توقعات واعدة للنمو في أفريقيا بقيادة الاقتصاد المصري
نمو الاقتصاد المصري سيمثل 17% من نمو القارة الأفريقية في 2022، وفق تقديرات تقرير (بي دي إف) أعده بنك التصدير والاستيراد الأفريقي (أفريكسيم)، والذي يبدو متفائلا بشأن آفاق النمو في القارة على المدى القريب، على الرغم من التحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد العالمي نتيجة تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.
كانت مصر موضع اهتمام تقرير البنك والذي يعزو النمو القوي في شمال أفريقيا إلى "الأداء الرائع" في مصر خلال العامين الماضيين. وجاءت مصر مع نيجيريا كأهم محركين للنمو في القارة بحسب توقعات التقرير لعام 2022. نما الاقتصاد المصري بمعدل 9% في النصف الأول من 2022/2021، وشهد الربع الثاني من العام المالي الجاري وحده نموا بمعدل 8.3%، متجاوزا التوقعات. وبلغ النمو 5.4% في الربع الثالث من العام المالي الجاري (الثلاثة أشهر المنتهية في 31 مارس 2022) مقارنة بـ 2.9% في الفترة نفسها من العام المالي الماضي، على الرغم من ارتفاع التضخم وصدمة أسعار السلع بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا. وبعد مراجعة المعدلات المحققة في الأرباع السابقة وعلى خلفية تداعيات الحرب، رفعت الحكومة توقعاتها لنمو الاقتصاد في العام المالي الجاري بأكمله إلى 6.2%.
هناك العديد من الأسباب وراء ذلك: الإصلاحات الهيكلية التي جرى تطبيقها في مصر قبل الجائحة "قضت على المبالغة في تقييم العملة، وعززت مناخ الأعمال لتقوية القدرة التنافسية". وكان قطاع الغاز الطبيعي المزدهر أيضا، والاستهلاك الخاص القوي، وزيادة التحويلات الخارجية، وتدفقات رؤوس الأموال، ضمن أسباب الأداء القوي للاقتصاد المصري، بحسب التقرير.
وليس البنك الأفريقي فقط، العديد من المقرضين الدوليين يتفقون مع هذه الرؤية: في أبريل الماضي رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى 5.9% في العام المالي 2022/2021، بزيادة 0.3 نقطة مئوية عن توقعاته السابقة في يناير، على الرغم من ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة. يأتي هذا في الوقت الذي خفض الصندوق توقعاته للنمو العالمي في عامي 2022 و2023 إلى 3.6%، بانخفاض عن توقعاته الأخيرة الصادرة في يناير بمقدار 0.8 نقطة مئوية لهذا العام و0.2 نقطة مئوية للعام المقبل.
التقرير متفائل حيال النمو الاقتصادي في القارة بأكملها وهو ما يرجع جزئيا إلى أداء العام الماضي: في عام 2021، بلغ النمو 6.9% في أنحاء القارة السمراء، ارتفاعا من 1.7% في العام السابق عليه. وبالمقارنة، بلغ النمو في الاقتصادات المتقدمة 5% فقط خلال العام الماضي.
ساعدت القروض من مؤسسات التمويل الدولية في صمود العديد من الاقتصادات الأفريقية: إنفاق صندوق النقد الدولي نحو 33 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة خلال النصف الثاني من عام 2021 كان له تأثير مهم على الاحتياطات الاقتصادية الكلية، وسيكون له مردود إيجابي على استقرار الاقتصاد الكلي والنمو على المدى القصير والمتوسط، طبقا للتقرير. في الواقع، سمحت هذه التمويلات للدول بتحسين حساباتها الجارية والمالية وحماية احتياطياتها من النقد الأجنبي، كما أوضح التقرير.
كانت التحويلات أيضا أحد أهم العوامل التي دعمت الاقتصادات الأفريقية: نمت تدفقات تحويلات الأفارقة من الخارج بأكثر من 11% خلال العام الماضي ومن المتوقع أن تواصل النمو خلال العام الجاري، وهو ما عزاه التقرير بشكل كبير إلى نمو حجم سوق العمل في أوروبا والولايات المتحدة.
هذا الأمر مهم للغاية بالنسبة لمصر، والتي تعد أكبر متلق للتحويلات في القارة، إذ بلغت التحويلات الخارجية القادمة إلى مصر مستوى قياسيا بلغ 31.5 مليار دولار في عام 2021، ونمت بمعدل 6.4% على أساس سنوي. وشكلت التحويلات إلى مصر ونيجيريا معا ما يقرب من 55% من إجمالي التدفقات إلى القارة خلال السنوات الثلاث الماضية.
التجارة أيضا عامل مهم. ذكر التقرير أن الشركاء التجاريين لأفريقيا سيلعبون دورا حاسما في دعم أداء القارة اقتصاديا خلال العام المقبل، ويبدو أن العديد منهم مستعد للقيام بذلك. تتجه الصين، التي تعد الشريك التجاري الأكبر للقارة، نحو مواصلة التحفيز النقدي والسياسة المالية التوسعية وهو ما يعني أن الطلب على السلع الأفريقية سيستمر في الزيادة. أشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن تنمو أحجام التجارة العالمية بمعدل 5% في عام 2022.
لكن لا تزال هناك تحديات في الطريق: من بين العقبات التي يمكن أن تقوض النمو الاقتصادي في أفريقيا التضخم، واضطرابات سلاسل التوريد التي تهدد الأمن الغذائي، وتشديد السياسات المالية حول العالم، والتي يمكن أن تقود إلى الركود التضخمي ونزوج تدفقات رأس المال إلى الخارج، طبقا للتقرير.
ورغم ذلك، تبدو التوقعات متفائلة: تشير توقعات النمو في القارة لعام 2022 إلى استمرار الصمود حتى في مواجهة الضغوط التضخمية المتزايدة والمخاطر الجيوسياسية، كما ذكر التقرير.