكنولوجيا كان بطيئا في جميع أنحاء العالم. تقنية التقاط الحرارة الجوفية لتوليد الطاقة موجودة منذ أكثر من قرن، لكن 27 دولة فقط تستخدم حاليا الطاقة الحرارية الأرضية، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. تعد آيسلندا مثالا حيا لمصدر الطاقة المتجددة، حيث تستخدمه لتوليد نحو ربع احتياجاتها من الكهرباء ونحو 90% من متطلبات التدفئة الخاصة بها.
على المستوى العالمي، زادت سعة الطاقة الحرارية الجوفية بنسبة 2% فقط على أساس سنوي في عام 2020. وهذا أبطأ من المتوسط في السنوات الخمس السابقة، وأقل بكثير من النمو المكون من رقمين المطلوب لإنتاج طاقة حرارية أرضية كافية للمزيج المستهدف لتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.
تتطلع إحدى المبادرات المتعددة الأطراف إلى بناء الخبرة اللازمة لإنطلاق هذا القطاع على أرض الواقع هنا. يهدف مشروع بناء قدرات الطاقة الحرارية الجوفية في مصر، الذي جرى إطلاقه العام الماضي، إلى تقديم أول دبلومة محلية للخريجين في هندسة الطاقة الحرارية الجوفية، بالإضافة إلى إطلاق أول مصنع تجريبي تعليمي، ومختبرات الطاقة الحرارية الجوفية في الجامعات المصرية، وإنشاء جمعية وطنية للطاقة الحرارية الجوفية، بحلول عام 2024.
"سيوفر هذا المشروع الفرصة لبناء أساس معرفي هندسي، نظريا وعمليا، للاستخدام المستقبلي للطاقة الحرارية الجوفية في مصر"، وفقا للأكاديميين الذين يقودون البرنامج (بي دي إف).
المشاركون: هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة الحكومية، شركة جنوب الوادي المصرية القابضة للبترول التابعة لوزارة البترول، خمس جامعات مصرية بما في ذلك منسق المشروع جامعة القاهرة، والجامعات الأوروبية بولونيا وزغرب وبلد الوليد. كما انضمت الشركات الصناعية والهندسية التابعة للقطاع الخاص، ومنها شركة تيلور وإيكو فوريست الإسبانية، وشركة البنية التحتية المحلية، بنيان، والشركة الألمانية المصرية للاستشارات البيئية، جيورنكو إنترناشيونال. يجري تمويل المشروع من خلال منحة قدرها 957 ألف يورو من برنامج إيراسموس بلس التابع للاتحاد الأوروبي.
لكن إمكانات الطاقة الحرارية الأرضية غير موجودة في كل مكان. فهل لدينا إمكانات؟ تتركز الخزانات الحرارية الجوفية على طول حدود الصفائح التكتونية للأرض وتحتاج إلى الحفر واختبار إمكاناتها، تماما مثل خزان النفط أو الغاز، كما توضح إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. هنا في مصر، تكمن أهم مصادر هذه الإمكانات في خليج السويس والبحر الأحمر والصحراء الغربية، وفقا لدراسة جيولوجية في عام 2020 (بي دي إف) قام بها باحثون في جامعة الملك سعود وجامعة بنها في مصر.
لكن إمكاناتنا ليست كبيرة: كتب مؤلفو الورقة البحثية لعام 2021: "يمكن تصنيف غالبية موارد الطاقة الحرارية الجوفية في مصر على أنها ذات إمكانيات متوسطة إلى منخفضة". تقول الدراسة إن الأصول ذات درجات الحرارة المرتفعة اللازمة للإنتاج على نطاق صناعي قليلة ومتباعدة، بينما تشكل الموارد منخفضة الدرجة الجزء الأكبر من أصول السويس والصحراء الغربية ولا يمكن استغلالها لتوليد الطاقة بشكل كبير.
يقدر إجمالي إمكانات الطاقة الحرارية الجوفية للبلاد في نطاق 95-221 مليون كيلووات ساعة، وفقا لدراسة أجريت عام 2016 (بي دي إف). وبالمقارنة، فإن نحو 165.7 مليار كيلووات ساعة من الكهرباء المولدة لدينا تُنتج حاليا من خلال الوقود الأحفوري.
لكن هناك موقع واعد: منطقة الينابيع الحرارية في حمام فرعون في خليج السويس هي "أفضل منطقة مرشحة لتركيب أول محطة لتوليد الطاقة الجوفية في مصر"، كما يقول مؤلف الدراسة، مستشهدا بالإمكانيات العالية في المنطقة، وكذلك ارتفاع درجة حرارة الأرض. تقع المنطقة على بعد نحو 45 كم خارج السويس ويمكن أن تستوعب ما بين 12-20 ميجاوات من الطاقة الحرارية. لوضع ذلك في المنظور الصحيح، تميل أصغر محطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية على نطاق صناعي إلى إنتاج 10 ميجاوات، بينما تنتج محطة بنبان الشمسية العملاقة لدينا نحو 1.5 جيجاوات سنويا.
قد يكون هناك استكشاف للمنطقة: في أبريل 2016 ، وقعت جنوب الوادي القابضة وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة مذكرة تفاهم لاستكشاف إمكانات الطاقة الحرارية الجوفية حول خليج السويس، بما في ذلك حمام فرعون وعيون موسى، ولكن لم يتم تنفيذ أي عمل منذ ذلك الحين.
رغم أنها ليست مناسبة لمحطات الطاقة، إلا أن مواردنا الحرارية الجوفية المنخفضة لها قيمة للمجتمعات المحلية: "بعض تطبيقات الطاقة الحرارية الجوفية منخفضة الدرجة يجري استخدامها الآن في مصر في شكل تدفئة المناطق، وتربية الأسماك، والتطبيقات الزراعية والصوبات الزراعية"، بحسب تقرير 2021. إلى جانب استخدامها في غالبية البيوت الزجاجية (الصوب) في واحات الصحراء الغربية، فإن المياه الحرارية هي أيضا عامل جذب للسياح، سواء كمواقع للاستجمام أو للعلاجات الطبية.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
- طرحت شركة تمويلي للتمويل متناهي الصغر حزمة من المنتجات التمويلية الخضراء الموجهة نحو المشروعات الصديقة للبيئة في قطاع الزراعة. وستركز منتجات التمويل الجديدة على تقديم الدعم للمزارعين واصحاب المصانع الصغيرة.
- مصر والهند تنشئان مصنع هيدروجين أخضر بقيمة 8 مليارات دولار: وقعت عدد من الهيئات الحكومية مذكرة تفاهم مع شركة الطاقة المتجددة الهندية رينيو باور لإنشاء مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر باستثمارات تبلغ 8 مليارات دولار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.