تحذير للشركات الناشئة: 2022 سيكون مليئا بعوائق التمويل
شركات رأس المال المغامر تحذر من تراجع زخم التمويلات عالميا: لا يخفى على أحد أن قطار تمويلات رأس المال المغامر قد بدأ يشهد تباطؤا على مستوى العالم، مع تأثير الأداء الضعيف لقطاع التكنولوجيا على قدرة شركات رأس المال المغامر على جمع التمويلات اللازمة، وهو ما انعكس بشكل سلبي على الشركات الناشئة، وفق البيانات التي نشرتها منصة كارتا. ومع انخفاض أسهم شركات التكنولوجيا واتجاه مؤشر ناسداك نحو ثاني أسوأ ربع منذ الأزمة المالية عام 2008، تحذر شركات رأس المال المغامر من أن الشركات الناشئة تنتظرها أيام سوداء.
الاستثمار في الشركات الناشئة اتخذ مسارا نزوليا خلال الخمسة أشهر الأولى من 2022، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وتجلى التراجع في مارس وأبريل (طبعا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا). وهوت استثمارات رأس المال المغامر بنسبة 20% و16.6% خلال مارس وأبريل، على الترتيب، طبقا لتقرير كرانش بيز. وفي مايو، بلغت استثمارات رأس المال المغامر 39 مليار دولار، وهو أدنى بنسبة 20% عن استثمارات مايو 2021، وفقا للتقرير.
ومن المتوقع أن يصل إجمالي الصفقات على مستوى العالم في الربع الثاني من العام إلى 6900 صفقة، ما يعد تراجعا بنسبة 22% مقارنة بنفس الفترة قبل عام، بحسب تقرير صادر عن سب بي إنسايتس. ومن المرجح أيضا أن تشهد الاستثمارات المتوقعة خلال الربع الثاني من 2022 انخفاضا بنسبة 19% عن الربع الأول من العام.
التضخم المستمر والصراعات الجيوسياسية تفاقم من التباطؤ، مع اتجاه البنوك المركزية حول العام لتقليص حزم التحفيز التي أطلقتها لمواجهة الجائحة التي تسبب في تضخم التقييمات. تسبب خفض الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس الشهر الماضي في موجة بيعية في أسواق الأسهم، بما في ذلك الشركات الناشئة، وما زالت تلك الموجة مستمرة حتى اليوم. وأعلنت شركة لايت سبيد فينتشرز بارتنرز أن "الازدهار الذي شهده العقد الماضي قد انتهى بشكل لا لبس فيه"، وأن العديد من الرؤساء التنفيذيين سيضطرون إلى خوض "مساومات كانت تبدو قبل بضعة أشهر فقط غريبة أو غير ضرورية".
في عام 2021 كان رأس المال المغامر يضخ الاستثمارات في الشركات الناشئة التي تخطط للاكتتاب العام، وهو ما أدى في النهاية إلى تخصيص 600 مليار دولار للشركات الناشئة على مستوى العالم، أي ضعف ما حصلت عليه في 2020.
التعافي من هذا الانكماش الاقتصادي سيستغرق وقتا طويلا، مقارنة بمراحل التعافي من الاضطرابات الاقتصادية السابقة، حسبما تشير شركة سيكويا كابيتال لرأس المال المغامر التي استثمرت مبكرا في جوجل وأبل. أما شركة واي كومبينيتور حاضنة الشركات الناشئة التي ساعدت في إطلاق أير بي إن بي وعدد كبير من الشركات الناشئة الشهيرة الأخرى، فأخبرت مؤسسي الشركات الناشئة التابعة لمحفظتها أن "يستعدوا للأسوأ".
عمالقة التكنولوجيا تنفذ تخفيضات في الوظائف بالفعل، وبعضها أوقف التوظيف تماما: أعلنت كل من شركات فيسبوك وسناب وأوبر عن قيود على التوظيف خلال الأشهر المقبلة، في حين أكدت شركتا روبن هود وبيلتون عدم استقبال موظفين جدد. وأعلنت شركة البرمجيات السحابية لايس وورك مؤخرا عن تسريح بعض الموظفين، وذلك بعد ستة أشهر فقط من تقدير قيمة الشركة عند 8.3 مليار دولار من قبل شركات رأس المال المغامر.
التذبذب في معنويات السوق يذكرنا بعام 2008، وهو قريب إلى حد ما من التداعيات الاقتصادية للجائحة في عام 2020. خلال أزمة 2008، أصدرت سيكويا كابيتال مذكرة بعنوان "وداعا للأيام الحلوة"، ناشدت فيها الشركات الناشئة خفض التكاليف وأن "تتحول إلى التدفق النقدي الإيجابي". أما في 2020، فنشرت الشركة مذكرة أخرى بعنوان "البجعة السوداء"، وهي المذكرة التي اعترف شركاء سيكويا بأنهم أخطأوا حين قللوا من شأن ما حوته بخصوص "استجابة السياسة النقدية والمالية التي أعقبت الجائحة"، والتي كانت تتمثل في ضخ الأموال في السوق وتحقيق الاستقرار بشكل مصطنع لمعدلات الاقتراض عن طريق شراء السندات.
أهم نصائح واي كومبينيتور والمستثمرين الآخرين لشركاتهم؟ انسَوا "النمو مهما كان الثمن". إذا كان بإمكانكم زيادة رأس المال عن طريق مستثمرين جدد أو حاليين، فانتهزوا الفرصة، وفق الشركة. ثانيا: على رواد الأعمال تحسين هوامش النمو، والحد من معدلات الإنفاق والحرق والتوظيف، وتمديد الفترة التي يمكن لشركاتهم الاستمرار دون تمويلات إلى أكثر من عامين في أقرب فرصة. أما شركة سيكويا فحذرت مستثمريها من أنهم إذا لم يخفضوا التكاليف، سواء كان ذلك من حصص التسويق أو البحث والتطوير أو أي مجال آخر، فإنهم سيواجهون خطر دخول "دوامة الموت".
ما الحل؟ في أوقات عدم اليقين، يتعين على مؤسسي الشركات إدارة دورات التدفق النقدي بحكمة، وتقليل معدلات الحرق، والتخطيط بذكاء فيما يتعلق بالنمو. "الرسالة التي أردنا توصيلها إلى المؤسسين هي أن هذا هو الوقت المناسب للشركات من أجل التألق، لأنه عندما يكون جمع الأموال واجتذاب الطلب سهلا على الجميع، لا ترى قدرا كبيرا من القوة والتميز لدى الشركات"، حسبما قالت ميشيل بيله الشريكة في قسم النمو بشركة سيكويا لشبكة سي إن بي سي، مشيرة إلى أن "ساحة اللعب أصبحت أكثر صعوبة، مما سيعود بالفائدة على الأشخاص الذين يعرفون كيف يستغلون هذه الفرص".