ملتقى العمارة النيو كلاسيكية الأوروبية مع التصميمات الفرعونية
بوتقة تنصهر فيها الطرز المعمارية: كان حال العمارة في مصر خلال عشرينيات القرن الماضي يشبه حالها اليوم إلى حد كبير، إذ كانت تتألف من مجموعة واسعة من الأساليب التي يشار إليها غالبا باسم "الحقبة الجميلة" في البلاد. من الصعب تحديد الحركة المعمارية الأكثر انتشارا في عقد واحد، لا سيما في القاهرة خلال أوائل القرن العشرين، بسبب وجود العديد من الأساليب المتداخلة وبطء وتيرة التغيير المتأصلة في التنمية الحضرية. ولكن بشكل عام، كانت الاتجاهات الأوروبية النيو كلاسيكية أبرز السمات المادية المرتبطة بالمباني الكبيرة التي جرى تشييدها في القاهرة خلال ذلك الوقت.
تجديد وسط البلد في القاهرة نقطة انطلاق جيدة: في أواخر القرن التاسع عشر، وتحت حكم الخديوي إسماعيل، خضعت منطقة وسط القاهرة لعملية إعادة إعمار ضخمة بهدف "تحديث" المدينة من خلال جعلها تبدو أوروبية أكثر. عينت الحكومة مهندسين معماريين من أوروبا لتولي مسؤولية المشروع، الذي أراده الخديوي أن يحول القاهرة إلى "باريس على النيل". كانت النتيجة بناء العديد من عمارات وسط البلد على طراز معمار الفنون الجميلة الفرنسي، أو بإحياء الأسلوب الكلاسيكي الذي يشبه المدن الأوروبية إلى حد كبير.
عمارة جروبي: يطل المبنى الأيقوني على ميدان طلعت حرب في وسط البلد، ويمزج في تصميمه بين عناصر من فن الآرت ديكو مع نمط النيو كلاسيك الأوروبي المائل أكثر إلى التقليدية. شيد المبنى عام 1924، وسمي على اسم جياكومو جروبي، الحلواني الإيطالي الذي أسس المقهى الشهير. وصممه المهندس المعماري الإيطالي جوزيبي ماتزا، الذي كان مسؤولا أيضا عن تصميم عدد من العمارات الأخرى في وسط القاهرة وجاردن سيتي.
مبنى جامعة القاهرة: شُيد مبنى حرم جامعة القاهرة بالجيزة بين عامي 1925 و1937 على يد المعماريين إريك نيونام وأحمد شرمي، بأسلوب يتماشى أكثر مع الفترة الكلاسيكية الجديدة الأوسع والأكثر عمومية في العصر الخديوي خلال منتصف القرن التاسع عشر.
مبنى بنك مصر: يقع المقر الرئيسي لبنك مصر في وسط البلد، وقد تأسس عام 1927 من تصميم المهندس المعماري الإيطالي أنطونيو لاشياك، ويعد علامة معمارية أيقونية مستمدة من أسلوب الفنون الجميلة الواضح في معظم العمارات المحيطة، مع إضافة لمسة نيو استشراقية إليها.
ضريح سعد: شهدت عشرينيات القرن الماضي تجدد الاهتمام بماضي مصر القديم، وهي ظاهرة كان يُنظر إليها على أنها إحدى تداعيات المشاعر القومية التي رفضت التأثير الأوروبي على المجتمع. ويعد مبنى ضريح سعد زغلول الذي صممه مصطفى فهمي في أواخر العشرينيات عقب وفاة الزعيم الراحل في عام 1927، رمزا لكيفية تأثير الحركة الفرعونية على المعماريين المعاصرين. يحتوي التصميم على العديد من الزخارف الفرعونية مثل الأعمدة والجعرانات، إلى جوار تماثيل مستوحاة من البيئة المصرية القديمة.
عمارة الشواربي: تأسس مبنى عبد الحميد الشواربي باشا عام 1925، وجاء تصميم المهندس المعماري حبيب عيروط مستوحى من عمارة الفنون الجميلة والنيو كلاسيكية، ولكنه مطعم أيضا ببعض العناصر الفرعونية مثل تماثيل أبو الهول حول السطح الخارجي. .